بعد النفط.. أردوغان يسرق “كهرباء ليبيا”
يركّز النظام التركي على قطاع الطاقة في ليبيا بصفة خاصة، إذ يعتبر مفتاح الهيمنة على الثروة الليبية، وأهم المنافذ التي يمكن له من خلالها التنفيس عن أزمته الاقتصادية. وفي هذا الإطار، تستعد شركات الطاقة الكهربائية، التابعة لنظام أردوغان، لمواصلة أعمالها المتعلقة بإنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الوفاق.
وأفادت شركة جاليك للطاقة الكهربائية أن أولى أعمالهم في ليبيا بدأت عام 2014، بإنشاء محطة الخمس للطاقة الكهربائية الواقعة على بعد 100 كيلومتر شرقي طرابلس، مضيفةً: “إنّ تسليم المحطة الكهربائية لوزارة الكهرباء الليبية جرت في عام 2018″.
وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب الليبي من الفقر، قام السراج والميلشيات المتحالفة معه بتقديم فرصة كبيرة لإنعاش الاقتصاد التركي المتعثر والتقليص من العجز الطاقي في البلاد، وذلك عبر إبرام اتفاقيات اقتصادية تشرّع الاستيلاء على ثروات البلاد مقابل مواصلة الدعم العسكري لـ”الوفاق”. الاتفاقية التي تنصّ على إقامة منطقة اقتصادية خالصة من الساحل التركي الجنوبي على المتوسط إلى سواحل شمال شرق ليبيا، سهّلت وضع اليد على ثروات ليبيا النفطية.
بالمقابل، حذّرت لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بالبرلمان الليبي من انتقال القتال إلى مواقع إنتاج وتصدير النفط في البلاد، إذ قال رئيس اللجنة عيسى العريبي: “إنّ انتقال القتال إلى مواقع إنتاج وتصدير النفط سيهدد بإتلاف المرافق النفطية، ويستحيل معها أية عودة سريعة للتصدير”.
وتعرضت المنشآت النفطية لعدّة هجمات وأعمال تخريبية، لكن في منتصف شهر شباط الماضي، أغلقت قبائل في المنطقة الشرقية والوسطى الحقول والموانئ النفطية، متّهمة “حكومة الوفاق” بإهدار ثروات الشعب على الحروب وجلب المقاتلين الأجانب.
ومثّل النفط شريان الحياة لليبيين، لكن “حكومة الوفاق” قامت بإهدار عائدات الثروة النفطية، حيث تعرضت تلك الموارد للسرقة من قبل قادة الميليشيات الذين راكموا ثروات هامة في ظلّ غرق بقية الشعب في فقر وحاجة منذ 2012.
ويعتبر إغلاق الحقول والمنشآت النفطية أخطر ضربة توجه لميليشيات “الوفاق” منذ العام 2011، خصوصاً أنها ناتجة عن حراك شعبي تقوده القبائل المؤثرة في مواقع الإنتاج والتصدير، والتي تتهم السراج والأجهزة الخاضعة له بتبديد إيرادات النفط في استجلاب المرتزقة وتهريب السلاح وتمويل الميليشيات و”أمراء الحرب” في محاولتها للتصدي لتقدم الجيش الوطني.
وقال العريبي: “إنّ ما يجري من صراع وحروب هو تعطيل للإنتاج والتصدير، وضحيته الشعب الليبي الذي سيعاني طويلاً من تداعيات التهور”.
ودعت اللجنة إلى وضع آليات تضمن التوزيع العادل للعوائد النفطية على كل الليبيين، وضمان عدم وصولها للإرهابيين.
ويتمسك شيوخ القبائل بقرار غلق الحقول والمصارف والموانئ النفطية إلى حين تشكيل حكومة موحدة قادرة على حماية مقدرات الليبيين وضرورة وضع حد للعبث القائم بمؤسسات الدولة المالية، وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي وجهاز الاستثمارات الخارجي.
وشنّ العريبي هجوماً حاداً ضدّ مؤسسة النفط الليبية، قائلاً: “إنّها تقوم بتمهيد الطريق أمام الاحتلال التركي لسرقة الحقول والموانئ النفطية”، ففي الوقت الذي كانت فيه مؤسسة النفط تردد في العلن أنها تثمن دور الجيش الوطني في حماية مقدرات الشعب، إلا أنها غضّت الطرف عن تهريب النفط في منطقة سيطرة “الوفاق” غير الشرعية.
ويتخوّف الليبيون من ضياع ثروتهم النفطية خاصة بعد توقيع مذكرة تفاهم بين رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان ورئيس “حكومة الوفاق” فائز السراج في تشرين الثاني سمحت لنظام أردوغان بالتدخل العسكري.
وأمام إصرار ميليشيات الوفاق على مواصلة هجومهم على مدينة سرت وقاعدة الجفرة بدعم النظام التركي، التي تتطلع إلى الهلال النفطي، أكد الجيش الليبي أن مقاتلاته استهدفت مجموعات من قوات الوفاق المدعومة تُركياً، إذ نُفذت ثلاث ضربات جوية في ما يُعرف “بكامبو” بالقرب من كوبري السدادة شرقي مدينة مصراتة، والواقع في منتصف المسافة بين تاورغاء وأبوقرين.
وكانت مقاتلات سلاح الجو التابع للجيش الوطني الليبي استهدفت، الأحد، رتلاً يتبع لقوات الوفاق في الصحراء شرق الشويرف، كما أعلنت شعبة الإعلام الحربي للقيادة العامة في وقت سابق عن استمرار إسقاط طائرات تُركية مُسيّرة في مختلف المحاور، حيث أسقطت واحدة منها الشهر الماضي في منطقة الشويرف غرب منطقة بوقرين.