مسابح بلا تعقيم ورقابة غائبة وبلديات غارقة في حسابات المصالح.. فأين المنقذ؟!
ما إن أعلن الفريق الحكومي فكّ الحظر وعودة المنشآت السياحية والأندية الرياضية والمسابح الإدارية، حتى راح رواد المسابح من كافة الأعمار وخاصة الأطفال بالبحث عن ملاذ ومتنفس، لتغزو الإعلانات صفحات التواصل الاجتماعي والشوارع عن دورات صيفية، لتعليم السباحة، وتبدأ النوادي الصيفية والمقاصف والمطاعم بتعويض ما فاتها منذ حلول فصل الصيف الذي يعدّ موسماً بالنسبة لها، حتى رياض الأطفال سارت مع الركب وأعلنت عن دورات سباحة!
النأي بالنفس
ومع أحقية أصحاب المسابح والنوادي بالاستثمار، إلا أن المشكلة تكمن بغياب الرقابة عن هذه المسابح، وخاصة المرخصة إدارياً، من قبل البلديات التي تنأى بنفسها عما يحدث من تجاوزات ومخالفات!!
ورغم الظروف الراهنة والحذر الشديد من انتشار وباء كورونا، لم تلتزم أغلب المسابح بالإجراءات، ولاسيما الإدارية منها الموجودة في ريف دمشق، حيث يفيد عدد من المواطنين بأن واقع المسابح لا يسرّ، وخاصة من ناحية التقيد بالشروط والمعايير المحددة والمطلوبة، فيما يتعلق بتقديم أفضل الخدمات ونظافة وفلترة المياه وتخصيص العدد الكافي من المدربين والمنقذين، عدا أسعار الدخول المحددة، مشيرين إلى أن قلّة قليلة من أصحاب المسابح تلتزم بالشروط من كافة النواحي المذكورة، في حين تضرب الأغلبية بعرض الحائط كل الأنظمة والتعليمات مستغلين غياب الرقابة، أو بالأصح تغيبهم من خلال مصالح شخصية أو جولات وهمية تنتهي قبل دخول حرم المسبح بلقاء المسؤول عن المتتزه أو النادي!
أسعار كاوية
ولم تكن أسعار دخول تلك المسابح متناسبةً مع الخدمات، حيث وصل اشتراك الشخص إلى 25 ألف ليرة شهرياً، والدخول اليومي بـ 1500 ليرة من دون تقديم أي خدمة. ولفت متابعون إلى ارتفاع الأسعار بطريقة عشوائية من دون ناظم محدّد، فكل مسبح يقوم بالتسعير بشكل اعتباطي، إضافة إلى عدم تقيد بعض المسابح بالشروط الصحية، ولاسيما المياه من خلال تبديلها وتعقيمها، متسائلين: أين دور الجهات الرقابية والصحية الغائبة تماماً عن هذه التجاوزات من حيث الخدمات المقدمة والمأكولات والمشروبات؟
ولم يغفل البعض عدم نظافة المشالح والحمامات في تلك المسابح، نظراً للأعداد الكبيرة من الرواد وغياب الاهتمام من القائمين على هذه المنشآت، كون الأهمية تتركز على الربح فقط، لافتين إلى أن المسابح لا تعلن عن الأسعار بشكل واضح وتختلف تلك الأسعار التي لا تتناسب مع القدرات المادية لشريحة كبيرة من المواطنين.
ويرى أصحاب المسابح أنهم يقومون بالتعقيم وتنظيف كل المرافق الموجودة في المسبح، لكن عدم التزام الرواد بالنظام والانضباط هو ما يؤدي إلى وجود بعض الفوضى أحياناً.
ويعتبر أحد الأطباء المختصين أن الكلور وحده ليس كافياً للتعقيم، بل على أصحاب المسابح تغيير المياه بشكل يومي وتعقيم الأسطح والمقاعد وحواف المسبح بشكل كامل وفق الإجراءات الاحترازية الصحية.
تجاهل وغياب
في حين يستغرب مواطنون تجاهل أصحاب الشأن والجهات المسؤولة عن تلك المسابح، وخاصة المحافظة والوحدات الإدارية المسؤولة بشكل مباشر عنها كون الترخيص من البلدية وعقود الدورات لابد من توقيعها من الوحدة الإدارية، إلا أن البلديات غائبة غياباً كاملاً عن هذه المنشآت لأسباب عدة حسب متابعين للشأن الخدمي الذين اتهموا بعض البلديات بالتواطؤ مع أصحاب النوادي والمنشآت لمصالح شخصية أو منفعة مادية فيتمّ التغطية على كل التجاوزات.
ولم تكن البلديات وحدها بعيدة عن عمل المسابح، بل ومديرية حماية المستهلك والشؤون الصحية أيضاً، حيث اعتبر معاون مدير الصحة في ريف دمشق إياد طجين أن انشغال كوادر الصحة بالتصدي لمرض كورونا واستنفار جميع العاملين في القطاع صعّب على المديرية القيام بجولات على كافة المسابح، موضحاً أن المديرية تقوم على الفور بإرسال دورية رقابة في حال تقدم أحد المواطنين بشكوى على أحد المسابح، آملاً من المواطنين تفعيل ثقافة الشكوى وبناء عليها سيتمّ محاسبة ومعاقبة أي مخالف.
وحسب تأكيدات المعنيين في المحافظة فإنه في حال وردت الشكوى يتمّ التعامل معها بالسرعة الكلية والتدقيق بها ومحاسبة المخالف، علماً أن مديرية المتابعة في المحافظة والرقابة تتابعان وتدققان عمل البلديات بشكل دوري.
ما خفي أعظم!
وفي النهاية، يتساءل مواطنون: إلى متى ستبقى الجهات المعنية تعتمد على مجرد الاستعراض الإعلامي أمام الكاميرات؟ وما خفي أعظم! وماذا عن البلديات التي تعمل وفق المصالح والمنافع الشخصية من خلال التباهي والتغني بجولات خلبية؟ وفي حال توجيه أي سؤال عن أي قضية أو مشكلة يكون الردّ: هل هناك شكوى؟ ليتحمّل المواطن وحده مسؤولية أي مخالفة!!
علي حسون