لو محبة العرس تدوم!!
“لو كانت محبة العرس تدوم كانت القيامة بتقوم”، هو مثل شعبي يقال عن علاقة الأزواج، أما اليوم فسيكون استخدامه بعيداً عن الأزواج والحياة الزوجية، سوف نطلقه على الحدث الأهم في هذه الأوقات، وهو انتخابات مجلس الشعب، فحال المرشحين اليوم كالشاب الذي يفرش وروداً لخطيبته أو حبيبته لإرضائها، وعند الجلوس على مقاعد الـ 250 في البرلمان تضيع الوعود وتذهب هباءً منثوراً، ويطير معها ألم الناس وهمومهم، و”يا محلا أيام ما قبل الانتخابات”.
بعد الانتخابات تبقى الوعود حبراً على اللوحات الطرقية لتكون بمثابة دليل على أحلام العيشة الهنية والأكل وانخفاض الأسعار.
قصة قصيرة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تثبت الكلام.. تقول القصة أن أحد أعضاء مجلس الشعب رشح نفسه للمرة الثانية، وقام بجولة في منطقته، وفي إحدى البلدات سأل المختار: ما هي مشاكلكم لكي أحلها على الفور؟ قال له المختار لدينا مشكلتان، الأولى نقص في مادة المازوت، ولا نستطيع تشغيل جراراتنا الزراعية، فقاطعه المرشح: ستحل فوراً، واستعمل هاتفه النقال واتصل بالجهات المعنية، وقال لهم: أنا النائب فلان الفلاني، “كل يوم تأتون بصهريج مازوت للمنطقة” وأغلق الخط، وأعاد الهاتف إلى جيبه، وتابع المختار: أما المشكلة الثانية فهي أننا لا نملك شبكة اتصالات في المنطقة”.
لم يستطع أعضاء مجلس الشعب للأسف أن يكونوا صمام أمان للناس من تقلبات الظروف والواقع السيْ المعاش، فما الذي استطاع فعله أعضاء المجلس لناخبيه في الأزمة الحالية، سواء على مستوى تنفيذ بعض الوعود أو إيجاد بعض الحلول للمشكلات اليومية للناس أو تحقيق الأمان المعنوي مع الناس.
اليوم لا يخلو أي جدار في الطرقات من صور ملصقة، واللوحات ترفرف بشعارات خارقة حارقة إلى جانب صورة شخصية للناخب الذي لم يستطع لغاية هذه اللحظة إقناع الناس بالحملة الانتخابية (وللمفارقة فقد علقت وألصقت الصور على اللوحات الطرقية التي تدل الناس للوصول إلى الجامعة على طريق غباغب – درعا)، وفي ذات الوقت تخلو القوائم المعلقة على الجدران من الأسماء الأنثوية، فهل سننتظر مجلس شعب بأسماء سيدات يمكن عدهن على أصابع اليد الواحدة؟
سأل طالب في كلية الطب، من سننتخب من هذه الشخصيات، فالصور لا تبشر بالخير، وتابع ساخراً: سأقيم سهرة ونجمع الصور ونختار الأجمل.. بالتأكيد لسنا بصدد القول: إن الجميل هو من يستحق وإنما أن تكون الحملة الانتخابية متناسقة مع مكانة هذا المجلس العريق، الجمال ليس بالشكل الخارجي، وإنما الجمال بالقلب، فكيف يكون إن كانت الثقة معدومة بهذا القلب؟
الحقيقة، ومن خلال هذه الحملات الانتخابية، وفي هذه الأيام تحديداً – وفي كل أماكن نحن في دمشق على موعد مع فوضى بصرية وضجيج ألوان يغطي جمال جدرانها وحدائقها والياسمين الدمشقي.
تداول بعض الأشخاص هاشتاغ مقاطعة الانتخابات لأنها لا تفيد بشيء، فمثلاً كتب أحد الأشخاص: “سأقاطع الانتخابات طالما معمل الإسمنت يسبب الأذى والمرض لضيعتي الجميلة”، وهناك من يطالب بتكثيف للقاءات المنتخبين من المرشحين في الإعلام للتعرف عليهم وإعطائهم الصوت، بما معناه أن يكون هناك خطة إعلامية أنجح.
وريثما نتبين وعود العرس ووعود المرشحين وصدق أفعالهم، ليس بيدنا إلا انتظار فرحة تسد حاجة بطن جائعة أو تحقيق حلم بغد أفضل للمواطن.
جُمان بركات