الانتخابات فرصة للمرشحين كي يكونوا على مستوى الأمانة التي حملهم إياها الشعب
لا يخفى على أحد أهمية الانتخابات كمحطة من محطات العمل الحزبي والسياسي، وتحديداً في هذه الظروف الراهنة التي يعيشها بلدنا، ونستكمل اليوم استطلاع آراء عدد من المثقفين والأدباء بهذه الانتخابات ومطالبهم للمرشحين الذين نطالبهم جميعاً بأن يكونوا مدركين لمسؤولياتهم، وأن يتمثلوا في برامج عملهم تطلعات السوريين الذين منحوهم ثقتهم وطموحاتهم بحياة تحفظ لهم كرامتهم.
صوت الشعب
ترى الكاتبة عبير غالب نادر أن الانتخابات حالة اجتماعية مجتمعية صحية وراقية عندما تحدث بطرق نزيهة ويجلس على كرسي البرلمان من يستحقه، ولكن في الحقيقة وعلى صعيد الواقع ترى نادر أنه نادراً ما نجد شخصاً مناسباً يجلس على كرسي مجلس الشعب ليمثل الشعب، فالأكثرية برأيها يجلسون لتنفيذ مصالحهم الشخصية، لذلك يدفعون عشرات الملايين لينالوا هذا اللقب، وحالما يجلسون على الكرسي ينسون برنامجهم الانتخابي، ومن المعروف أنه لا يترشح لمجلس الشعب إلا أصحاب رؤوس الأموال، مبينة أن المطلوب من مجلس الشعب بالدرجة الأولى أن يؤمن للشعب لقمة الخبز قبل أن يلتفت للثقافة، مع أن الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية، من هنا تكمن أهمية مجلس الشعب في أن يستمع للشعب وأن يشاركه همومه، وأن يكون معه وصوته وليس عليه. ويؤسفها كمديرة للمركز الثقافي في جرمانا أنها لم ترَ يوماً عضواً من أعضاء مجلس الشعب يزور مركزاً ثقافياً ليستمع لمطالب الشعب، وربما ستجعل ذلك سابقة في مركز ثقافي جرمانا إذا رضي أحد الأعضاء الجدد أن يستمع للشعب من خلال أحد صروح الثقافة. وبالنسبة للاستئناس الحزبي فهي ليس لديها أي فكرة عن مدى نزاهته، ولكنها تتمنى كما يتمنى باقي الشعب أن يصل إلى مجلس الشعب من هو أهل لهذا المنصب.
بين المسؤول والمواطن
ويبيّن الكاتب والباحث منيف حميدوش أن مجلس الشعب هو الآلية الدستورية التي يمكن من خلالها ردم الفجوة بين المسؤول والمواطن، وأن الانتخابات التشريعية تؤكد استمرارية الحياة الدستورية وانتظام عمل المؤسسات في سورية، على الرغم من الحرب العدوانية الشرسة التي قادتها أمريكا وأتباعها في الداخل والخارج. وهي رسالة للداخل بأن سورية وأبناءها هم الأقدر والأحرص على تقدم سورية وبناء مقومات الوطن، وتقديم الحلول المناسبة للخلل في أية مؤسسة من مؤسسات الدولة ورسالة للخارج مفادها أن إيمان الشعوب بأوطانها هو من يقرّر مسيرة الأوطان وسيرورة الحياة، وهي رسالة ديمقراطية للعالم المتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، مفادها هذه سورية بتاريخها وثقافتها ووعي شعبها وأحزابها تقدم للعالم صورة تحارب لأجلها، وأن مجلس الشعب هو الهيئة التي تمثّل السلطة التشريعية في البلاد من خلال إصدار المراسيم التشريعية. وعبّر حميدوش عن فخره واعتزازه به كمؤسسة ديمقراطية في البلاد وهو دليل تحضر هذا الشعب ووعيه السياسي، وأن ما يحتاجه –برأيه- هو تفعيل دوره وإعادته إلى المجتمع السوري بكل مهامه السياسية والخدمية والاجتماعية، ولن يلغيه –برأيه- تقصير شخص هنا أو إهمال مجموعة هناك، فهو باقٍ وهم راحلون، على أمل أنه في الأيام القادمة سيثبت دوره وأهميته في تأكيد الحالة الديمقراطية التي يعيشها الوطن، وإن كان هناك عدد من الانتقادات تجاه دور مجلس الشعب وفاعليته، وكذلك حول عدد من أعضاء المجلس الذين كانوا عبئاً على المجلس وعلى الشعب، إلا أنه سيبقى من رموز الوحدة الوطنية التي تُحَاربُ سورية لأجلها. ويؤكد حميدوش أن الانتخابات الحالية هي دليل واضح على صمود سورية وصمود مؤسساتها، وقد جاءت لترسيخ المبادئ القانونية التي تهدف إلى استمرار عمل المؤسسات في الدولة، موضحاً أنه مع بدء الاستئناس، وجّه الأمين العام للحزب الرئيس بشار الأسد كلمة لكوادر الحزب “أن يكونوا أمام مسؤوليتهم وأن يثبتوا قوة حزبنا من خلال التصاقه بقواعده الحزبية وتمثيله لأوسع الشرائح الشعبية، وتعبيره عن تطلعاتها”. وقد جاءت التجربة بأسلوب جديد وآلية عمل جديدة أبعدته عن الأفكار والقوالب الجامدة، وهذا ما أثبت دينامية البعث وتأقلمه مع كافة المراحل. وما يؤخذ عليها برأي حميدوش أنها جاءت في وقت لم يكن جسد الحزب في حالة صحية، ولم يتعافَ من بعض الخلل والعيوب التي لا تزال عالقة بفكره وأدبياته، وببعض ممارساته من خلال عدد من القياديين بين صفوفه، وليس من خلال أفكاره، دون أن يخفي حميدوش ظهور بعض حالات الخلل والفساد في الاستئناس الحزبي على مستوى الفروع من قبل ضعاف النفوس، وهذا ما أثر سلبياً على سمعة الانتخابات.
واجب وطني
وتشير الشاعرة رحاب إبراهيم رمضان إلى أن الانتخابات واجب وطني قبل أي اعتبار آخر، والمواطن من خلالها يمارس حق المواطنة، وهي تعبّر عن انتمائه وتماهيه في وطنه، فاستحقاق انتخابات مجلس الشعب يعتبر إنجازاً وطنياً ودستورياً وسياسياً كبيراً، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي مرت وتمرّ بها سورية، حيث المراهنات كبيرة على إغراقها في التخبط السياسي. ولكن إبراهيم متأكدة من أنه بحكمة قائدنا ووعي الفئة الكبيرة من الشعب ستسجل الانتخابات انتصاراً سياسياً جديداً وجدياً سيضاف ويعانق انتصارات جيشنا البطل، لذلك تطلب من أعضاء مجلس الشعب أن يكونوا على مصداقية كبيرة وعالية مع الشعب الذي سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في الموعد المحدّد، متمنية ألا يبتعدوا ويواربوا بوعودهم وبرامجهم الانتخابية التي تعهدوها، وألا يشغلهم المنصب عن تحقيق وتقديم المساعدة لكل من وضع بهم الثقة وأعطاهم صوته، وألا تشغلهم أمورهم الخاصة عن خدمة بلدهم الذي هو بأمسّ الحاجة لهم، مبينةً أن الاستئناس الحزبي وإن كان تجربة جديدة ولها مصداقيتها لأن المرشح يتمّ اختياره من قبل رفاقه الحزبيين، إلا أنها لم تطرح وتلد وجوهاً ودماء جديدة برأيها، لأن بعض الفائزين داوروا المجلس لدورات متتالية وجاوزوا سن التقاعد بسنوات عديدة ولم يقدموا للشعب شيئاً ملحوظاً وجوهرياً.
أمينة عباس