بانتظار عودة التسهيلات الائتمانية.. مصارف تنفي تساهلها بمنح القروض الاستثمارية
شهر ونيف ولا تزال عميلة منح القروض من المصارف العامة متوقفة بناءً على تعميم المصرف المركزي الذي طالب بوقف منح القروض بكافة أشكالها، حيث تمّ توجيه المصارف الخاصة والعامة بـ “التريث في عمليات منح أو تجديد التسهيلات الائتمانية” حتى إشعار آخر، وذلك بناءً على توجيهات رئيس مجلس الوزراء، واستند القرار إلى خلفيات عدة أهمها إعادة هيكلة الإجراءات الناظمة لعملية المنح من جهة، والحدّ من تحوّل أموال القروض إلى سوق المضاربة على سعر الصرف من جهة أخرى.
وعلى الرغم من أن القرار يساهم في ضبط سعر الصرف جزئياً، ولاسيما بوجود بعض القروض التي تخلو تعليماتها التنفيذية من المتابعة والرقابة لتنفيذ غايتها بعد المنح، وتمكّن أصحابها من استغلالها في المضاربة كالقرض الإنمائي – على سبيل المثال – والذي سبق أن أشرنا إليه في مرات سابقة بوصفه “القرض المفسد”، فإن مصارف أصرّت على العمل به لتسييل سيولتها الفائضة مكتفية بوجود ضمانات عقارية كافية تضمن حق المصرف، ومتغافلة في الوقت نفسه عن إمكانية تسرّب الأموال لغاية أخرى بغياب الرقابة بعد المنح، إلا أن القرار من جهة أخرى أدى إلى شلل في نشاط المصارف واكتفائها بأعمالها الروتينية، وتأجيل مرحلة إعادة الحياة إلى منشآتنا الإنتاجية ومشاريعنا التنموية إلى إشعار آخر نحن بأمسّ الحاجة إلى تفعيلها في وقتنا الراهن للتصدي للتحديات الاقتصادية القاهرة.
تقليل الأرباح
من المتوقع أن يقلّل هذا القرار من أرباح المصارف والتي تُقدّر وسطياً بحسب حجم المبالغ الممنوحة سنوياً في نهاية العام الحالي، ولاسيما أنه سبق هذا القرار قرار آخر أوقف المنح مؤقتاً خلال أزمة كورونا تجاوز الشهرين، ما يعني تأثر أرباح المصارف خلال الربع الثاني من العام الجاري، ولفت بعض المصرفيين إلى إمكانية استدراكها بفتح قنوات تسليفية جديدة وإعطاء المزيد من التسهيلات الائتمانية لطالبيها، ولكن واقع الأمر يشي بخلاف ذلك ولاسيما أنه تمّ الترويج لدراسة المركزي لضوابط وإجراءات أكثر صرامة من سابقتها في شروط المنح ما يؤدي بالنتيجة إلى تقليص حجم الفئات الممولة لاحقاً، وتضييق قنوات تسييل السيولة المتراكمة أساساً في المصارف والتي شكّلت عبئاً حقيقياً سعت الجهات المعنية لمعالجته بدفع المصارف إلى ابتكار قنوات ائتمانية بتسهيلات إضافية بغية سهولة تدفق الأموال إلى مشاريع استثمارية وإنتاجية لدعم حركة الاقتصاد والإنتاج، وبالتالي يبدو أن عدم وضوح الحلول الاقتصادية ومعالجة تذبذب سعر الصرف بعيداً عن آليات وشروط التمويل سيحمل تحديات عدة -بحسب رأي المصرفيين- أمام الراغبين بالحصول على تمويل لمشاريعهم الإنتاجية والاقتصادية، ولاسيما أن الضوابط المتّبعة تماثل الصيغ المعمول بها في عدة بلدان.
آثار سلبية
بدورها نفت بعض المصارف العامة، ومنها التجاري، ارتباط القروض بسوق المضاربة، حيث نفى تساهل المصرف بمنح القروض الاستثمارية والتي تُصرف بسقوف مرتفعة، إذ تتطلّب هذه القروض دراسة معمّقة والتزام العميل بكافة التعليمات الناظمة لها، كما يطالب العميل بتقديم دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروعه، ويتمّ المنح على دفعات بعد كشف خبراء المصرف على مراحل تنفيذ المشروع على أرض الواقع ليصار إلى صرف الدفعات التالية بقيمة 50% من قيمة القرض، إضافة إلى التسهيلات الدوارة والتي تتمّ في نهاية كل عام والتي بنى عليها المركزي تخوفه، فإن المصرف يقوم بالكشف الحسي على المشروع قبل عملية التجديد. وأشار المصدر إلى عدة آثار فنية سلبية ناجمة عن قرار وقف المنح طالت طالبي القروض، وخاصة ممن وصل منهم إلى مراحل متقدمة من معاملته المصرفية، حيث تمّ دفع العمولات اللازمة وإنهاء عمليات الرهن العقاري ووضع إشارة على العقار المحدّد، كما تمّ توقيع الكفلاء على صك الكفالة وإعلام محاسبي الإدارة بذلك، وبالتالي حرمان الكفلاء من فرص الاستفادة من القروض مجدداً.
فاتن شنان