اقتصادصحيفة البعث

نحو تحقيق تنمية متوازنة مستدامة…  إطلاق “الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي 2035”

دمشق – مادلين جليس

تأتي أهمية التخطيط الإقليمي من كونه أهم الاستراتيجيات التي تساهم في تحقيق التنمية والتنمية المستدامة، وتحقيق التكامل بين مختلف القطاعات والأقاليم، إضافةً إلى أنّ الخطة الإقليمية هي الخطة القادرة على إعطاء أنسب إطار يمكن في حدوده تحقيق أعلى معدلات للتنمية.

من هنا برزت الحاجة إلى إطلاق وثيقة وطنية تعكس الرؤى والتوجهات التنموية على كامل أراضي الجمهورية العربية السورية، فكان إطلاق “الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي 2035” ضمن ورشة عمل أقامتها هيئة التخطيط الاقليمي في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق.

وتركّزت محاور الورشة حول عدة استراتيجيات، منها الاستراتيجية الديموغرافية، واسترتيجية التنمية العمرانية، واستراتيجية الربط الإقليمي ولوجستيات النقل، واستراتيجية الموارد المائية، واستراتيجية الصناعة واستراتيجية الزراعة واستراتيجية الطاقة واستراتيجية التراث الثقافي والتراث الطبيعي، واستراتيجية السياحة، والاستراتيجية البيئية.

اختلالات تنموية واضحة

الدكتورة ريما حداد رئيس هيئة التخطيط الإقليمي أكدت  في تصريح خاص ل”البعث” أنّ الهيئة انطلقت من تشخيص الوضع الراهن، فقد تمّ جمع البيانات قبل الأزمة والآن تمّ بذل جهد كبير لتحديث هذه البيانات وإعطاء تشخيص دقيق للوضع الراهن للبلد.

وأشارت حداد إلى أنّ أكثر ما تمّ لحظه هو الاختلالات التنموية، سواء بتوزيع السكان أو التأثير على الموارد  أو بالهجرات التي أثرت بشكل سلبي، ومن هنا يسعى الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي لإعادة هذا التوازن وتوزيع التنمية والاستفادة من الموارد المتاحة وإعطاء التخصص لكل إقليم بما يخص الموارد، فكل إقليم يتميز بموارد، وهذا التميز يفترض طبيعة التنمية الموجهة له.

وبيّنت حداد أنّ الخطط التنموية السابقة كانت توضع بشكل قطاعي، وكان يتم طرح الاستراتيجيات في قطاع ما دون النظر للقطاعات الأخرى لكن الإطار الوطني يحقق التكاملية والتوازن بين القطاعات، بحيث لايتم وضع استراتيجية مؤثرة بشكل سلبي في الاستراتيجيات الأخرى.

استثمارات مثلى

مدير البحث العلمي في جامعة دمشق الدكتور غيث ورقوزق بيّن أن الفكرة الأساسية في الإطار أن يتم وضع الخارطة المكانية وخارطة الكمونات الطاقية الموجودة في سوريا، سواء كانت شمسية أو ريحية وبناء على ذلك تم وضع الخريطة التي تحدد الكمونات الشمسية والريحية في كل منطقة، بحيث يستطيع كل مستثمر وكل شخص معرفة مناطق مشروعه والجدوى الاقتصادية منه. وأوضح ورقوزق أنّ المستثمر كان في السابق يطرح استثمار حسب رغبته وإمكانياته المادية دون النظر  للمحاور الأخرى، لكن ضمن الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي كل محور مرتبط بالمحاور الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والثقافية وغيرها.

وأشار الدكتور غيث إلى أهمية وضع خريطة للكمونات الأكثر قابلية للاستثمار مع توفر مصدر طاقة دون التأثير على باقي المحاور العمرانية ودون التأثير على التلوث البيئي ويكون قريباً من الشبكة الكهربائية العامة، ويعتبر نقطة تنمية من حيث العمال الذين سيعملون به  معالجة الإنزياحات.

ويبدو التوجه السوري واضحاً نحو التخطيط بحسب ما أشارت معاون وزير الأشغال العامة والإسكان المهندسة ماري كلير التلي التي أكدت على أهميته  لمعالجة الانزياحات المكانية والأضرار المادية وتآكل الأراضي الزراعية واستهلاك الموارد الطبيعية، التي أفرزتها انعكاسات الحرب على سورية، ومن هنا برزت أهمية  التركيز على منهج التخطيط الاقليمي وربطه بإعادة الإعمار والتنمية المستدامة.

استدامة مائية

وعلى أهمية توفير مصادر مائية وتحقيق استدامة متوازنة في هذه المصادر، تبرز الحاجة إلى وضع استراتيجية وموازنة مائية مستقبلية حتى العام 2035، كما أكدت الدكتورة مريم عيسى “هيدرولوجيا الموارد المائية”.

وبيّنت عيسى أنّ الاستدامة تعني التوازن مابين الموارد المتاحة والموارد المائية المستخدمة، مشيرة إلى أنّ المقصود بالموارد المستخدمة هي قطاع مياه الشرب وقطاع الزراعة وقطاع الصناعة والطاقة أحياناً، وتحقيق التوازن يعني التوصل إلى توافق بين الاستخدامات والموارد المتاحة.

كذلك أكدت الدكتورة عيسى أنه وعلى مستوى سورية لدينا فائض مائي في حوض الساحل وحوض الفرات، ففي حوض الساحل طبيعة الهطل المطري له دور أساسي في هذه الوفرة، ولأن الهطل أكبر من التبخر، لذلك أصبح المياه كميات المياه وفيرة، ومع ذلك يوجد عجز مائي في الساحل في فترة الصيف، الأمر الذي أرجعته عيسى إلى سوء استخدام الموارد المائية.

يذكر أن إقرار وثيقة الإطار الوطني من قبل المجلس الأعلى للتخطيط الإقليمي تمت في آذار الفائت 2022، ويهدف الإطار الزطني للتخطيط الإقليمي 2035  إلى ربط الأقاليم التخطيطية بشبكة محاور  تهدف إلى تعزيز العلاقة التنموية التكاملية للأقالين، وإلى تحقيق التوازن الديموغرافي على المستوى الوطني والتخفيف من ظاهرة المدن المهيمنة، كما يهدف إلى توجيه الخطط التنموية القطاعية وفق موارد كل إقليم وحمولته وخصوصيته، وبما يحقق المشاركة المجتمعية في عملية التنمية.