“الإصلاح الإداري” هياكل فارغة ما لم تخلق البيئة المناسبة للتنفيذ
دمشق – حياه عيسى
تعوّل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كثيراً على أولوية تفعيل عملية الإصلاح الإداري التي تعدّ إستراتيجية اجتماعية واقتصادية، وترتبط ببيئة منفتحة فكرياً وتحتمل النقد والفكر والحوار، حتى تؤتي تلك الإجراءات والخطط الإصلاحية والإدارية ثمارها، ولأن من الممكن أن تتحوّل الإجراءات إلى هياكل فارغة تقدّم الشكل في الإصلاح ولا تصل للجوهر فتفرغ من محتواها، لذلك لابد من إيجاد بيئة تحافظ على توازن ونزاهة تلك الخطوات في خططها التي تحمل صعوبات كبيرة على أصحاب المصالح الضيّقة والمستفيدين من الطرق التقليدية في القطاعين العام والخاص.
ولهذه الأسباب يصرّ مدير التنمية الإدارية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وسام إبراهيم، في حديث لـ “البعث”، على تهيئة البيئة في ظل التحديات الراهنة والتخفيف من الفساد والمساهمة في الدخول إلى عصر المعلومات والمعرفة وخدماتها، وتسدّ الثغرات الإدارية المتزايدة فساداً وترهلاً وإنقاصاً في قيمة العمل والجهد الإنساني، بالتزامن مع إعداد القيادات الإدارية وتطوير خبراتها باستمرار، وتصنيع وتدريب وتأهيل إداري متطور ومتخصّص من خلال الاستعانة بكوادر مختصة، ونشر ثقافة المعرفة الإدارية وتوجيه الشباب نحو فرص العمل المتاحة.
وتابع إبراهيم: إن أي عملية تطوير يجب أن تعكس قيمة مضافة للخدمة التي سيتلقاها المواطن بشكل عام أو الشريحة المستهدفة بشكل خاص، ولاسيما في ضوء تقديم الخدمات للعديد من الشرائح من الفئات الأكثر هشاشة (أيتام، ذوي إعاقة، فاقدي الرعاية الأسرية..)، عن طريق مراكز التنمية الريفية، القطاع الأهلي، الوافدين إلى سوق العمل، للقيام بعملية تطوير الهياكل الإدارية وتقديم قيمة مضافة من خلال تبسيط الإجراءات وترشيق البنية الإدارية لتخفيف عدد العمليات اللازمة لإنجاز المعاملة أو تقديم الخدمة.
وأوضح مدير التنمية أن الوزارة مهيأة عملياً لتطوير المورد البشري وتنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي رتّب التزامات وأعباء على الجهات العامة لمواكبة تطوره، علماً أن الكوادر الإدارية دائماً بحاجة تطوير وتحديث للمعلومات وآليات التعامل والتماشي مع عملية التنفيذ، والتي تعدّ أحد سياسات الموارد البشرية وتمتلك خطط تأهيل وتدريب والتعرف على المستجدات لتدريب العاملين على أساسها، كونها آليات عمل جديدة تستوجب تدريب الكادر البشري، فالمشروع الوطني للإصلاح الإداري أطلق في عام 2016 كفكرة عامة وشكّلت وزارة التنمية مسارها الصحيح بعد صدور القانون 28 الذي حدّد مهامها والبنية التنظيمية لها من حيث المراكز الموجودة، علماً أن الجهات العامة تضمنت وحدات تنظيمية متفرقة وتحتوي نوعاً من العمالة ليست ملائمة للمساهمة في تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري، من هنا جاء دور وزارة التنمية الإدارية لجمع تلك الوحدات التنظيمية المشتركة من حيث الهدف في مديرية واحدة أطلق عليها مسمّى (مديرية التنمية الإدارية)، ففي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تمّ إحلال مديرية التنمية الإدارية محل الوحدات التنظيمية التي تقوم بمهام (الموارد البشرية، التنظيم المؤسساتي، التأهيل والتدريب، الديوان العام) للقيام بمهامها لتنفيذ المشروع آنف الذكر من خلال التعاون مع وزارة التنمية، علماً أنه تمّ إطلاق البرنامج التنفيذي للمرحلة التحضيرية في 18/ 2/ 2020 وتمّ تعليقه نتيجة الإجراءات الاحترازية المتعلقة بالتصدي لمنع انتشار فيروس “كورونا” تفادياً لانتشار الوباء، لغاية 9/ 5/ 2020، علماً أن الوزارة قد أمنت جهوزية مديرية التنمية الإدارية لتنفيذ المطلوب.
ولفت مدير التنمية إلى أن كل وزارة مطلوب منها تشكيل فريق عمل يعتبر الفريق التنفيذي لتنفيذ المشروع، علماً أنه ليس المشروع الوطني بالمطلق وإنما هو جزئية منه سيتمّ تنفيذها بأكثر من وزارة، ولاسيما بعد أن تمّ تنفيذ البرنامج التنفيذي للمرحلة التحضيرية في ثلاث وزارات، هي الأشغال العامة والإسكان، والإدارة المحلية، وجزئياً وزارة المالية؛ وبعد ظهور نتائج التنفيذ في الوزارات تمّ التوجه لإطلاقه في باقي الوزارات، لتقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالطلب من وزارة التنمية الإدارية إجراء تقييم للعاملين في مديرية التنمية الإدارية قبل تشكيل الفريق التنفيذي المختص وتمّ دعمه بعاملين مختصين من خارج المديرية لتسهيل العمل وآلية التعامل مع الكوادر الموجودة وتسهيل تنفيذ الخطوة الثانية من المشروع، والمتضمنة تحليل البنية التنظيمية للمديريات المركزية وتحليل العمليات التشغيلية وتحليل مراكز العمل، إضافة إلى تحليل القوى العاملة، علماً أن الوزارة حالياً تنفذ الخطوة الثانية المتعلقة بالتحليل، حيث تمّ إنجازه في عدد من مديريات الإدارة المركزية وتقوم من خلال جلسات عمل مع الفريق المعنيّ في وزارة التنمية الإدارية بتقييم العمل للتعرف على الانحرافات وتقويمها والاتجاه للعمل بالشكل الصحيح في المديريات الأخرى للوصول إلى مقترح هيكل تنظيمي مناسب بطريقة علمية، مع الإشارة إلى أن البرنامج يتكوّن من أربع خطوات (تأمين جهوزية مديرية التنمية الإدارية، تحليل البنية التنظيمية للمديريات المركزية، العمليات التشغيلية، مراكز العمل، والقوى العاملة، تجهيز منصة الدعم الإداري، تشغيل تطبيقات منبر صلة وصل)، علماً أن البرنامج مؤطر زمنياً وفق إطار زمني محدّد لا تتجاوز الـ 6 أشهر.
والجدير ذكره أن القدرة على تفعيل خطة إصلاح إداري تعتبر تحدياً مجتمعياً استراتيجياً، يتطلب فعالية كبيرة في اتخاذ القرار كونه يمسّ المصالح ويكشف ضعف الخبرات، ومن هنا تكمن أهمية وإستراتيجية خطط الإصلاح الإداري الذي أكد عليه السيد الرئيس بشار الأسد في مقولاته وتوجيهاته، لذلك لا بد من إيجاد الصدى الحقيقي لتلك التوجهات بمصداقية، ولا بد من الإشارة إلى أن التطوير والإصلاح الإداري يعتبر أحد مناحي الإصلاح والتطوير السياسي الذي يحدّد فعالية وأداء المؤسسات الحكومية والمجتمعية، وبالتالي يعكس حالة النضج في بناء أجهزة الدولة والمجتمع معاً.