كيليتشدار أوغلو: التحالف مع مشيخة قطر يهدد استقلال الاقتصاد التركي
عزا زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيليتشدار أوغلو الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في بلاده إلى سياسات رئيس النظام رجب طيب أردوغان المستنزفة لموارد الدولة، وقال، أمس السبت، إن “تركيا تعيش أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية بسبب سياسات أردوغان”، وأضاف إن “الأزمة التي تمر بها البلاد هي أزمة حكم وديمقراطية وإن الشعب التركي يعيش حقبة تبعية القضاء للقصر الرئاسي، والاقتصاد يعيش وضعا صعبا حيث تواجه الدولة ديونا كبيرة جدا”.
واتهم زعيم المعارضة التركية أردوغان بإهلاك السياسة الخارجية، مشيرا إلى أن استقلال الاقتصاد التركي مهدد بسبب التحالف مع مشيخة قطر، مشددا على ضرورة تغيير دستور البلاد للتخلص من سطوة أردوغان وسياساته المنهكة للبلاد.
وتأتي تصريحات كيليتشدار أوغلو في وقت بلغت فيه ديون تركيا الخارجية أرقاما قياسية، لتصل بحسب أرقام البنك المركزي الأسبوع الماضي، نحو 170 مليار دولار في ظل أزمة مالية يواجهها نظام أردوغان بسبب تداعيات فيروس كورونا من جهة ونتيجة استنزاف الأخير لموارد الدولة في تمويل اعتداءاته على دول المنطقة في سورية والعراق وليبيا، فيما يسعى لفتح جبهة أخرى بإعلان عزمه التدخل دعما لأذربيجان في صراعها مع أرمينيا، كما يحاول أن يضع قدم له في حرب اليمن.
وقال البنك المركزي التركي الاثنين الماضي، إن الديون الخارجية على تركيا المستحقة في غضون عام أو أقل بلغت 169.5 مليار دولار في نهاية أيار، مرتفعة نحو 5 مليارات دولار عن الشهر السابق.
ويفترض في الوضع الذي تعيشه تركيا التي تراجعت إيراداتها في قطاع حيوية كالصناعات التحويلية والنسيج وغيرها، إضافة لقطاع السياحة، أن تلتفت لأزماتها الداخلية، لكن أردوغان اختار التصعيد على أكثر من جبهة فخسر الشركاء التقليديين من الخليج إلى أوروبا، واستنزف موازنة البلاد في حروب مدفوعة بأطماع استعمارية وبحثا عن مجد خلا للإمبراطورية العثمانية ولتحقيق طموحات شخصية وتنفيذ أجندة التمكين لجماعات الإسلام السياسي.
وشكلت ديون القطاع العام 23.2 بالمئة من الإجمالي وديون البنك المركزي 11.4 بالمئة والقطاع الخاص 65.4 بالمئة، ما يعكس الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا مؤخرا.
وكانت أرقام معهد الإحصاء التركي قد بينت في حزيران الماضي، ارتفاع عجز التجارة الخارجية لتركيا بنسبة 102.7 بالمئة على أساس سنوي في أيار إلى 3.42 مليار دولار.
وانخفضت صادرات تركيا 40.9 بالمئة، وتراجعت الواردات 27.8 في المئة، مقارنة مع أيار 2019، حسبما ذكر المعهد، فيما سجلت الليرة التركية في منتصف حزيران، أدنى مستوى لها بتراجعها من 1 بالمئة إلى 6.8 مقابل الدولار الأميركي.
كما أن ارتفاع الديون نتج عن تدخلات أردوغان في السياسة النقدية، حيث أقحم نفسه أيضا في معركة خفض نسبة الفائدة وعزا نسبة التضخم وارتفاع معدل البطالة وتقلص النمو لنسبة الفائدة المرتفعة وهي تحليل يناقض القواعد العلمية للاقتصاد.
وشن حملة تصفيات سياسية ضد الكوادر والكفاءات بالبنك المركزي ممن عارضوا تدخله في السياسة النقدية، ما أربك القطاع النقدي مسببا له مشاكل متناثرة.
كما تسببت تصريحات أردوغان العدائية واستفزازاته لدول أوروبية في ملف المهاجرين والتنقيب عن النفط في مياه المتوسط، في نفور المستثمرين الأجانب، ما ساهم في انهيار الليرة إلى مستويات غير معهودة.
وفقدت الليرة التركية هذا العام نحو 13 بالمئة من قيمتها، حيث هوت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في أيار الماضي عند 7.25 ليرة للدولار مواصلة خسائرها متأثرة بالتدهور الغير مسبوق الذي وصل إليه الاقتصاد التركي.
وعلى وقع أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها تركيا يواجه أردوغان تآكلا في شعبيته وسط انشقاقات مدوية في حزبه الحاكم، حيث استقال من العدالة والتنمية أبرز أعضائه ومناصريه.
ويشهد حزب العدالة والتنمية تآكلا في شعبيته في ظل استمرار نزيف الاستقالات التي تستفيد منها أحزاب المعارضة الجديدة، فيما يواجه الحزب الحاكم الذي يعيش منذ نحو سنتين على وقع انشقاقات في صفوف أبرز مؤسسيه وقياداته رفضا لسياسات الحزب التي لا تتماشى مع احتياجات تركيا اقتصاديا وأمنيا وسياسيا، على شبح الخسارة والانتكاسة في الانتخابات القادمة.
يذكر أن أردوغان خسر في الانتخابات البلدية لعام 2019 أبرز معاقله في أنقرة واسطنبول، ما يعكس تراجع شعبية أردوغان في أول اختبار حقيقي يسبق الانتخابات البرلمانية.
وتشير تحليلات السياسيين إلى أن الحزبين الجديدين، بقيادة رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو والمسؤول السابق عن تنسيق الشؤون الاقتصادية في الحكومة علي باباجان، سيمتصان حتما معظم الأصوات من قاعدة حزب العدالة والتنمية الذي يعيش منذ أشهر على وقع استقالات لأكبر أعضائه وعزوفا كبيرا لمناصريه.
وتشير التقلبات السياسية والأزمات الاقتصادية المتناثرة التي تعيشها تركيا في السنوات القليلة الماضية تحت إدارة أردوغان، إلى تراجع شعبيته بين الأتراك وارتفاع موجه الانتقادات الموجهة إليه بسبب سياساته الفاشلة في إدارة البلاد.
ومن المنطقي أن يخلق الركود الاقتصادي حالة من الاستياء والغضب بين المجتمع التركي الذي من المرجح أن يحمل مسؤولية ذلك إلى النظام، مما يؤدي إلى تراجع شعبية قياداته.
ويعيد هذا التحليل إلى الأذهان تغير اتجاهات الناخبين أثناء اقتراب مواعيد التصويت طبقا لحاجتهم إلى شخصيات أكثر قدرة على قيادة الدولة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعيشها واللجوء إليهم لتجاوز هذه العقبات، وهو ما يرجح أن يتوجه الناخبون الأتراك نحو أداء تصويت عقابي للحزب الحاكم الطين يحملونه مسؤولية تراكم الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها بلادهم.