في البدايات!!
استبشرنا خيراً بالمتغيرات العاصفة بالإعلام الوطني وخاصة التلفزيوني، ومازاد من تفاؤلنا الإعلان عن إطلاق خدمات تلفزيون النت (iptv) من خلال استخدام شبكات الاتصالات المحلية بدل طرق البث التقليدية بهدف إيصال المادة المرئية للمشاهد، وبمعنى آخر التبشير بمرحلة إعلامية جديدة تواكب التطور وتلجم جموح المحطات الغازية بما تحمله من مؤثرات فكرية وثقافية وأخلاقية مغايرة لبيئة مجتمعنا وأدبياته، بحيث يكون هناك رسالة فضائية أو إلكترونية قادرة على حقن العقول بجرعة وقائية تبطل مفعول السموم والأفكار السوداء التي يتم تجرعها على مدار الساعة.
لكن البحث والتقصي في عمل هذا الوليد الإعلامي في أكثر من جهة، وفي تجارب متعددة تخوض اليوم منافسة السوشيال ميديا، وتطوير المضمون والاقتراب أكثر من الجمهور، وجدنا أنفسنا ندور في حلقة مفرغة عنوانها العريض (إلي بجرب المجرب بكون عقلو مخرب)، فالذهنية التي تعمل في هذا المجال تتلقف التجارب السابقة وتطبقها ذاتها، ولاتمتلك الدينامكية المطلوبة لإنجاز المهمة المكلفة بها، بل إنها عاجزة عن رسم خارطة الطريق نحو هدفها الذي نراه بعيد المنال كونه مازال في مرحلة الفكرة غير المكتملة لدى الجهات المكلفة بالتنفيذ سواء من ناحية البنية التحتية “الشبكات والاتصالات” أو لجهة المضمون والرسالة التي سيحملها. وفي المقابل لايمكن التعميم، فهناك تجارب استطاعت تمرير رسائل مهمة وإيصالها للمتابعين حول الكثير من القضايا التي تهم الشارع السوري عامة، وإن كان ذلك بحدوده الدنيا، ونذكر هنا على سبيل المثال “البعث tv”.
وإذا أردنا الحديث بمنطق إعلامي سليم لرصد الخطوات العملية في مجال تلفزيون النت، لابد من الاحتكام للمشاهدات التي تتم ومدى تفاعل الناس مع ما يتم بثه من برامج ولقاءات وحوارات على هذه القنوات التي مازالت إلى الآن في مراحل متأخرة وخارج الترتيب العالمي وبشكل يدعو للتساؤل عن أسباب ذلك مع مراعاة أنها في البدايات كتجربة وكوجود على الشبكة أو في أجندة المتابعة اليومية للناس الذي لم تجذبهم بعد هذه القنوات التي تدور في دائرة مغلقة من البرامج والحوارات التي لم ترق في غالبيتها إلى مستوى الطموح، وهذا ما يستدعي تفعيل المبادرات وتنشيط العمل الجماعي واستقطاب الخبرات الوطنية من مختلف المجالات وحسب الاختصاصات لتحقيق التقدم بعيداً عن “الأنا” التي ستكون سبباً من أسباب الإخفاق إن بقيت تدير العمل الإعلامي الرقمي من خلال المرآة الشخصية.
بالمختصر.. التوجه نحو بنية إعلامية أكثر كفاءة وقدرة على الانتشار في مجال النت يحتاج إلى توفير الإمكانيات المطلوبة، وفي مقدمتها الكوادر المؤهلة والتخطيط المدروس. وبكل تأكيد لا يقاس النجاح بعمر الوسيلة بل بمدى الفاعلية والقدرة على تكوين الرأي العام وتوجيهه بكفاءة عالية.. هذا إلى جانب الانفتاح وكسر تلك النمطية التي تزيد من القطيعة بين المشاهد وهذه القنوات الشبكية.
بشير فرزان