رؤساء غرف تجارة مجهولون!!
حسن النابلسي
لدى إعدادنا لأحد التقارير الصحفية الاقتصادية اضطررنا للتواصل مع إحدى الشخصيات التجارية الوازنة، وسألناها عن اسم رئيس غرفة تجارة حمص عسى أن يزوّدنا بأرقام هواتفه للتواصل معه، كون متطلبات هذا التقرير تقتضي أخذ تصريح من رئيس غرفة تجارة حمص حصراً.. وكانت المفاجأة عدم معرفة هذه الشخصية باسم الأخير أبداً، وأكثر من ذلك تواصلنا مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عسى أن نجد ضالتنا عندها، ليصدمنا المعنيّ بالأمر بقوله: “انتظر قليلاً حتى أرجع إلى القائمة..”!
حقيقة استوقفتنا هذه الحادثة البسيطة في ظاهرها، والكارثية في جوهرها، فهي تحمل من الدلالات ما تحمل، لعلّ أولها قطع أواصر التواصل بين الفعاليات التجارية لاعتبارات تتعلق – أغلب الظن – بالمصالح الشخصية الضيّقة.
ويؤكد ثانيها أن عدم معرفة اسم رئيس غرفة تجارة حمص، سواء من قبل من يفترض بأنه “زميل مهنة”، أم من قبل الجهة المشرفة على اتحاد غرف التجارة السورية، يكشف بشكل أو بآخر تقصير رئيس الغرفة نفسه لجهة انعدام أو قلّة نشاطه التجاري، وغيابه عن المؤتمرات والاجتماعات الرسمية التي قد يحضرها فيزيائياً، ويغيب عنها كصاحب مبادرات وأفكار تستهدف تطوير المشهد التجاري، ويبدو أن هذا الأمر ينسحب على رؤساء غرف حماة ودرعا، وغيرهم من المغمورين والمنكفئين عن المشهد الاقتصادي عامة، والتجاري خاصة، وتألق زميليهم رئيسي غرفتي تجارة دمشق وريفها اللذين ربما أسعفهما وجودهما بالعاصمة، وإلا لكانا غير معروفين أيضاً بالوسط الاقتصادي والإعلامي!
أيعقلُ هذا الانكفاء عن المشهد التجاري لرئيس غرفة تجارة مثل محافظة حمص ذات الصلة بأهم معبر حدودي تجاري، مع دولة مثل العراق تعدّ أهم وأكبر سوق للبضائع السورية، وتمتلك أهم مدينة صناعية (حسياء) التي تشكّل أحد أهم الأركان الصناعية؟
وتكشف الدلالة الثالثة عن أمر خطير ظهر معنا خلال تقصينا عن سبب انكفاء عدد من الشخصيات التجارية الاعتبارية من قطاع الأعمال، ويتمثّل بأن نسبة كبيرة من رجالات الأخير يعيشون خارج البلاد رغم أنهم أعضاء مجالس إدارة في غرف التجارة والصناعة، وبالتالي كيف لهؤلاء أن يديروا دفة النشاط الاقتصادي لقطاع يدّعي شراكته مع الحكومة؟!
أخيراً.. وعلى وقع انتخابات غرف التجارة المقرّر فتح باب الترشح لها هذا الأسبوع، تجدر الإشارة إلى نقطتين نرجو من الجهات المعنية أخذهما بعين الاعتبار: الأولى أن ما سبق يشي بوجود خلل من العيار الثقيل يتعلّق بالاختيار السليم لأعضاء أهم الكيانات الاقتصادية الممثّلة للقطاع الخاص، إذ أن الدورات السابقة كانت متخمة بسباقات محمومة تكتنفها تجاوزات – لسنا بوارد تفصيلها – كانت تخرج بها عن سياق المنافسة الشريفة، وبالتالي يجب متابعة حُسن سير انتخابات الغرف لضمان وصول الأكثر كفاءة.
وتتمثّل الثانية باقتراح دمج غرفتي التجارة والصناعة بكيان واحد، نظراً للترابط الوثيق بينهما من جهة، وازدواجية تمثيل أعضائهما من جهة ثانية، ولربما يفضي هذا الدمج لردم هوة الخلافات بين التّجار والصناعيين من خلال التواصل المستمر بينهم تحت سقف كيان واحد من جهة ثالثة.
hasanla@yahoo.com