حجب المعلومات..!
قريباً سيكشف وزير التجارة الداخلية أمام مجلس الشعب الجديد الكميات المسوّقة من أقماح موسم 2020 بالتفاصيل “المملّة”، وحتى ذلك الحين، فإن مدير المؤسّسة السورية للحبوب يحجب هذه المعلومات ويرفض الكشف عن الكميات التي اشترتها المؤسسة من الفلاحين.. فلماذا..؟
لقد سبق وأن وصف مدير الحبوب العام الماضي الكميات المسوّقة بـ “السرية”، لكنه بالمقابل يتحدث بطلاقة ودون أي قيود عن الكميات المستوردة من الحبوب وآخرها مناقصة لاستيراد 200 ألف طن قمح للعام 2020..! وهذا يعني أن ارتفاع حجم المستوردات يؤكد أن الأقماح المسوّقة والتي وصلت إلى حدّها الأدنى الموسم الماضي لاتزال أقل بكثير من تقديرات وزارة الزراعة..!
الملفت أننا لن نضطر لانتظار جلسة لمجلس الشعب بحضور وزير التجارة، لأن رئيس اتحاد الفلاحين كشف أن مراكز الحبوب اشترت أكثر من 800 ألف طن، مع الإشارة إلى أن عمليات التسويق وصلت إلى نهايتها. والملفت أكثر أن تصريحي مدير مؤسّسة الحبوب ورئيس اتحاد الفلاحين نشرا في اليوم نفسه بتاريخ 8/ 8/ 2020: الأول أحجم والثاني أفصح، ما يشير إلى عدم وجود تعميم حكومي يمنع كشف كميات الأقماح المسوّقة، وبالتالي فالمسألة ليست أكثر من اجتهاد أو مزاج شخصي..!.
وبما أن المؤسّسة كانت تعلن يومياً عن الكميات التي تشتريها من الفلاحين منذ بداية عملية التسويق، فما الذي استجد لكي يقرّر مديرها بأن الكشف عن الرقم النهائي لكميات الأقماح المسوّقة لم يعد متاحاً وأصبح محجوباً أو سرياً..؟
لقد فعلها مدير الحبوب العام الماضي، وها هو يكرّر فعلها العام الحالي، وكأنه يتجاهل وجود جهات أخرى معنية بالتسويق تقوم بالنشر كاتحاد الفلاحين ووزارة الزراعة.
قد لا نجد تفسيراً لما يصدر عن مدير مؤسسة الحبوب سوى التناقض بين تصريحاته في بداية الموسم المتفائلة جداً والنتائج الفعلية بعد نهاية موسم التسويق. والمسافة بين الحدثين قصيرة لا تتجاوز الثلاثة أشهر فقط..!.
نعم.. في 5/ 5/ 2020 أعلن مدير مؤسسة الحبوب بثقة مفرطة عن تخصيص المبالغ اللازمة لاستلام كامل محصول القمح المقدّر بنحو 2.9 مليون طن.
صحيح أن هذا الرقم أعلنته وزارة الزراعة وليست وزارة التجارة الداخلية، لكن تبقى مؤسسة الحبوب مسؤولة عن الإجراءات العملية لتسويق ما يمكن تسويقه، وتكشف الأعوام الماضية أن المسوّق بالكاد يصل إلى 30% من المقدّر لأسباب متعدّدة، سواء أكانت موضوعية أم ذاتية. ومهما كان حجم المسوّق من الحبوب فهو لا يزال أقل بكثير من احتياجاتنا، وبالتالي فإن السؤال: هل لدى الحكومة من خطط إستراتيجية تعيدها إلى زمن الاكتفاء الذاتي من القمح وتصدير الفائض؟
لعلّ أخطر المعرقلين لهذه الخطط هم قلّة من مستوردي القمح، فهم الأكثر اهتماماً ومتابعة للكميات التي تشتريها مؤسسة الحبوب من الأقماح، ويعرفون بدقة الأرقام التي يميل مدير الحبوب إلى حجبها في نهاية كل موسم، ويأملون دائماً أن تكون قليلة جداً كالعام الماضي كي تزيد الكميات التي يستوردونها من القمح، وتزيد معها أرباحهم وهي بالمليارات!!
علي عبود