مجلة البعث الأسبوعية

كورونا يغرق أنديتنا.. الإدارات غير مؤهلة والعجز المالي تجاوز الحدود

“البعث الأسبوعية” ـ عماد درويش

لم يكن أشد المتشائمين يتوقع حجم المعاناة التي عاشتها الرياضة على المستويين الدولي والمحلي، حيث دخلت في نفق مظلم في ظل تفشي فيروس كورونا الذي ألحق أضراراً جسيمة بالرياضة المحلية وبات الخطر الأكبر عليها، وساعده في ذلك عدم وجود استعداد لدى أنديتنا للتعامل مع أي مستجد أو طارئ في ظل العشوائية التي تنتهجها إداراتها المتعاقبة.

 

غياب التأهيل

أغلب أنديتنا المحلية لم يدرك أهمية التصدي للأزمات ومنها هذا الفيروس، فالإدارات غير مؤهلة وغير متفرغة للعمل الرياضي، وليس لديها الفكر الاستراتيجي لمواجهة الطوارئ، ولا تملك أي فكر لمواجهة أية تحديات خارجة عن الإطار الرياضي. وعليه، فأنديتنا غير محترفة ويشوب عملها الهواية، ولا تملك المعايير التي تنقسم إلى رياضية وبنية تحتية وإدارية وقانونية ومالية، وغيرها. فإدارياُ يجب أن يكون أعضاء الإدارة متبعين لدورات تنظيم وإدارة لقيادة العمل، الأمر غير المتوفر بأساسيات عمل إدارة أي ناد، مع وجود هيكل تنظيمي يضم جميع أنواع العمالة (مدير تنفيذي، مسؤول مالي.. إلخ)، وأن يكون الجميع مؤهلين، كل في مجال تخصصه، فالتخصص الإداري مطلب ضروري لتحقيق التطور اللازم. لكن، وللأسف، كل هذه الأمور غير متوفرة في أنديتنا.

 

تخطيط مفقود

أما مالياً، فالمهم عند أنديتنا هو كيفية تحصيل الاشتراكات السنوية والتعاقد مع اللاعبين، دون وجود أساس صحيح لذلك، مع اعتمادها على استثماراتها الذاتية الضعيفة، وبيع التذاكر للجماهير التي تواكبها، أو على إعلانات للشركات والماركات التجارية، وإعانات الاتحاد الرياضي العام، وهذا يضعها بوضع لا تحسد عليه في ظل أخطاء الاحتراف المتبع حالياً. ومن المتعارف عليه أن المعايير المالية تتضمن قوائم مالية سنوية ووجود موازنة تحدد الموارد والأرباح والخسائر، من حيث دفع رواتب اللاعبين والأطقم الفنية والإدارية.. والأكيد أن أنديتنا لا تمتلك كل هذا الكلام.

ولعل فترة التوقف القسري بسبب فيروس كورونا أثرت على مداخيل الأندية، ما جعل الكثير منها يلجأ إلى اتحادات الألعاب أو الاتحاد الرياضي لإنصافه. ولو امتلكت أنديتنا الفكر الاحترافي لما وصلت إلى ما آلت إليه من ترهل، وما زاد الطين بلة عند إيقاف النشاط الرياضي هو العجز الذي أصاب أنديتنا باستثناء بعض أندية الهيئات، حيث لم تستطع الوفاء بالتزاماتها، ما يرسم أكثر من إشارة استفهام على عمل أنديتنا وأهلية أعضاء إداراتها؟

 

ألعاب منسية

تبعات كورونا لم تؤثر فقط على لعبة معينة، بل شملت كافة الألعاب، خاصة الفردية وألعاب القوة، والتي كانت تتحضر بشكل جيد للمشاركات الخارجية، إلا أن فترة التوقف جعلت كل تلك الخطط تذهب أدراج الرياح.

وبعض تلك الاتحادات عمد إلى إلغاء البطولات المحلية، مثل اتحاد الريشة الطائرة، أو تأجيل البطولات، مثل اتحاد المصارعة ورفع الأثقال وغيرهما، والبعض الأخر عمد إلى إلغاء مشاركاته الخارجية التي كان يعول عليها كثيراً، سواء على الصعيد القاري أو العالمي. كما أن منظمي هذه الأحداث المؤجلة باتوا يواجهون تحدياً يتمثل في ضرورة إعادة إدراج وترتيب هذه الأحداث في إطار روزنامة رياضية مزدحمة، وهو أمر بات مستبعداً في المدى المنظور، سيما وأن الفيروس مازال يحصد الكثير من الإصابات عالمياً.

ورغم ذلك، فإن بعض الاتحادات (القدم والسلة والطائرة واليد) استأنف نشاطاته المحلية، دون حضور جماهيري وبملاعب وصالات فارغة.

 

جانب لياقي

لا شك أن فترة التوقف التي امتدت لثلاثة أشهر تقريباً أثرت على الناحية الفنية والبدنية للاعبين والحكام معاً، وظهر ذلك جلياً على اللاعبين خلال منافسات الدوري، حيث اتضحت الزيادة في أوزان الكثير منهم، إضافة لذلك هبط المستوى الفني كثيراً، ولم نشاهد مباريات قوية ولا أداء عالياً كما كان قبل فترة التوقف.

ولم يقتصر الأمر على اللاعبين فقط، بل شمل أيضا قضاة الملاعب (الحكام) الذين تأثروا أيضاً بفترة التوقف، فلم يتحضر أغلبهم بشكل جيد، وكثرت أخطاؤهم خلال قيادتهم للمباريات، وتعالت الأصوات عليهم، ما أدى لتدخل القيادة الرياضية لفرض عقوبات بحق المخطئين الذين لم يكونوا أهلاً للثقة، كما حدث خلال مباريات دوري كرة القدم، وهذا الأمر يقع بالدرجة الأولى على الحكام أنفسهم الذين لا يريدون تطوير أدائهم، وعلى عاتق اتحادات الألعاب ثانياً، وقد يكون العذر لهم هو الوضع المادي الصعب لاسيما للحكام الذين يعتمدون على التحكيم كمهنة أساسية للعيش.

 

كلمة أخيرة

ومع استمرار انتشار الفيروس الذي تسبب بتجميد النشاط الرياضي بشكل شبه كامل، وفرضِ قيود صارمة على حركة التنقل والسفر في أرجاء متفرقة حول العالم، لم تكن الصدمة وخيبة الأمل التي أصابت عشاق الرياضة من توقف البطولات، بأكبر من صدمة ومصيبة العاملين في مجالها والمستثمرين فيها، ذلك أن توقف البطولات يعني خراباً لهذا السوق الرابح، فالخسائر المالية كانت كبيرة جداً، ومن المتوقع أن تتخطى الأرقام المعلن عنها؛ فهذه الأزمة القاتلة التي لا تُعرف لها ساعة نهاية، جعلت أندية كثيرة تسارع باتخاذ العديد من الإجراءات للتقليل من حجم الخسائر المنتظرة؛ وما لا شك فيه هو أن عودة النشاط الرياضي في ظل استمرار الوباء أمر لا مفر منه على أمل أن تعود النشاطات والمشاركات الخارجية إلى وضعها الطبيعي.