مجلة البعث الأسبوعية

أتعاب المخاتير بلا معايير  وللغموض والفوضى المواطن أسير

البعث الأسبوعية – محمد غالب حسين

يشوب عمل المخاتير بمحافظة القنيطرة كثير من الغموض والفوضى، ولاسيما من جهة الأجور التي يتقاضونها من المواطنين لقاء المعاملات اليومية التي يقومون بتنظيمها ولعل ما يرتبط بذاكرتنا عن عمل المخاتير و مكانتهم الإدارية وحضورهم الاجتماعي ومنازلهم المشرّعة للضيوف والمراجعين، ومضافاتهم العابقة بفوح القهوة العربية قد اختفى تماماً، وتلاشى على أرض الواقع، ولا يكاد يشابه إلى حد كبير الدور المنوط بهم بوقتنا الحاضر.

وقائع وقرائن

 

مع غياب الضوابط الناظمة لعمل المخاتير، بات المواطن اليوم ينظر إليهم كالباعة والتجار الذين يقومون برفع الأسعار يومياً، ويطالبون المواطن أن يدفع دون مناقشة، فالمواطن على -حدّ قول المختار- لا يزور مكتبنا إلا بالأفراح والأحزان وبعض المناسبات الأخرى، وعليه أن يكرم المختار الذي يقوم على خدمة المواطنين والقرية والبلدة ليلاً ونهاراً.

وإذا علمنا بأن أعلى أجر وفق ما حدد بالتسعيرة الرسمية للمخاتير لا يتجاوز سقفه الخمسمائة ليرة، هذا إذا كانت الوثيقة التي ينظمها المختار كبيرة كشهادة حصر الإرث ومعاملة الزواج، ومع ذلك لا يلتزم بها أكثر المخاتير.

وقد يظن بعضهم أن مهمة المختار الإدارية قد تلاشت ، لكن الواقع يؤكد غير ذلك، فالمختار هو الجهة الإدارية الأهم، وتناط به أغلب معاملات الأحوال المدنية من ولادة ووفاة وحصر إرث وتصحيح الاسم أو اللقب ناهيك عن كثير من المعاملات العقارية والقانونية وعقود الآجار وسندات الإقامة وشهادات حسن السلوك وفقر الحال وغيره فضلاً عن مساعدته للجهات المعنية في التعريف والتبليغ والشهادة والإثبات.

وفي أرض محافظة القنيطرة يكون المختار عضواً بكل اللجان التي تسميها البلديات لتقييم الواقع الاقتصادي للمواطنين في القرية، وتسمية الأسر الأشد فقراً التي تستحق الإعانات والمساعدات الزراعية والاجتماعية والإغاثية التي تمنحها المنظمات المختلفة. وفي تجمعات أبناء محافظة القنيطرة أيضاً يكون المختار عضواً في اللجنة التي تحدّد أولويات الخدمات التي تقدمها محافظة القنيطرة لتلك التجمعات.

وفي الحالتين تكون الأولوية والأفضلية دوماً لأسرة المختار وأقاربه، ويحصلون على جميع المساعدات والخدمات بينما يتمّ حرمان الأسر المستحقة فعلاً.

  البحث عن المختار

وما يزيد الطين بلة في المحافظة سواء على أرض المحافظة أو في تجمعات أبناء القنيطرة بدمشق ودرعا وريف دمشق، أن أغلب المخاتير لا يوجد لديهم مكاتب مشهورة ومعروفة العنوان، يدامون بها بمواعيد معلومة مثل باقي المحافظات لذلك يضطر المواطن بالبحث عن المختار في منزله أو يسأل أسرته عن مكانه، ليطلبه حتى يوقّع معاملته، مما يسبب للمواطن حرجاً كبيراً في كثير من الأحيان عندما يُقول له أحد أفراد أسرة المختار: المختار مدعو في بيت فلان أو المختار في اجتماع مع مدير الناحية أو المختار عنده لقاء مع المحافظ. ارجع بعد عدة ساعات لعله يكون قد عاد.

ويطالب المواطنون أن تُخصص غرفة في كل بلدية تكون مكتباً للمختار، يداوم بها خلال ساعات الدوام الرسمي، كي لا يقع المواطن في دوامة البحث والسؤال عن المختار دون جدوى، وبالتأكيد يمكن لمحافظة القنيطرة أن تحلّ هذه المعضلة، وتؤمن مكتباً للمختار مع توخي تكليف الأقدر على التعامل الحسن مع المواطنين فضلاً عن معرفة مهام المختار، وأصول منح الوثائق الرسمية التي تصدر عن المختار، والتعليمات الناظمة لعمله.

 

 أقوال المواطنين

أبدى كثير من المواطنين التي التقتهم “البعث الأسبوعية ” نفورهم واشمئزازهم من تصرفات بعض مخاتير الأحياء في البلدات والتجمعات والقرى حيث ينال المختار كل المنح الإغاثية والاجتماعية والزراعية باسمه أو باسم أحد أولاده أو زوجته ناهيك عن الأجور المرتفعة التي يأخذها عن توقيع أي معاملة!!!.

وقال المواطن ( ع ك ) أضطر كل ستة أشهر للقدوم إلى المختار لتنظيم عقد الإيجار. وبما أن التسعيرة لأتعاب المختار غير واضحة ولا ثابتة، ففي كل مرة يتغير الأجر الذي يطلبه بل يزيده لقاء تنظيمه للعقد، مشيراً إلى أن الأجرة المتعارف عليها لتنظيم عقود الإيجار اليوم هي خمسة آلاف ليرة وأكثر.

بدوره استغرب الشاب ( م .ع) أنه في عصر التطور الإلكتروني خلو مكتب المختار من أي جهاز كمبيوتر يضم كل المعلومات المطلوبة عن أبناء الحي أو القرية، لتساعد المختار على إنجاز عمله بسرعة ودقة وإتقان، والغريب أن عمل المختار مازال معتمداً على القلم فقط والخاتم الرسمي.

في حين قال ( س . ص) : كثير من المخاتير يضعون المواطن في موقف لا يُحسد عليه عندما يدّعي أنه لا يريد شيئاً، وما يمنحه المواطن مقابل أتعاب المختار، تدل على كرم وأريحية المواطن.

رأي المحافظة

الأمين العام لمحافظة القنيطرة حسين الأحمد بيّن أنه يوجد  في محافظة القنيطرة (128) مختاراً، منهم (43) في أرض المحافظة، و(7) في تجمعات أبناء محافظة القنيطرة في محافظة درعا، و(78) مختاراً في تجمعات أبناء محافظة القنيطرة في دمشق وريفها، مُذكّراً بقرار مجلس محافظة القنيطرة رقم (23) لعام 2019 م الذي حدّد أتعاب المخاتير حيث لا تتجاوز (500) ليرة سورية للمعاملة الواحدة، مؤكداً بأن أجور خدمات المخاتير بالقنيطرة لم يطرأ عليها تغيير منذ أربعة أعوام.

وفيما يتعلق بعدم التزام المخاتير بالتسعيرة المحددة لهم، أوضح الأحمد بأن هناك تعميماً يطلب من المخاتير وضع تسعيرة خدماتهم المحددة لهم في مكان ظاهر للمواطنين، منوهاً بأنه في حال مخالفة المخاتير للتسعيرة، بإمكان المواطنين التقدم بشكوى رسمية ضدهم وفي حال تمّ التأكد من مخالفتهم يتم اتخاذ عقوبات بحقهم قد تصل لإنهاء التكليف.

وعندما سألنا الأمين العام عن تذمّر المخاتير من التعرفة التي لا تنصفهم، ذكر إن ذلك مرهون باقتراحات البلديات ومجالس البلدات، لدراسة الأمر، وزيادة قيمة الأتعاب المخصصة لعمل المخاتير لقاء الخدمات التي يقدمونها للمواطنين، وإقرار ذلك فيما بعد من مجلس محافظة القنيطرة.