مجلة البعث الأسبوعية

الثقة بالقانون!

بشير فرزان

لم يعد الاعتراف بوجود منظومة متكاملة من القوانين مجدياً أو بالأحرى مقبولاً طالما يتم التعامل معها من قبل المواطن والجهات المعنية كمصفوفات ورقية غيرقابلة للتنفيذ وبشكل أدق مغيبة من حياة الناس فما الفائدة من إصدار مئات القوانين الناظمة لمختلف المجالات إذا كان مصيرها الإقصاء “والأمثلة على ذلك كثيرة “خاصة مع اعتياد المجتمع على الالتفاف على القانون واستسهال الفساد لتحقيق الغايات و الأهداف.

وطبعاً الطعن بفاعلية البنية التشريعية الموجودة وسلامة ومصداقية قوانينها بات مفهوماً عاماً ومدخلاً لاستهداف أجهزة الدولة ومؤسساتها التي بدورها تمارس دوراً سلبياً تجاه القوانين وترتكب مخالفات تشجع على التجاوزات تحت مظلة (القوانين المطاطية ) دون الانتباه إلى أن تقاسم المسؤولية بين المواطن والمؤسسات الحكومية والاعتراف المتبادل بالجهود التي تبذل وبحقيقة ما يعانيه المواطن وما تقدمه الدولة له وفي كافة المجالات والمناحي يشكل الخطوة الأولى على طريق البناء والأعمار كما يمثل حلقة هامة في مشروع مكافحة الفساد ومن جهة ثانية وبالتحكيم العقلي نستطيع التأكيد على أن قوة الدولة وحضورها هو نتيجة حتمية  لإيمان المواطن وثقته بمؤسساتها والتزامه بالقانون .

ولاشك أن مفهوم “المواطنة” يتعرض ضمن يوميات الناس لانتهاكات خطيرة تحت عباءة الظروف الاستثنائية التي منحت كل غشاش وسمسار وطفيلي وفاسد ومفسد وسام الشطارة والفهلوية بعد أن تنامت حالة التخلي عن الكثير من المفاهيم التربوية والاجتماعية وتمادى البعض في خرق القوانين والتمترس في خانة طمس هيبة القانون ونكران الجهود التي تبذلها المؤسسات والجهات المعنية ومازالت لحماية حاضر الناس ومستقبلهم بالرغم من أمعان شطار هذا الزمان (مواطن وموظف ومسؤول)في تحييدهم للمصلحة العامة وأدارت ظهرهم للمجتمع وهم بكامل وعيهم المشوه وانتماءاتهم الزائفة القابلة للسقوط في أول امتحان حقيقي وطبعاً نحن هنا لا نسعى لتبرئة أية جهة من التقصير بل نحاول أن نقدم الوجه الأخر للحقيقة التي نتجاهلها دائما تحت عنوان الفساد الوظيفي والمجتمعي  الذي يشكل المواطن فيه مكوناً أساسياً وبصراحة الجميع  شركاء بهذه الجريمة ويشجعون على تكاثر من يرى مصلحة الوطن من فتحات جيوبه فقط فالمواطنة لمن نسي أو تناسى واجبات ومسؤوليات قبل أن تكون هوية و حقوق مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ويجب أبقاء القانون خارج سلطة النفوذ وتعميم ثقافة الالتزام بمواده ونصوصه التي تحصن المجتمع من الفساد .