مجلة البعث الأسبوعية

متواليتان هندسيّتان ساعدتا في الانفجار الفيروسي التصاعدي

البعث الأسبوعية ــ حياه عيسى

في لقاء مع “البعث”، روى أحد المتعافين من فيروس كورونا أن العدوى انتقلت له نتيجة مخالطته لأحد الأشخاص المخالطين للسائق القادم من الأردن، وأن مسيرة ظهور الأعراض والتوعك الصحي بدأت بارتفاع حرارة ووهن بكامل الجسم وفقدان للشهية وحاستي الشم والتذوق ما دفع به للتوجه إلى المشفى ليتم تأكيد إصابته، بعد أن تم إجراء مسحة PCR ونتيجتها الإيجابية. وتابع قائلاً: لم يكتف الفيروس بإنهاك قواي الجسدية، بل بدأ بالضغط على صدري لمنعي من التنفس.. كانت لحظات مريرة رافقتها آلام شديدة بالمعدة وإسهال شديد استمر مدة 15 يوماً تم خلالها الخضوع للبروتوكول العلاجي من خافضات حرارة ومضاد فيروسي وزنك وفيتامينات وسوائل، ثم بدأت الأعراض بالتراجع التدريجي وتلاشت نهائياً في اليوم الـ 20، مؤكداً ضرورة أخذ الحذر وزيادة الوعي والابتعاد عن التجمعات لأن المرض ليس سهلاً، ومؤلم جداً.

مثل هذه الروايات، على بساطتها وعفويتها، واختزالها، شكلت العمود الفقري للقصة الطبية التي وضعها الدكتور عصام أنجق، عضو اللجنة الاستشارية للتصدي لجائحة كورونا، مرجعاً عملية الانتشار الكبير لفيروس كورونا إلى متواليتين هندسيتين والعدد الكبير من المخالطين لهما، ما أثر بشكل كبير على ما نراه أو ما سنلاحظه خلال الفترة القادمة من حالات الإصابة التي بدأت بمرحلة الانتشار التصاعدي، علماً أن الانفجار الانتشاري للفيروس يعود لشخصين: أحدهما السائق القاطن في رأس المعرة القادم من الأردن ومخالطته لعدد كبير من الأشخاص وهو المتوالية الهندسية الأولى، والمرأة المسنة القاطنة بجديدة الفضل والتي أخذت العدوى من قريب لها قادم من لبنان، وتعامل الكادر الطبي معها عند دخولها في حالة إسعاف إلى مشفى المواساة دون الأخذ بالاحتياطات اللازمة، ما أدى لانتشار الفيروس بين الكادر الطبي الذي خالط عدداً كبيراً من الأشخاص، فكانت المتوالية الهندسية الثانية التي ساعدت في الانتشار الفيروسي الحالي، علماً أن أي شخص مصاب بكورونا بإمكانه أن ينقل العدوى لـ 120 شخصاً تقريباً، فالمتواليتان الهندسيتان الناتجتان عن الحالتين آنفتي الذكر تعتبران المسؤولتين عن توزيع الحالات في العديد من الأماكن، ما أدى إلى الانتشار الكبير للوباء.

وبين الدكتور أنجق أن الفريق الاستشاري المختص للتصدي للجائحة عمل على تعميم البروتوكول العلاجي والوقائي على كافة المؤسسات ووضع خطط معالجة حسب درجة الإصابة، بالتزامن مع وجود دراسات جديدة لتعديل البروتوكول من خلال إضافة بعض الأصناف الدوائية الجديدة ضمنه، مع التأكيد على ضرورة الوقاية الشخصية والعمل بها والالتزام بالتباعد الاجتماعي والنظافة الشخصية للتخفيف من نشر العدوى كون العودة إلى الحظر غير وارد لصعوبة الوضع الاقتصادي، وكون الوباء قد بدأ بمرحلة الانتشار التصاعدي، لاسيما بوجود 20 حالة يومياً بالتزامن مع العديد من الحالات التي لم تخضع لإجراء مسحة PCR المحصورة بالمخبر المركزي بوزارة الصحة، ولكون المخابر الخاصة لم تأخذ دورها بهذا الموضوع.

وأضاف أنجق أن نسبة المناعة التي من الممكن أن تتكون عند المتعافين من فيروس كورونا المستجد لم تعرف حتى الآن، إلا أنه وحسب المراجع العلمية والبروتوكولات العالمية أي شخص مصاب سيتمكن من الحصول على مناعة ومن الممكن أن يصاب مرة أخرى، موضحاً أن من المتوقع أن تصل نسبة الإصابات بالفيروس للذروة خلال الشهرين القادمين، وبعدها قد تبدأ بالتراجع التدريجي، وفي حال استمر الفيروس بالانتشار ولم يجدد نفسه، فسيصبح حتماً كأي فيروس موسمي، وستكون الإصابات أقل بكثير.

وأكد أنجق أن كورونا وباء خطير ويزداد سوءاً يوماً بعد يوم، إلا أن الفرصة مازالت متاحة أمامنا للسيطرة عليه من خلال مساعدة الفريق الصحي والالتزام بوسائل الوقاية الصحية وتخفيف التجمعات والمحافظة على النظافة الشخصية.

عميد كلية العلوم، الدكتور محمود قويدر، الأخصائي في علم المناعة أشار إلى أن COVID-19 يعتبر دقائق عضوية، ويمكن أن يصبح حياً إذا ما دخل الخلايا الحية، أما خارج الخلايا فهو ليس كائناً حقيقياً وغير قادر على التكاثر وثباته خارج الجسم – حسب المنطق العلمي – يتراوح بين ساعة واحدة إلى 10 ساعات على الأكثر، مع العلم أن بعض الدراسات أشار إلى فترة أطول من ذلك، متابعاً أنه بمجرد دخوله إلى الجسم، سواء عن طريق الفم أو الأنف أو من خلال ملتحمة العين، ووصوله للبلعوم، ومنه للمجرى التنفسي، يتمركز في الحويصلات الرئوية، ويبدأ بالتكاثر، وبدوره الجهاز المناعي يبدأ بتشكيل أضداد تحارب الفيروس عند انفجار الخلية نتيجة تكاثر الفيروس فيها لتقوم الأضداد بالإمساك به ومنعه من الدخول إلى خلايا أخرى كونها لا تنفذ لداخل الخلايا، أي تعمل على الحد من انتشاره والحد من الإصابة عند انفجار الخلية المصابة، بالتزامن مع الخلايا اللمفاوية التائية السامة التي تقوم بالتعرف على الخلية المصابة وتدميرها، لذلك فالمناعة الفعالة تعتمد على شطرين: مناعة سلاحها الأضداد، وأخرى الخلايا التائية السامة.

وتابع قويدر: الأشخاص المتعافون من فيروس كورونا أصبح لديهم أضداد بدمهم، لذلك اتجه العلاج مؤخرا لأخذ مصل من دمهم وحقن المصابين بدرجة إصابة عالية كونها تساعد بشكل آني في الحد من تكاثر الفيروس وتساعد الجهاز المناعي على رفع مستوى مناعته، وتخفف عن المصاب من حمل الفيروس، لذلك لابد من إدخال هذا العلاج ضمن البروتوكول العلاجي المتفق عليهم محلياً.