احتكار الاستثمار..انتحار..!؟
من المؤكد أن أولويات التصدي لجائحة كورونا محلياً، عديدة جداً، وستزداد كلما اتسعت دائرة المتأثرين في تعدادها، فيما ستأتي أكثر تركيزاً إذا ما تمت فلترتها حسب امتدادات تأثيرها ووزنها النسبي تنموياً واقتصادياً واجتماعياً.
وهنا قد يكون في التركيز على أهمها وأثقلها وزناً خلال الفترة الراهنة (دون ترتيب لأهميتها أو حجم المخاطر المترتبة عليها..)، بداية لتحديد وتلمس المخارج التي قد تنجينا نسبياً من تداعيات خطرة غير متوقعة…
ولعل أهمية الحديث عن هذه الأولويات، تكمن في تحديدها وتركيز الجهود عليها قدر الإمكان، والتعامل معها بآليات متكاملة من العمل المشترك، وتخصيص أكفأ للموارد المالية المتوافرة، وهو ما نعتقده الأعلى أهمية من مجرد معرفة ترتيب تلك الأولويات، والوقوف أمامها موقف المتفرج.
نحن الآن أمام تحديان غاية في الصعوبة والتعقيد والتركيب أولها: القدرة على تحقيق حد مقبول من الأمان الصحي وفق الإمكانيات الطبية المتاحة رغم تواضعها، ومع ذلك تبدو تكاليفها باهظة جداً لدولة كسورية، لم تكد “تنتهي” من حرب إرهابية مدمرة..، حتى دخلت حرباً صحية وقبلها اقتصادية، أقسى وأشد تهديداً، لكون نهايتهما غير معلومتي التوقيت…
أما ثانيها فيتمثل في القدرة على تحقيق الأمان الاقتصادي والمالي، المتلازمان تأثيراً وتأثُراً بالتحدي الأول، سواء للدولة أو للمواطن…
يضاف إلى هذين التحديين، ثبوت جلي في قصور وتخلف إدارة الملف الصحي، ها نحن ندفع ثمنه الكبير والخطير، صحياً واقتصادياً..!
إذاً والحال هكذا، ماذا بإمكاننا أن نفعل والمؤتمنون على خيارات القرار الأنجع، سقطوا في امتحان مواجهة الجائحة..!؟، كما سقط نظراؤهم في القرار الاقتصادي، سابقاً وحالياً.!؟
هذا على المستوى الحكومي، أما على المستوى الخاص، فقد واجه القطاع الخاص ولا يزال يواجه تحديات ذاتية عديدة وجسيمة، كما واجه القطاع العام والمشروع التنموي عامة.!؟
والغريب أنه وعلى الرغم من المساندة والدعم قديمي العهد من الحكومة لمصلحة القطاع الخاص طوال أكثر من عقد، بفاتورة عملاقة من الموارد المالية، عدا عن الكثير من التسهيلات والإجراءات والبرامج التحفيزية وغض الطرف، طوال تلك الفترة، إلا أن هذا القطاع لم يترجم أياً من ذلك الدعم الحكومي السخي، لا قبلاً ولا الآن..!؟.
وبدلاً من أن نلعن الظلام سنجتهد في إشعال شمعة، عل وعسى تكون فاتحة لعقول نحو بوابات إجراءات وحلول فاعلة ومجدية توازن ما بين الاقتصادي والصحي، انطلاقاً من كونهما الأثقل في المواجهة بما فرضته الجائحة من تحديات معيشية ومالية ودوائية واستثمارية…
في هذا السياق نقول: استناداً لما تقتضيه المصلحة – راهناً ومقبلاً- من ضرورة معالجة عناصر الإنتاج، واستيعاب قوة العمل في السوق: ليس من الحكمة الاقتصادية، أن يبقى القطاع الخاص مُشكَّلاً من الكيانات والمنشآت متناهية الصغر أو الصغيرة، أو تلك التي لا تستوعب قوة العمل الوطنية وتوفر لها فرصاً تتناسب ومتطلبات ما أثقلت به الجائحة على الصدور والجيوب بفعل مفاعيلها المستمرة.
لذلك نرى أنه لا بد من التركيز على مصادر الإنتاج في الكيانات المتوسطة والكبيرة، التي ستضيف للاقتصاد الوطني من خلال التوظيف والتصدير وتحقيق الأمن الوطني في المنتجات والمنافسة عالمياً، حتى نعالج الحالة الاقتصادية للقطاع الخاص، ولا يظل قطاعاً يعتمد على الإنفاق الحكومي أو الإنفاق على الخدمات والأنشطة اللوجستية، التي لا تعزز البناء الاقتصادي الذي كانت تنشده الحكومات المتعاقبة.، ولم يتم.!.
وليس ختاماً، ننصح بفتح أبوابنا الاستثمارية..، فمن ينتظرون كثر..، وعسى اللبيب من الإشارة يدرك، أن احتكار الاستثمار في هكذا ظروف، انتحار..؟!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com