التقدُّم في العمر ليس كله إيجابياً!!
يجلب التقدُّم في العمر الكثير من التغييرات، وليست كلها إيجابية. ففي حين يشهد كبار السن بشكل عام زيادةً في شعورهم بالسعادة مع تقدمهم في العمر، قد يكون هذا الموقف الإيجابي في الغالب قادماً من موقع الفقد والمعاناة. فقد تعني الشيخوخة فقدان الأصدقاء، وتدهور الصحة، والوحدة، والتعامل مع الصراعات التي لا يراها الآخرون.
تشجعنا الثقافة العامة ووسائل الإعلام على “التقدُّم في السن بشكل أنيق وجذَّاب” أو “التقدُّم في العمر بحال جيد” في سياق ممارسة الرياضة واتباع أنظمة غذائية، لكن دون الحديث كثيراً عن التعامل مع التأثير العاطفي لهذه التغييرات، التي قد يصعُب على الرجال العثور على مساحة للاعتراف بهذه المشاعر ومعالجتها.
التغيرات الجسدية
من بين التغيرات الناجمة عن الشيخوخة، من المرجَّح أن تكون العواقب البدنية هي الأكثر انتشاراً. إذ تجلب الشيخوخة عند الرجال انخفاضاً في هرمون التستوستيرون، والفقدان المحتمل للشعر، وزيادة الوزن، وتغيرات في الحياة الجنسية.
ورغم كونها طبيعية وحتمية، غالباً ما تُعامَل العديد من هذه الأعراض في الثقافة الشعبية باعتبارها مزحات، وهو ما قد يكون مُحبِطاً. وعلى الرغم من ميل الرجال إلى القلق من الشيخوخة أقل من النساء، لا يزال التعامل مع التداعيات العاطفية للتقدُّم في العمر صعباً.
التغيرات العاطفية
على عكس الاعتقاد الشائع، لا يحقق الرجال تلقائياً الشعور بالهدوء مع تقدمهم في العمر. فالقلق على الصحة والقدرة العقلية والقدرة على الحركة والأمور المادية أمورٌ طبيعية. وقد يشعر الرجال بالإحباط إذا وجدوا أنهم لم يحققوا السعادة التي يُفتَرَض بهم تحقيقها مع التقدُّم في السن.
ففي كثير من الأحيان، تأتي “السعادة” التي ترافق التقدُّم في السن من تحسن مهارات التأقلم العاطفي، الناتجة عن الخبرة. ولكن لا يعني مجرد تعلمك التركيز أكثر على الإيجابيات وتوجيه مشاعرك بشكل أكثر تنظيماً أنه أمر سهل أو أن أحداث الحياة لن تؤلمك بشدة حينما تأتي. من المهم الاستمرار في العمل على تحسين ذكائك العاطفي مع مرور الوقت، بدلاً من توقُّع ظهوره بشكل طبيعي.
التغيرات المالية
من بين كل التغيرات التي جلبها مرور الزمان، قد تكون التغيرات المالية واحدة من بين أسهل التغيرات تحمُّلاً. فغالباً ما تكون السنوات اللاحقة أكثر استقراراً من الناحية المالية، مقارنةً بشكوك فترة الشباب، سواء بسبب الميراث أو مكافآت نهاية المسيرة المهنية الناجحة. تكتسب الأصول قيمةً كبرى. ومن المُرجَّح أن تنخفض معدلات تأمينك بشكل متزايد حتى تصل إلى سن 65.
لكن هذا لا يعني أن الشيخوخة كلها مشرقة ومفروشة بالورود من الناحية المالية. فمثل العديد من تأثيرات الشيخوخة، غالباً ما يُعامل انخفاض المهارات المالية باعتباره مجالاً للدعابة في ثقافتنا؛ مما يجعل كبار السن محل سخرية لوقوعهم ضحايا لعمليات الاحتيال الشائعة عبر الإنترنت كونه موضوعاً شائعاً.
مع ذلك، فانخفاض المهارات المالية مع تقدُّم العمر أمرٌ حقيقي جداً، وغالباً ما يكون علامة على مشاكل عقلية أكبر. فقد عُثر على ارتباط بين انخفاض المهارات المالية ومرض الزهايمر وأشكال الخرف الأخرى.
لكن انخفاض المهارات المالية ليس العاقبة المالية الوحيدة للشيخوخة. وامتلاك دخل ثابت، وتكاليف الرعاية الصحية ودور المسنين، واستغلال الأسرة أو الأصدقاء الموارد المالية أمور حقيقية جداً ويمكن أن تشكِّل تحدياً كبيراً للمسنين.
وقد يجلب حتى التقاعد تحدياته الخاصة؛ لأنه يفرض تغييراً في الروتين والحاجة إلى الحفاظ على الشعور بامتلاك هدف دون التركيز على المسار المهني.
التغيرات الاجتماعية
تُعَدُّ التغيرات التي تظهر في حياتك الاجتماعية من الآثار الجانبية الحتمية للشيخوخة. وقد تشمل هذه التغيرات:
– زيادة الشعور بالوحدة، حيث يفقد المرء الأصدقاء والفرص الاجتماعية بسبب مشاكل الحركة ووفاة الأحباء وعوامل أخرى.
يُعَدُّ الشعور بالوحدة من المشاكل الحقيقية للغاية لدى الرجال فوق 55 سنة. وغالباً ما يوصم هذا الشعور بالوحدة، ويُتوقَّع من الرجال أن يظلوا صامتين حيال ذلك، لكن هذا لا يعالج المشكلة بأيِّ درجة.
ما يمكنك فعله
قد تجلب الشيخوخة مجموعةً كبيرة من التحديات، خاصةً إذا لم تكن ثمة أنظمة دعم قوية قائمة للمساعدة في مكافحة تلك التحديات. لكن هذا لا يعني خسارة كل شيء. فهناك أشياء حقيقية للغاية يمكنك فعلها لمعالجة هذه المشاكل، التي لا تتعلق “بالتقدُّم في السن بشكل أنيق وجذَّاب”، بل بالالتفات لمواجهة العقبات التي تقف في طريقك بشكل مباشر.
– اعتن بصحتك: حتى لو كنت قد قضيت حياتك بأكملها دون اهتمامٍ كبير بالنظام الغذائي وممارسة الرياضة، فلم يفت الأوان بعد. فحتى التغيرات الطفيفة في مستوى التغذية والنشاط قد تشكِّل فرقاً كبيراً في شكلك وسعادتك وصحتك.