مجلة البعث الأسبوعية

مسابقات الفئات العمرية الكروية في تراجع.. وضعف الاهتمام والبحث عن النتائج أهم الأسباب

البعث الأسبوعية-عماد درويش

دخلت كرة القدم إلى سورية مطلع القرن العشرين وفي السنوات التالية بدأ تشكيل فرق الهواة التي انتشرت في العاصمة دمشق بشكل خاص، وفي عام 1927 تم تأسيس نادي بردى أول نادي رياضي سوري، وفي عام 1936 تأسس الاتحاد السوري لكرة القدم وانضم في العام التالي إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

رغم عراقة تاريخ اللعبة وإنجابها للكثير من المواهب الكروية التي سطرت اسمها ببريق من الذهب، لكنها منذ عشر سنوات تراجعت خاصة وأن المواهب اندثرت وباتت عملة نادرة، حيث عانت كرة القدم في السنوات الماضية من ضعف النتائج على مستوى الفئات العمرية، حيث فشلت معظم منتخبات الفئات السنية في الوصول إلى النهائيات الآسيوية، مع خروج مبكر بشكل شبه دائم من التصفيات الأولية.

سنوات عجاف

عانت منتخباتنا الوطنية تراجعاً مستمراً على مستوى النتائج الإقليمية والقارية والدولية، رغم الإمكانات المالية والمواهب الموجودة فيها، لكن في الخمس سنوات الأخيرة تصاعدت الأمور وباتت لا تحتمل، بعدما أفرزت تلك النتائج واقعاً مريراً في الشارع الكروي الذي عاش سنوات عجافاً ولا يزال ينتظر أي لقب يضاف إلى الخزينة، فالنتائج التي سبقت دليل على عدم التخطيط السليم لاتحادات كرة القدم السابقة والحالية، ويعود مرده إلى ضعف دوري للشباب والناشئين والطريقة التي يقام عليهما كل موسم دون أن نرى أي تطوير في تلك المسابقات.

لذلك كرتنا مطالبة الآن بالتحرك سريعاً للخروج من دوامة النتائج السلبية والمستويات المتذبذبة، وإلا فإنها ستجد نفسها بعيدة جداً عن الدول المجاورة الأخرى والتي بدأت تفرض نفسها.

دوري ضعيف

الكثيرون من كوادر كرتنا وجدوا أن دوري فئة الشباب المقام منذ سنوات بالطريقة الحالية (عبر مجموعات) لا يلبِ الطموح وغير قادر على تطوير اللعبة بهذه الفئة وبقية الفئات الصغيرة.

فاللاعبون لا يخوضون مباريات كثيرة في الموسم الواحد إضافة للفوارق الرقمية العالية بين الأندية الكبيرة والأندية الأخرى، وهذه المشكلة يتحملها اتحاد الكرة (الذي يصّر) على إقامة الدوري بهذه الطريقة بدلاً من إقامته بطريقة الدوري الكامل، كما كان معمولاً به فيما مضى وأفرز حينها مواهب كثيرة أوصلت كرتنا لنيل لقب كأس آسيا عام 1994 في إنجاز غير مسبوق لكرتنا، كما وصل منتخبنا الشاب إلى للمونديال لأول مرة في السعودية عام 1989 ثم أتبعها بثلاث مشاركات أخرى في البرتغال عام 1991، وقطر عام 1995، وأخيراً في هولندا عام 2005.

الأندية هي الأخرى معنية بتراجع اللعبة حيث أهملت فئة الناشئين بفترة سابقة، وهي فئة وجدت ضالتها اليوم وستلعب بفئة الشباب بما يتناسب وأعمار البطولات القارية رفقة غيرهم من ستسمح لهم أعمارهم بالمتابعة.

دوري الشباب كان من المتوقع أن يلفت الأنظار أو من المفترض أن يكون تحت دائرة الضوء ومجهر المتابعة مثله كباقي دوريات الفئات العمرية لأن معاناتنا في السنوات الأخيرة تمثلت بهذه الفئات وبناء القاعدة وتطويرها والاهتمام بها وأخطاء متراكمة، لكن مع الأسف غاب التخطيط السليم لتطوير هذه الفئات، الأمر الذي رمى كرتنا بعيداً عن المشهد الآسيوي بعد أن كنا نتغنى بتلك الفئات.

 تطوير المسابقات

المطلوب حالياً أن تقوم الأندية بدورها على أكمل وجه للاهتمام بفئات الشباب والناشئين، أما اتحاد كرة القدم فيجب أن يعتني ببعض الجوانب من أجل تطوير المسابقات لتلك الفئات، والسعي لاستحداث برامج تلبي الاحتياجات الحالية والمستقبلية، وتسليط الضوء بشكل أكبر على المسابقات الكروية لأن هذا التركيز سيولد المنافسة بشكل أفضل.

اتحاد الكرة أقام العديد من الورش لتطوير العمل بهذه الفئات، وقام مؤخراً بإطلاق المشروع الوطني لتطوير كرة القدم السورية وهو بداية جيدة للتطوير خاصة وأن فكرة المشروع تتمثل بضرورة إعادة الاهتمام بالفئات العمرية الصغيرة، بعد غياب دورياتها المنتظمة بشكل تام منذ فترة طويلة، ما أثر في العمر التدريبي للاعبين الصغار، وأثر كذلك في مستواهم في الأندية والمنتخبات الوطنية، والمشروع يرتكز على أفكار مفيدة، ولكن التطبيق اصطدم بمعوقات كبيرة سيما عقليات البعض من ناحية الاختيارات، وتفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.

وقد شكّك بعض المدرّبين العاملين في المشروع بصحة انتقاء بعض اللاعبين، معتبرين أن هناك لاعبين يستحقون أن يتواجدوا بين المدعوين لكن لم يتمّ اختيارهم لأسباب أرجعوها إلى المحسوبيات والمصالح للبعض، وبمثل هذه المحسوبيات لن تتطوّر كرتنا طالما بداية الطريق غير صحيحة، ومن المبكر الحكم على الجدوى من المشروع وما يمكن أن يقدمه لكرتنا، لكن بنظرة موضوعية يمكن القول بأن المقدمات الخاطئة لن توصل إلا لنتائج خاطئة إلا إذا تم تصحيح المسار في المستقبل.

رأي خبير

المدرب المختص أحمد الشعار أكد لـ”البعث الأسبوعية” أن دوري الشباب في وضعه الحالي لا يمكن أن يطور اللعبة، خاصة وأنه يقام بنظام المجموعات، والأجدى باتحاد الكرة أن يعيد الدوري كما كان، وأن يتم العمل على توزيع الأندية لعدة درجات، عندها تكون الفائدة أشمل للاعبين لتطوير المستوى الفني والرابح الوحيد في هذه الحالة، منتخبنا الوطني، فالدوري القوي يفرز منتخب قوي، مضيفاً أن الأندية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية فمدربو الفئات العمرية هم من الدرجة الثانية ولا يملكون القدرة على تطوير اللاعبين، فالهم فقط بالنسبة للأندية هي جمع النقاط والمنافسة على اللقب، أما تحسين الأداء وتطويرها يبقى من الأمور الثانوية، كما يتحمل اتحاد الكرة المسؤولية أيضاً، فلم نعد الاهتمام بالفئات العمرية الصغيرة، سواء في المسابقات المحلية أم الخارجية، والدليل النتائج السلبية التي تحققت في السنوات الماضية.