منعرج جديد في تاريخ نادي الاتحاد والإدارة تكسب الرهان وتصطدم بتحديات كبيرة؟!
“البعث الأسبوعية” ــ محمود جنيد
لم يتمالك رئيس نادي الاتحاد المهندس باسل حموي نفسه فغلبته العبرات وسبقت كلماته المتهدجة وهو يفتتح وقائع أول مؤتمر صحفي داخل أسوار النادي الذي اشتقاق للقاء أبنائه بعد استلام الإدارة الجديدة لمهامها.
وعبر المهندس حموي عن فخره بهذه الخطوة لما لها من أبعاد كثيرة تعيد للكيان والمؤسسة الاتحادية مفاتيح العودة إلى السكة الصحيحة، مؤكداً أن خيار الإدارة بالاعتماد على كوادر النادي لقيادة فريق كرة القدم الأول (مهند البوشي مدرباً ومعه كل من أنس الصاري وأسامة حداد مساعدين وياسر جركس مدرباً للحراس) لم يأخذ الكثير من الوقت والتفكير لأن تاريخ كل منهم وإنجازاته بمثابة أوراق اعتماد رسمية ممهورة بخاتم القبول والجدارة و”المستحقية”.
وبطبيعة الحال جاءت ردود الأفعال على الخيارات السابقة مجتمعة إيجابية، ومرحب بها من قبل الجماهير الاتحادية ومحبي النادي الذين عبروا عن ذلك عبر صفحات الفيس بوك بعبارة “تريند” لها وقعها الكبير: “نادي الاتحاد عاد لأبنائه”، وهو ما أعطى الإدارة دفعة معنوية قوية للمضي قدماً بطريق إعادة نادي الاتحاد إلى مكانته الطليعية وإضاءة إشراقة الهيبة إلى واجهة القلعة الحمراء العريقة. لكن السؤال الذي اخترقنا به غمرة الحديث الطاغي كان عن الاستعانة بأبناء النادي واستعادة المعارين والاعتماد على اللاعبين الشبان، فهل يمكن أن تحقق هذه الخيارات “الاستراتيجية” طموحات المنافسة على الألقاب التي غابت طويلاً عن الخزائن الاتحادية مع خيبة الموسم الصفري الفائت الذي تراجع فيه ترتيب الفريق إلى المركز السادس وخرج على يد الساحل الذي كان مهدداً بالسقوط إلى الدرجة الأولى في الدوري من مسابقة كأس الجمهورية.
على ذلك أجاب المهندس حموي بالتأكيد أنه وبالتوازي مع خطة العمل التي تركز على أعادة تمكين وودعم القواعد الكروية، لن تقبل الإدارة أن يكون فريق النادي الأول لكرة القدم خارج دائرة المنافسة على الألقاب بما يليق بمكانة وتاريخ النادي. وحول التفاصيل المادية لعقود الجهاز الفني للفريق، أوضح الحموي أن الأرقام المرصودة حسب الاتفاق عادية، وغير مصرح عنها حالياً بانتظار ما سيقره اتحاد كرة القدم من تعديلات بهذا الخصوص، وأفصح الحموي، من جهة أخرى، بأن التفاصيل الأخرى المتعلقة بالموقف المالي الحالي للنادي وحجم الميزانية والمديونية والملفات الأخرى سيتم الإعلان عنها خلال مؤتمر صحفي لاحق، مضيفاً أن إجراءات الاستلام والتسليم مع الإدارة السابقة لم تتم بشكل رسمي من خلال محضر موثق وهناك بعض الأمور التي يريد رئيس النادي السابق الإطلاع عليها. وبالنسبة للشركة الداعمة للنادي وموقفها الحالي، بيّن رئيس نادي الاتحاد أن الإدارة لم تتمكن من التواصل معها للتفاهم بهذا الخصوص حتى الآن.
ماسبق يعني أن إدارة نادي الاتحاد أمام تحد كبير متعلق بتعويض فاقد الدعم في حال انسحبت الشرطة الراعية بشكل نهائي، مع تطمينات بأن البدائل جاهزة سواءً من خلال رعاة آخرين أو من خلال تفعيل استثمارات النادي وخلق أخرى جديدة يمكن من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي.
أما عضو الإدارة الشاب مجد حمصي مسؤول كرة القدم فقد أفصح بأن سياسة عمل الإدارة الحالية ترتكز على استقطاب أبناء النادي من كوادر ولاعبين، مع إمكانية تدعيم الفريق بلاعبين أكفاء يمكن أن يحققوا الإضافة العملية الفعلية لتشكيل فريق قوي وقادر على إعادة الهيبة للكرة الاتحادية وهو الوعد الذي قطعه دون أن يقرنه بوعد الفوز بلقب الدوري في الموسم المقبل.
المدرب مهند البوشي، الذي حقق مركز الوصافة فيما سبق خلال فترة توليه لتدريب فريق الاتحاد الأول، أكد أن الجميع سيرى فريقاً قوياً منافساً بما يليق بنادي الاتحاد، نادي البطولات، ومدرسته الكروية العريقة خلال الفترة الأسابيع العشرة المتاحة التي وصفها بالفترة الانتقالية. وأشار البوشي إلى الحاجة لتطعيم الفريق ببعض عناصر الخبرة المطلوبة بعدد من المراكز إلى جانب الشباب الصاعدين، واللاعبين المعارين للأندية الأخرى – ومنهم على سبيل المثال محمد اليوسف، وحسن الضامن، وطالب عبد الواحد، وعبد الملك حلبية، ومنير نشار – من منطلق استعادة أبناء النادي الأقدر على تمثيل قميصه بالشكل الأمثل، لافتاً إلى أن هناك ثلاثة فقط من لاعبي النادي مازالت عقودهم سارية المدة مع الفريق الأول وهم زكريا حنان وعمر مشهداني وعماد إدلبي.
ومع انضمام كل من الكابتن عمار ازمرلي (مدير فريق)، وسعد سعد (إداري)، لجوقة البوشي، يمكن القول أن مقولة “الأهلية بمحلية” انطبقت تماماً على كادر الفريق الذي أصبح يضم نخبة من ألمع خبرات النادي، وهذا ما صدّر الثقة للمدرب الذي يمتد عقده لموسم واحد قابل للتجديد مع نوايا بيضاء من الطرفين، إذ صمم البوشي على وضع شرط جزائي في حال طلب فسخ العقد قدره 80 مليون ل. س، بينما أكد رئيس النادي ومشرف الكرة بأن خيار التمديد شبه حاسم.
من منظور آخر، وبعد أن كسبت الإدارة الاتحادية التأييد بخياراتها الكروية، فقد كسبت التحدي الذي فرضته حادثة الإساءة لنادي الاتحاد وجمهوره من خلال فيديو الاحتفال بالفوز بلقب كأس الجمهورية المسرب للبعض من مناصري نادي الوحدة، بمشاركة اللاعبين مؤيد عجان وعلي رمال؛ إذ أصرت الإدارة على العقوبة المسلكية للاعبين، ولم تكتف ببيان الاعتذار والعقوبات التي أعلنتها إدارة نادي الوحدة، إذ شددت الإدارة الاتحادية على العقوبة المستحقة لمن تجرأ بالمساس بالكيان الاتحادي والأخلاقية الرياضية.
وبالفعل صدرت عقوبات مادية ومسلكية بالإيقاف لفترات متفاوتة للاعبين وللنادي، وشملت اللاعب الدولي مؤيد العجان بإيقافه عن المشاركة مع المنتخب في المباريات الرسمية والودية مدة ستة أشهر، وهذا ما دعا الإدارة الاتحادية لمطالبة جمهورها بضبط النفس والتحلي بالأخلاق الرياضية، ووصفت ذلك بالضرورة الملحة “بعدما وصل النادي حقه”، خاصة وأنه يغذ السير نحو مرحلة جديدة مرضية لجماهيره وتعيده للقمة.