عدم المقايضة مع البيئة سهّل اختراق “كورونا” للخطوط الدفاعية
دمشق- فداء شاهين
تشكّل الملوثات والجزيئات المتطايرة مع الهواء أجساماً ناقلة للفيروسات في ظل أن الهواء مليء بالأسطح والغبار الذي يثيره ويحمله عن سطح الأرض، وبالنسبة لانتشار فيروس كورونا عبر الهواء، اعتبر الدكتور المهندس في الهندسة البيئية وتلوث الهواء في جامعة البعث بحمص محمد أسعد أن الفيروس محاط بغلاف بروتيني، فهو فيروس قابل للانتقال في الهواء، ويمكن أن “يضمص” أي محمولاً بحكم وجود الغلاف البروتيني على سطح الجزيئات الدقيقة جداً الموجودة في الهواء مثل الغبار وبعض المكونات الصلبة الأخرى، وخاصة أن الهواء يعج بهذه الجسيمات الصلبة فائقة الصغر، كما أن الفيروس فائق الصغر، حيث توجد أسطح في الهواء، وتعج بكميات هائلة من هذه الجسيمات، وبالتالي الجسيم يمكن أن يكون معلّقاً بالهواء لفترة أيام أو أشهر، وينتقل لمسافات طويلة عبر جسيمات صلبة قادرة على أن تكون بمثابة مستقبل أو سطح يحمل هذا الفيروس، وفي حال استطاع أن يدخل إلى جسم الإنسان ويجتاز الحواجز الدفاعية أثناء الاستنشاق، وهذا لم تهتم به الدراسات، من هنا تأتي أهمية ارتداء الكمامة التي تشكّل حماية إضافية، بغض النظر عن العطاس وغيره، وارتداء الكمامة ضروري لتجنب دخول هذه الجزيئات التي قد تكون محمّلة أو “مضمصاً” عليها الفيروس أو غيره.
وأشار أسعد لـ “البعث” إلى أن الهواء يحتوي على نوعين من الملوثات “الطبيعية، والبشرية” فالملوثات الطبيعية مسؤولة عنها البراكين، نشاطات البكتريا، عمليات تحلل المواد العضوية، والغبار المثار بفعل الرياح، والحرائق الطبيعية “التي تنشأ من تلقاء نفسها”، أما الملوثات الناجمة عن النشاطات البشرية فمنها الغبار، والغازات أهمها: ثنائي أكسيد الكبريت، أكاسيد الآزوت، أول أكسيد الكربون، بعض المركبات العضوية والغازات العضوية المتطايرة، وثنائي أكسيد الكربون، وبخار الماء، والغبار الناجم عن مصانع الاسمنت، ومجموعة كبيرة من العمليات الكيميائية في الصناعات، وتشترك معظم ملوثات الهواء في أثر واحد كبير على الجهاز التنفسي للإنسان، بما أنه المستقبل الأول، حيث يأخذ بشكل دائم ومستمر جرعات كبيرة من الهواء، وبالتالي تدخل المكونات التي يحتوي عليها الهواء إلى الرئتين في جسم الإنسان، وكلما قل حجم الجزيئات ازداد خطر الملوثات لأنها تكون قادرة على اختراق الحواجز الدفاعية الأولى بالأنف والأغشية المخاطية والحنجرة، أما الجزيئات الكبيرة فيتم احتجازها، وكلما كان حجم الجزيئة صغيراً ازدادت إمكانية عبورها للشعب الرئوية، وبالتالي إحداث مشاكل معقدة تبدأ بشكل من أشكال الحساسية التنفسية، وقد تنتهي بتليف وتغير بمورفولوجيا وفيزيولوجيا الخلايا المكونة للجهاز التنفسي للرئة تصل إلى السرطان، مثال عن الغازات: غاز أول أكسيد الكربون لا لون له ولا طعم ولا رائحة، وهذا غاز في غاية الخطورة، وبالأوساط المنزلية أثناء عمليات التسرب يشكّل خطراً كون الإنسان لا يشعر به، ولديه سرعة الاتحاد مع الدم هيمجلوبين الدم أكثر بـ 200 مرة من اتحاد الأوكسجين، إضافة إلى غاز ثنائي أكسيد الآزوت وهو أخطر من cop بـ 1500 مرة، ولكن لحسن الحظ له لون ورائحة وطعم مخرش، وتراكيزه أقل بكثير عادة في الأوساط الملوثة من تركيز أول أكسيد الكربون، لذلك الإنسان الذي يستنشق هذا الغاز يستشعر به مبكراً ويتجنب خطره.
ويجب بحسب أسعد التركيز على ضرورة المقايضة مع البيئة، بمعنى أنه سيتم التأثير على البيئة، ولكن تتم معالجة هذا الأثر، وتخفيض الانبعاثات، أو ضبط خروج الانبعاثات من المداخن بكميات كبيرة يجب استخلاصها بوضع المصافي بمسار الغازات، وعدم السماح للغازات الضارة بالخروج إلى البيئة، ووضعها في أحواض وصهاريج، وإعادة إدخالها في صناعات أخرى مثل أكاسيد الآزوت بإدخالها كمركبات آزوتية في الصناعة، والعملية نفسها بالنسبة لغاز الكبريت السام توجد صناعات بحاجته، مع زراعة حزام حراجي من الأشجار المقاومة للملوثات، بحيث يتم تخفيف العبء عن الأوساط الأخرى بالفلترة الطبيعية.