مجلة البعث الأسبوعية

الأطفال لا ينقلون فيروس كورونا

ترجمة: علي اليوسف ــ عن “بلومبيرغ”   

عادةً ما يكون الأطفال غير حاملين لجراثيم الجهاز التنفسي، ما يؤكد حقيقة أنهم غير ناقلين رئيسيين لفيروس كورونا الذي يسبب كوفيد-19، والدليل على ذلك أنه لم يتم لحظ أطفال بين المرضى في المشافي. وفي هذا الصدد، تشير الدراسات إلى أن من هم في سن المدرسة الابتدائية، على الأقل، قد يكونون أقل عرضة للإصابة بالفيروس.

وأشارت التقديرات الأخيرة إلى أن 2٪ إلى 5٪ فقط من الأفراد المصابين بكوفيد-19، المؤكدين مخبرياً، كانوا أقل من 18 عاماً، لذلك عادةً ما يعاني الأطفال المصابون بكوفيد-19 من أعراض أكثر اعتدالاً، وهي تقتصر في الغالب على الأنف والحنجرة والمجاري التنفسية العلوية، ونادراً ما يحتاجون إلى دخول المستشفى.

ووفقاً لبحث أجراه علماء في جامعة هارفارد، مع مدرسة “تشان” للصحة العامة في بوسطن، وجامعة سانت أندرو في اسكتلندا، وتم إصداره في حزيران الماضي، فإن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات هم أقل عرضة للإصابة بالفيروس من المراهقين والبالغين، وقال الباحثون إن قابلية الإصابة لدى الأطفال أكبر من 10 سنوات مماثلة للبالغين، باستثناء أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، والذين هم أكثر عرضة للخطر. وقد تم دعم نتائج البحث من خلال دراسة نُشرت في تموز الماضي، واستخدمت اختبارات الأجسام المضادة لمسح استهدف 2766 شخصاً في جنيف، ووجدت أن المراهقين كانوا عرضة للإصابة بالفيروس تقريباً مثل البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و49 عاماً، بينما يتأخر لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات.

وهناك العديد من النظريات، فقد افترض العلماء أن كوفيد-19 قد ينقذ الأطفال لأنهم أقل تعرضاً للفيروس، حيث يؤدي إغلاق المدارس وإجراءات أخرى إلى عزلهم إلى حد كبير. ومن المحتمل أن يقوم الأطفال باستجابة مناعية أولية أقوى للفيروس، ما يمنح الجسم فرصة أفضل لصده، وتجنب بعض المضاعفات التي يتعرض لها البالغون. كما تم الافتراض بأن الشكل الذي يستخدمه الفيروس لغزو الخلايا البشرية قد يكون أقل نضجاً عند الأطفال، ما يجعل من الصعب عليه التسبب في العدوى. يضاف إلى ذلك أن فئة الشباب أقل تعرضاً للإصابة بارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع 2، وحالات مزمنة أخرى معروف أنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل كوفيد-19.

ولوحظ أيضاً معدل إصابات منخفض وأعراض خفيفة بين الأطفال خلال التفشي المبكر لفيروسين سابقين، أحدهما كان في 2002 – 2003، ويسبب متلازمة الجهاز التنفسي الحادة “سارس”، والآخر كان بدأ في عام 2012، ويسبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية “ميرس”.

 

هل ينشر الأطفال الفيروس؟

لم يتضح ذلك بعد ، ولكن الأمر قد يعتمد على ما إذا كانوا مرضى، فقد أفاد أطباء في شيكاغو، في تموز الماضي، أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، ومصابون بكوفيد-19 “خفيف إلى متوسط”، لديهم تركيزات أعلى من الفيروس في المجاري التنفسية العلوية، مقارنة بالأطفال الأكبر سناً والبالغين، وهو ما يمكن أن يجعلهم أكثر قابلية للعدوى. ومع ذلك، وجدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة “ناتشر” أن الغالبية العظمى من الأطفال المصابين في هذه الفئة العمرية لا تظهر عليهم أعراض، ما يقلل من احتمالية نقل الفيروس.

وفي دراسة أخرى، تم الاستشهاد بها كثيراً، على 5706 مريضاً بفيروس كورونا ومخالطيهم في كوريا الجنوبية، خلص الباحثون إلى أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10 أعوام ينشرون الفيروس داخل الأسرة بأقل معدل، ولكن أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً كانوا أكثر عرضة لنشر الفيروس أكثر من الأطفال.

وقد ألقت البيانات الإضافية لاحقاً بظلال من الشك على معدل انتشار الأطفال الأكبر سناً ولكن ليس الأطفال دون سن العاشرة ، مع اكتشاف عام بأن القدرة على نقل العدوى تزداد مع تقدم العمر، كما يبدو. وفي هذا المجال، أفاد باحثون في سينسيناتي، في تموز الماضي، أنه في الولايات المتحدة، ارتبط إغلاق المدارس بانخفاض بنسبة 62٪ في حالات الإصابة بكوفيد-19، وانخفاض بنسبة 58٪ في الوفيات. لقد أقروا بأن الاتجاهات كانت أكبر في الولايات ذات معدل الإصابة التراكمي المنخفض لكوفيد-19، في وقت إغلاق المدارس، وأن من الممكن أن يكون بعض الانخفاض بسبب تدابير أخرى.

أعادت الدانمرك والنرويج فتح المدارس في نيسان الماضي، ويربط اختصاصيو الصحة نجاحهم بإستراتيجيات التخفيف، بما في ذلك قاعات الصفوف الأقل عدداً وزيادة غسل اليدين. زعلى النقيض من ذلك، أعادت ألمانيا الطلاب الأكبر سناً إلى المدارس في مجموعات صغيرة، في أوائل أيار الماضي، عندما كانت الحالات الإجمالية مرتفعة نسبياً وشهدت زيادة في انتقال العدوى بين الطلاب.

وجد العلماء في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي، في حزيران الماضي، أن الأعراض السريرية تظهر في 21٪ من الإصابات لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً، وترتفع إلى 69٪ لدى الأشخاص الأكبر من 70 عاماً، ما يعني أن الموت نادر للغاية عند الأطفال، على الرغم من أنه يمكن أن يحدث لدى أولئك الذين يعانون بالفعل من مرض السرطان أو حالات خطيرة أخرى.