“تأمين الحياة” أو “ضمان الورثة” يحارب بالمعتقدات ويطبق بسلوكيات اجتماعية..وهيئة الإشراف تعد بمنتج “صحي شعبي”
دمشق – فاتن شنان
لاشك أن ظروف الحرب والأزمات الصحية العالمية ساهمت بشكل عام بارتفاع نسب الوفيات، وعلى الرغم من أن حالة الوفاة أمر محقق ولو بعد حين، إلا أنه من الضروري التفكير بشكل عملي في تدبر أمر الأبناء والورثة والتفكير بمستقبلهم، بغية تلافي خسارة كبيرة محتملة الوقوع قد تؤدي إلى شل حياة الفرد وانهيار مستقبله، وبالتالي لابد من ضرورة التوجه إلى الاستفادة والانضمام إلى المنتجات التأمينية، ولاسيما التأمين على الحياة، فعلى الرغم من أهميته وارتفاع نسبه عالمياً، لا يزال ضمن النسب الأقل نمواً بالمقارنة مع منتجات التأمين، إذ سجل ارتفاعاً ملحوظاً مقابل نحو 186 مليون كقيمة إجمالية للعقود في كافة شركات التأمين المحلية في الربع الأول من العام الحالي، ويبدو أن هناك إشكاليات تعيق تغير التفكير السائد منها نقص الثقافة التأمينية بالتوازي مع صعوبات الحياة المعيشية، لذلك حاولنا تسليط الضوء لتوضيح مفاصله ومعالجة معيقاته علها تحدث التغير المطلوب وتنشر الوعي بأهميته.
لابد منه..
من اللزوم بمكان توضيح أنواع عقود تأمينات الحياة، وهي عبارة عن عقود تفرض قيمة معينة لدى بداية التعاقد بين شركة التأمين والمؤمن له، حيث يتم الاتفاق على قيمة التعويض والقسط اللازم له سنوياً، ويصرف التعويض بعد حدوث الوفاة، وآخر استثماري محدود المدة الزمنية، ينص على أن يتم صرف مبلغ التعويض “قيمة العقد” إذا حدثت الوفاة خلال مدته، أما في حال عدم حدوثها يدفع للمؤمن له بعد انقضاء المدة كامل الأقساط مع استثماراتها.
حسن النية..
تخضع قيمة عقد تأمين الحياة لاعتبارات أهمها عمر المؤمن والحالة الصحية له، وكون قيمة تعويض الحياة قيمة سامية فليس هناك قيم مالية محددة من قبل شركات التأمين، إذ بين مدير هيئة الإشراف على التأمين المهندس سامر العش أنه يتم الاتفاق عليها بين المؤمن له والشركة الراغب بالتعاقد معها، وذلك بعد دراسة الاعتبارات المذكورة آنفاً من قبل الشركة ليصار إلى تحديد المبلغ المطلوب، وبالتالي تحديد القسط السنوي للعقد، مع العلم أن العمر المقبول بشكل عام هو مادون الستين عاماً، أما بعده تصبح الأقساط أضعاف كبيرة لاحتمالية الوفاة وماهية الأمراض المرافقة له، وأوضح العش أن هناك جداول عالمية تصدر عن خبراء اكتواريين ويتم التعامل بها في جميع البلدان والشركات بنفس المستوى، منها معدل الأعمار في سورية وحالات الوفاة وأسبابها والأمراض السائدة أو المستعصية، وبناءً عليه يوجد الكثير من الحالات يتم رفضها وتتحفظ الشركة تجاهها، كون قسطها غالباً ما يكون كبير أو غير مبرر، ويتخللها إخفاء بعض المعلومات الصحية للمؤمن عن شركة التأمين المتعاقد لديها، وفي حالة اكتشافها يتم رفض صرف التعويض بالرغم من تسديد الأقساط، ولمحاولة معالجة هذه الإشكالية شدد العش على مبدأ حسن النية أو المصداقية التامة وهو مبدأ أساسي في جميع أنواع التأمين ويتطلب موافاة الشركة بكافة المعلومات التي تهم شركة التأمين وإن لم يتم طلبها رسمياً.
ضمان الورثة
يتصدر العامل الروحي المنبثق عن الثقافة المجتمعية وليس عن المعتقد الديني، أولى المواجهات بين المجتمع ومنتج تأمين الحياة، ورغم محاولات الهيئة لتوضيح أبزر نقاط عدم تناقضهما، إلا أنه لا يزال عثرة في طريق الانتشار، وأشار العش إلى محاولات الهيئة في الكثير من الندوات التعريفية إلى أهمية تأمين الحياة وعدم تعارضها مع المعتقد الديني كونه تجسيد لمبدأ التكافل الاجتماعي الذي تنشره جميع الأديان، وتوفيره حماية لعائلة المؤمن له من العديد من العوامل السلبية التي ستواجه الأسرة بعد فقدان المعيل، كعدم الاستقرار المادي وانعطاف مسار أبناء الأسرة سواء تعليمياً أو اقتصادياً، وبالتالي يضمن عقد تأمين الحياة استقرار حال الورثة، وهو ذات السلوك المتبع في معظم المجتمعات لضمان مستقبل الأبناء برصد ممتلكات مالية تحال إليهم بعد الوفاة، وبالتالي تبدو الإشكالية ليست في الطريقة بحسب العش وإنما قد تكون التسمية التي تتعلق بمسلمات الحياة وتداخلها مع القضاء والقدر، وبالتالي يبدو الحل بتغيير المسمى إلى ما يناسب معتقدات المجتمع غير الدينية لتكون “ضمان الورثة” على سبيل المثال بحسب العش، سيما وأن أهمية قيمة التعويض قد تؤدي دور في إقامة مشاريع إنتاجية صغيرة للأسرة بعد وفاة المعيل ترفد بها الاقتصاد الوطني، أو في أسوء الأحوال سداد الديون المستحقة على المؤمن له.
منتج شعبي
ولا ننكر أن الوضع المعيشي ساهم ولو بشكل جزئي بابتعاد الأفراد عن منتجات التأمين، لذلك تتجه الهيئة لتطبيق طرق فعالة لتسهيل انتشار التأمين منها الدفع الالكتروني بأقساط شهرية وليست سنوية، وبالتالي التخفيف من عبء الدفعة الواحدة، والتي تحول دون انضمام الكثيرين إلى مثل تلك المنتجات، من جهة أخرى أنهت الهيئة إعداد منتج جديد “تأميني الصحي الشعبي” ويتضمن تأمين صحي وتأمين حياة ومضافاً إليه تأمين حوادث شخصية، يناسب ذوي الدخل المحدود والطلاب، وسيطبق بقسط منخفض يستطيع أي مواطن الحصول عليه، ويقارب الـ500 ليرة سنوياً، ويحقق مكاسب وتغطية واسعة، بسقف نص مليون ليرة، وبين العش أن شريحة الدخل المحدود هي الشريحة التي تستفيد من هذا المنتج كونه يعتمد قاعدة غير موجودة بشتى أنواع التأمين، وهو قانون الأعداد الكبيرة – أي بمعنى أدق “قانون التكافل بين المجتمعات”، ويعتمد على مبدأ أنه كلما ارتفعت حجم الشريحة التي تشترك بذات التأمينات كلما انخفض الخطر على شركة التأمين، وبالتالي انخفض القسط على المؤمن له، وسيكون هذا المنتج سيكون محقق على كافة المدارس وطلاب الجامعات في بداية العام القادم، حيث كان من المفترض تطبيق خلال الفترة الحالية، إلا أنه تم تأجيله إلى بداية العام ليكون هناك استقرار أكبر في الأسعار.