المعاناة مستمرة.. أردوغان يواصل قطع المياه الحسكة
تستمر معاناة أهالي الحسكة نتيجة قطع المحتل التركي الماء عنهم من محطة علوك في مشاهد وصور يومية تصم جبين الإنسانية بالعار تتلخص برحلة البحث اليومي لتأمين لترات قليلة من المياه تروي عطش الأسرة في ظل استمرار المحتل الغاشم بالتحكم بالمحطة التي تعد المصدر الرئيس لمياه الشرب لما يزيد على مليون مدني.
العشرات من الأطفال والشيوخ والنساء يتجمعون يومياً حول صهاريج المياه التي تقوم الجهات الحكومية بتأمينها بالتعاون مع المنظمات إلا أنها لا تسد الحاجة ولا سيما أن هناك مناطق لا تصلها هذه الصهاريج بسبب الضغط الكبير عليها وبعدها عن مركز المدينة بينما لجأ بعض الأهالي على أطراف الأحياء لتأمين مياه الشرب من الآبار السطحية القريبة المالحة غالباً إذ لا خيار لهم غير ذلك.
نقل المياه عبر البيدونات والأواني بات مشهداً يومياً لأبناء الحسكة الباحثين عن مياه صالحة للشرب.. جاسم أب لثلاثة أطفال يقطن على أطراف حي النشوة الغربية واحد من هؤلاء يحمل وعاء يتسع لكمية قليلة من المياه على دراجته الهوائية باحثاً عن صهريج يقول: “أحيانا أصادف صهريجا قريباً وأكثر الأحيان اضطر لقطع مسافات بعيدة بحثاً عن صهريج فلا قدرة مادية لي لشراء المياه المعدنية وهذا حال الأغلبية من الأهالي وبعضهم اضطر لشرب مياه الآبار السطحية”.
وتقع محطة علوك شرق مدينة راس العين قرب الحدود السورية التركية وتضم 30 بئراً غزارة الواحدة منها 200 متر مكعب بالساعة ويتم ضخ المياه منها باتجاه الحسكة عبر قساطل بطول 70 كم قطر 1200 لكن منذ سيطرة قوات الاحتلال التركي ومرتزقته على المحطة قبل بداية العام الجاري يتم وقف الضخ وقطع المياه بشكل متكرر ولفترات طويلة عما يزيد على مليون من أهالي الحسكة.
المحطة دخلت الخدمة عام 2013 علماً أن المشروع كان احتياطياً وليس استراتيجيا عند إحداثه ولكن يعد الآن المصدر الوحيد لمياه الشرب ويروي التجمعات السكانية على طول خط الجر وصولاً إلى الهول شرق المحافظة مروراً بمدينة الحسكة وضمن حي الزهور المعروف بحوش الباعر على أطراف مدينة الحسكة الجنوبي حيث تسكن عشرات العائلات في مناطق لا تصلها أساساً صهاريج نقل المياه فهم مضطرون بشكل يومي لقطع مسافات إلى بداية الحي لتأمين مياه الشرب لعوائلهم.
ويقول أبو يوسف: لا أملك المال لشراء مياه الشرب والصهاريج الخاصة تبيع المياه بسعر 8000 ليرة سورية للخزان سعة 5 براميل ولابد من تأمين مياه الشرب قبل الذهاب إلى العمل وفي الكثير من الأحيان اصطحب وعاء معي إلى جهة العمل الخاصة لتعبئتها في حال تمت مصادفة أحد الصهاريج التي توزع مجاناً ونحن على هذا الحال منذ أكثر من 14 يوماً بسبب ممارسات المحتل التركي الذي يتلاعب بمصير الأهالي ويحرمهم مياه الشرب.
وفي مشهد آخر.. مئات الأواني الخاصة بنقل المياه تجمعت برتل منظم في فناء أحد الأبنية الطابقية عندما علموا بوجود صهريج يحمل مياهاً صالحة للشرب.. رجل سبعيني ينتظر حاله حال الجميع.. يتمتم بكلمات تعبر عن غضبه للواقع المرير الذي أوصل أبناء الحسكة إلى هذه الحالة ويقول: “هذه هي الحرب.. وماذا نتوقع من المحتل غير الخراب والدمار والتضييق على الأهالي ضارباً بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية”.
شيخة الحسن أم لطفلة معوقة تسكن أطراف حي العزيزية عبرت عن معاناتها بالقول: “العطش أخطر من فيروس كورونا.. المياه لم تصلنا منذ 20 يوماً.. أنا سيدة لا حول لي ولا قوة.. اضطر يومياً للبحث عن صهريج قريب لتأمين حاجتي أنا وطفلتي من مياه الشرب وهذه جريمة بحق البشرية ووصمة عار على جبين كل من يحاول تعطيش أبناء الحسكة”.
فاضل أبو رهف أب لخمسة أطفال يقيم في قرية الفلاح شرق مدينة الحسكة وهو وافد من مدينة الشدادي يقول: “الأمر لا يطاق وبدأت مشكلة قطع المياه تتفاقم وهناك صعوبة بتأمين مياه الشرب.. منذ 22 يوماً على التوالي لم تصلنا قطرة ماء واحدة من مياه علوك بسبب المحتل التركي الذي يتلاعب بالمحطة ويستخدمها في تحقيق مآربه وأطماعه.. لابد من حل المشكلة وتدخل كل الأطراف الدولية فالعطش لا يطاق.. أغيثوا أبناء الحسكة”.
هذه هي حال أبناء الحسكة اليوم في ظل استمرار النظام التركي باستخدام المياه سلاح حرب ضد المدنيين ومعاقبة أهالي الحسكة في جريمة ترتكب ضد الإنسانية وسط صمت دولي مطبق.