خيارات كارثية
لا يعرف أحد أسباب تأخر الحكومة على مدى الأشهر الماضية بإنقاذ قطاع الدواجن على الرغم من استغاثة المربين وعشرات التقارير الصحفية التي رصدت الارتفاع الجنوني للفروج والبيض.!.
وإذا استعرضنا الخيارات المتداولة، سنكتشف سريعاً أنها لن تنقذ قطاع الدواجن، ولن تُخفّض أسعار الفروج والبيض لا في الأجل المنظور ولا البعيد جداً.!.
والأزمة لا تحتمل الخيارات “النظرية” التي ناقشتها الحكومة السابقة من باب “رفع العتب”، بل كانت تحتاج إلى قرارات تحول دون اندلاع الأزمة وتأثيرها على ملايين الأسر السورية.!
وما حصل يوحي وكأنّ هناك من خطط لأزمة الفروج تمهيداً لصدور قرار باستيراده كحل دائم دون أي اعتراض من أحد.!.
ولا يمكن لأي متابع لما ينشره إعلامنا المحلي أن يصدق أن الحكومة السابقة تفاجأت بأزمة الارتفاع الجنوني لأسعار الفروج والبيض، فمنذ بداية العام على الأقل يعاني قطاع الدواجن من مشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف، ما تسبب بخروج 45% من إجمالي المداجن البالغ عددها 9600 مدجنة عن العمل، في القطاع الخاص حتى الشهر الرابع .. والحبل على الجرار.؟.
وبما أن الأعلاف تشكل 75 % من التكلفة فمن المستغرب أن تتلكأ الحكومة السابقة بدعم الأعلاف أي دعم ملايين الأسر السورية التي استغنت عن اللحوم واستبدلتها بالفروج والبيض.!.
لكن .. لم تفعلها، وكأنّها تقصّدت حرمان ذوي الدخل “المهدود” حتى من الحصول على “نترات” الفروج التي يجب أن ترمى في القمامة!.
نعم.. على الرغم من التحذيرات اليومية، فإن ما من جهة تحركت لوقف إغلاق المداجن والإسراع بتأمين مستلزمات إقلاعها من جديد قبل فوات الأوان.!.
وإذا كانت الحكومة تكرر دائماً أنها مهتمة بالأمن الغذائي للمواطن .. فهل تعتبر أن قطاع الدواجن لا يدخل ضمن استراتيجية الأمن الغذائي.؟.
ما حدث لقطاع الدواجن منذ مطلع العام الحالي، يؤكد بأن آخر اهتمامات الحكومة كان ارتفاع أسعار الفروج والبيض بسبب خروج مئات المداجن عن العمل.
وبدلاً من الإعلان عن مناقصات لشراء كسبة الصويا والذرة بعد فوات الأوان .. لماذا لا تتوفر هذه المواد مسبقاً بأسعار مدعومة للمربين وعدم تركهم فريسة لتجار السوق المحتكرين.؟.
أليس مستغرباً أن يرتفع سعر كيلو الفروج المنظف 800 ليرة أسبوعاً بعد أسبوع دون أن تتحرك أي جهة معنية لمعالجة الأسباب والتي تتركز في توفير الأعلاف المدعومة.
صحيح أن من تبقّى من المربين رفعوا أسعار الفروج والبيض.. ولكن السؤال: هل المطلوب أن يبيعوا بأقل من التكلفة.؟.
ماذا يفعل المربي مع ارتفاع سعر طن الذرة الصفراء في تموز الماضي لحوالي 440 ألف ليرة وطن الذرة الصفراء لحوالي المليون ليرة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية والمحروقات.!.
لم تكن صناعة الدواجن في سورية لتستمر منذ تسعينيات القرن الماضي دون دعم حكومي، وعندما يتراجع الدعم تتراجع هذه الصناعة، وإذا استمر هذا الحال فإنها ستتلاشى سريعاً.!.
بالمختصر المفيد: الخيارات المطروحة لمعالجة الأزمة كارثية، وبخاصة خيار استيراد الفروج المجمد، والمطلوب من الحكومة خطة دائمة تدعم مستلزمات إنتاج قطاع الدواجن كي تعود أسعار الفروج والبيض إلى الحد الذي يتناسب مع القدرة الشرائية لملايين الأسر السورية التي يتبخر دخلها المحدود جداً جداً بعد الأسبوع الأول من كل شهر.!
علي عبود