الأربعون مشروعاً.. ووداع الأزمات؟
“البعث الأسبوعية” ــ حسن النابلسي
لا يمكننا إغفال أن سعر صرف الليرة يتعرض لضغوطات أقلها التهريب، وتحديداً تهريب مادة الدخان التي لا زالت تفرض نفسها بالسوق السوداء على مرآى القاصي والداني من الجهات الرقابية المعنية، ومع ذلك يشهد سعر الصرف استقراراً ملحوظاً، فكيف سيكون الحال إذا ما تم سد هذه الثغرة التي تستنزف ما يقارب الـ 1.5 مليون دولار يومياً من السوق المحلية!
الدولة السورية اجتهدت باتجاه تحسين سعر الصرف، وأثمرت جهودها عن ضبطه ضمن مستوى من الاستقرار، وكان من المتوقع أن يشهد مزيداً من التحسن، لكن يبدو أن ثمة تحديات تحول دون ذلك، من بينها التهريب – كما أسلفنا – يضاف إليه بطء دوران عجلة الإنتاج، المرتبطة بظروف ذاتية تتعلق بتقصير القطاع الخاص ممثلاً باتحادات الغرف، خاصة “الصناعة والزراعة”، المفترض أن يأخذ دوره كشريك للتنمية، ولكن للأسف لم تثبت الاتحادات أية جدية بهذا المجال.. أو بظروف موضوعية لها علاقة بالعقوبات الاقتصادية وبانتشار وباء كورونا وتداعياتهما على جميع المفاصل الاقتصادية عموماً، والإنتاجية منها على وجه الخصوص..!
لا يعقل أبداً أن يصل الاقتصاد السوري إلى مرحلة “لفظ الأنفاس” رغم ما حل به من كوارث وأزمات، وتكالب الدول عليه للنيل منه، لأن لديه = وبكل بساطة – من المقومات ما يخوله أن يكون في مصاف اقتصادات المنطقة على أقل تقدير، فهو، كما سبق وأشرنا في أكثر من مناسبة، ليس زارعياً بالمطلق، ولا صناعياً، ولا تجارياً خدمياً، ولا حتى سياحياً، بل هو مزيج من هذه القطاعات مجتمعةً، يضاف إليها ما يتمتع به من ثروات باطنية وطبيعية، وموقع إستراتيجي، إلى جانب غناه بالكوادر المؤهلة والخبيرة اقتصادياً وعلمياً.
أمام هذا الواقع، يبرز لدينا معطى مهم يعوّل عليه بأن يحدث فارقاً بالمشهد الاقتصادي خلال الفترة القريبة القادمة، يتمثل بزيارة الوفد الروسي الأخير إلى سورية برئاسة نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف، وما أفضت إليه اللقاءات بين الجانبين من حديث عن مشروع الاتفاقية الجديدة حول توسيع التعاون التجاري والصناعي والاقتصادي بين روسيا وسورية يتضمن أكثر من أربعين مشروعاً جديداً..
لا شك أن هذه المشاريع تشكل أرضية لانطلاقة تنموية تضع القطاع الخاص على محك إعادة النظر بآليات تعاطيه مع التنمية كشريك للحكومة، من خلال اتحادات الغرف المتوجب عليها حالياً ردم فجوات الخلاف فيما بينها “كاتحادات”، وفيما بين من تمثلهم من صناعيين وتجار ومزارعيين.. إلخ، والوصول إلى مرحلة من التوافق التام لجهة التركيز على الإنتاج كرافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، وتحسين سعر صرف الليرة.
نعتقد أنه إذا ما أصبحت هذه المشاريع الأربعون من مكونات الاقتصاد السوري بالفعل، وإذا ما تلقف القطاع الخاص جدية الجانب الروسي لجهة التعاون الاقتصادي والتجاري، واتخذ دوره “أي القطاع الخاص” كشريك تنموي، فإننا سنكون على موعد مع قفزة اقتصادية نودع معها كل ما نمر به من أزمات “الكهرباء والغاز والمازوت والخبز.. إلخ”.. مع الإشارة أخيراً إلى أن العديد من اقتصادات العالم لا تتمتع بمقومات كتلك التي يزخر بها الاقتصاد السوري، ومع ذلك اجتهدت بالاشتغال على استثمار ما لديها من مقومات، لتضحي بالنتيجة من الاقتصادات المتقدمة، وماليزيا مثال..!