مع فتح “حنفية” القروض.. طمع الصناعيين وظف أموالهم في أنشطة مخفية.. وترك ملف التعثر وسيلة ضغط
دمشق – فاتن شنان
لاشك أن أولوية منح القروض تتعلق بالإنتاج بشقيه الزراعي والصناعي، بالتوازي مع إيقاف الحسابات الجارية والتسهيلات الدوارة في هذه الفترة تحديداً، هذا ما أكده مدير عام المصرف الصناعي الدكتور عمر سيدي في حديثه حول قرار تعميم استئناف القروض الصادر عن المصرف المركزي مؤخراً، معتبراً تحديد سقف القروض العقارية بـ 400 مليون والمشاريع الصغيرة بـ 500 مليون هو التزام بضرورة التوجّه إلى النشاط الزراعي والصناعي والربط فيما بينهما، ودعم المشاريع الصغيرة التي تعدّ رافعة الاقتصاد في المرحلة القادمة التي قد تمتد لعقدين كاملين، لتأسيس بنية للاقتصاد الوطني، وذلك لكون الظرف الحالي لا يسمح بمنح قروض وتسهيلات ضخمة للمنشآت الكبيرة، إذ يمكنها العمل بالحدود الدنيا وضمن إمكانياتها المتاحة، إلا أن قرار العودة لم يكن بالشكل المأمول كون سيولة المصارف عالية، ومن المفترض أن تنساب قنواتها باتجاه تحقيق توسّع جغرافي وتنوع بالأنشطة المراد تمويلها.
خفايا الواقع..
وشدّد سيدي على صوابية القرار بعدم منح أية تسهيلات لأصحاب القروض المتعثرة، جازماً يأن المنح مرة أخرى يشكل حكماً بداية لتعثر جديد، ولاسيما أن لدى الصناعيين حلولاً عدة منها البيع أو التشاركية مع شركاء ذوي ملاءات مالية لتسوية أوضاعهم وجدولة ديونهم، ومن ثم التوجّه للتموّل من المصارف مرة أخرى بملف نظيف وضمانات جديدة تحفظ حقوق المصرف، كون المنشآت المتعثرة، سواء التي تضرّرت بفعل الأزمة أو سوء الإدارة، بحاجة لتمويل كبير من الأجدى توجيهه لمنشآت جديدة ومضمونة قادرة على تنشيط الإنتاج الوطني؛ وبحسب قناعته الشخصية ومعرفته لخفايا الصناعيين بيّن أن معظم المتعثرين يمتلكون الأموال اللازمة لإعادة الإقلاع ولكنهم يستغلون ملف تعثرهم للضغط على الحكومة للحصول على تمويل جديد، بينما يوظفون أموالهم بأنشطة اقتصادية أخرى مخفية، محاولين استغلال المرونة ورغبة الحكومة بإعادة عجلة الإنتاج، وصولاً إلى المطالبة بقروض بفائدة صفرية، متجاهلين قانون المصارف الذي يُلزم بتحقيق عوائد تغطي نفقاتها وفوائد ودائعها، وساق دليلاً على عدم رغبة الصناعيين بالاستفادة من المزايا المقدمة ضمن برنامج دعم الفائدة الذي أقرّته وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بعدم تقدم أي صناعي بطلب تمويل ضمنه، حيث لم يرد إلى المصرف لغاية اليوم أي طلب، وعددها في المصارف العامة يكاد يكون محدوداً جداً.
هناك حلول…
يبقى الحل الوحيد لهذا الملف –من وجهة نظر مدير عام الصناعي- هو المقترح المتضمن إضفاء بعض التعديلات على القانون 26 لعام 2015 والذي تمّت مناقشته سابقاً مع المصرف المركزي لكنه إلى اليوم لم ير النور، لتشجيع المتعثرين على السداد، وذلك بالإعفاء من فوائد التأخير المتراكمة على أصل القرض، إذ تبلغ قيمة القروض المتعثرة نحو 30 ملياراً، 60% منه أصل الدين والنسبة المتبقية غرامات وفوائد، وبالتالي فإن المصرف استطاع تحصيل نسبة من القروض ضمن القانون القديم ويُقدّر تحصيل المصرف خلال العام الحالي بنحو مليارين، ولكن من لم يستطع التسديد ضمن تلك الشروط، فبالضرورة يحتاج إلى مزايا ومرونة أكبر لمعالجة ملفه وتسديد قروضه.