ثقافةصحيفة البعث

تضامناً مع غزة.. سريالية وتعبيرية رمزية في “اللوحة الصغيرة”

ملده شويكاني

يد تقف في وجه نزيف الدم، لوحة الفنان سامر قاسم التي كانت ضمن لوحات معرض “اللوحة الصغيرة”، الذي أقامته وزارة الثقافة ـ مديرية ثقافة دمشق في المركز الثقافي العربي ـ أبو رمانة- بمشاركة تسعة وثلاثين من الفنانين الفلسطينيين والسوريين بتقديم تسعة وخمسين عملاً بإشراف الفنان معتز العمري، بعنوان “تحية لأهلنا في غزة” وفق التعبيرية الرمزية والسريالية، حيث اتّسم المعرض بتنوع وغنى الرؤى والأفكار وتوظيف رموز الهوية ومفردات التراث الفلسطيني، مع حضور العلم الفلسطيني.

ثلاثيات مترابطة

وتميّز بعرض ثلاثيات لبعض الفنانين عبّرت عن حالة درامية، منها ثلاثية الفنان محمود الخليلي، إذ صوّر في الأولى حالة الأمان التي تعيشها غزة برسمه معالم المدينة بالاندماج مع الطبيعة بتعبيرية رمزية، وينتقل في الثانية إلى البركان الهائج الذي لم يستطع إحراق غزة، ليصل إلى النصر القريب في لوحته الثالثة.

كما صوّر الفنان أيهم حمادة بثلاثية لوحاته اغتيال حمامة السلام التي تعني انتهاك حقوق الإنسان وقتل الأطفال والدمار بتقنية الغرافيك بالحبر الصيني. أما آلاء الكيلاني فعبّرت عن الغضب بالانفعال اللوني، وعن التمسّك بالأرض بالقرط الذي تتزين به الأنثى الباكية ويحمل مفتاح البيت، في حين، ركز فتحي صالح على الديك الذي استعاض به عن الرأس بلوحته السريالية التي تومئ بفجر الحرية والانتصار.

أحلام الشعب الفلسطيني

وتوقفت “البعث” مع الفنان الفلسطيني محمد الركوعي الذي شارك بثلاث لوحات، جسّد بالأولى وجه امرأة فلسطينية بأسلوب سريالي، وعمل في الثانية على المحاكاة والربط بين المدن القديمة، فرسم التقاطعات بين بيوت دمشق والقدس ونابلس المتشابهة، في حين عبّرت الورود في المزهرية عن محبة الشعب الفلسطيني للحياة.

وأشار الركوعي إلى أن المعرض محاكاة لتاريخ الشعب الفلسطيني وأحلامه، وهو مكرّس للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للعدوان الأوروبي والصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية، فعبّرت اللوحات عن أحلام الفنانين الفلسطينيين بأن تكون لفلسطين دولة وتعيش بسلام بلا اعتداءات بعد تاريخ طويل من اعتداءاتهم التي هجّرت السكان من قراهم ومدنهم قسراً، وما يزالون يلاحقوننا الآن على ما تبقى من فلسطين، ويقلبون الموازين ليظهروا بأنهم ضحايا.

ملتزمون بالقضية الفلسطينية

كما عبّرت لوحة سامر الصعيدي برمزية شقائق النعمان بكثافة لونية بألوان الإكليرك عن الارتباط بالأرض وروح الشهداء، يقول: “المعرض تضامن مع الشعب الفلسطيني في الداخل، وتميّز بأعمال جيدة وبمشاركة كبيرة من السوريين والفلسطينيين لنؤكد بأننا شعب واحد وبأننا ملتزمون بالقضية الفلسطينية”.

غصن الزيتون والزنبق

أما حنان محمد الملتزمة بمفردات التراث الفلسطيني فشاركت بعملين للبورتريه بألوان الزيتي، في اللوحة الأولى شدّت الانتباه إلى أقراط غصن الزيتون التي تتزين بها المرأة الفلسطينية تأكيداً على حق العودة، وفي الثانية أظهرت حمامة السلام محاطة بتدرجات لونية للزنبق بإشارة إلى الربيع والنصر القادم، مبينةً أن المرأة الفلسطينية أيقونة القضية الفلسطينية، فهي الأم التي أنجبت الأبطال والشهداء وربّتهم على العزة والكرامة، ومن واجب الفنان أن يساند فلسطين بصوته وريشته.

في حين جسّدت لينا النبهاني المرأة الفلسطينية التي ترتدي الثوب الفلسطيني على خلفية الزخارف بأسلوب واقعي.

هواجس خفية

أما مشاركة نهى جبارة فكانت ببورتريه تعبيري بألوان الإكليرك على القماش نفذته بتقنية التضاد اللوني بين الأسود والأبيض، بضربات قوية بالسكين التي تعطي اللوحة خشونة في مواضع، ورقّة في مواضع أخرى، وأوضحت أن مشاركة الفنانين بالمعرض تعدّ مساندة متواضعة لأبناء غزة، فعبّرت من خلال عملها عن الهموم والهواجس الخفية التي يعانيها الإنسان العربي في الجانب الأسود، بينما نقرأ الأمنيات والدعاء بغدٍ أفضل في الجانب الأبيض، ضمن مسارها بالتضاد الذي ينسحب على المفارقات والتناقضات.

الأنثى والسمكة

وتشكّل الأنثى العنصر الأساسي في أعمال نجوى الشريف، فجسّدت بأسلوب تعبيري الأنثى رمز العطاء اللامحدود في الحياة بحركات مختلفة على خلفية قاتمة تظهر جمالية اللون الأصفر والأخضر والبرتقالي، وربطت بين الأنثى بمباشرة فنية وبين رمزية السمكة، ونوّهت بأنه في كلّ ثقافات الشعوب تدلّ السمكة على حالة الخصب والحياة، وأشادت بالمعرض الغني بالألوان والأفكار، والفانتازيا والتراجيديا، إضافة إلى تميّز الفنانين الفلسطينيين الذين لهم تاريخ كبير بالفنّ التشكيلي.

رمزية الحصان

كما اعتمدت ليلى الأسطة على التقسيمات والتقطيعات داخل اللوحة برسم مفردات التراث، رابطة بينها وبين الأم الفلسطينية التي تمسك بيد أبنائها إيماءة إلى الاستمرار والصمود، والتمسّك بالهوية والتراث مستخدمة الإكليريك والزيتي والفحم ومواد أخرى، وأضافت من أحجار الشطرنج الحصان الذي يأخذ دور الجندي تعزيزاً للبطولة، وعلقت بأنها عنوّنت لوحتها بـ”لن نرحل” مشيرة إلى رسائل الفنّ بالصمود مع الشعب الفلسطيني.

هالة من الحبّ

وأضافت ريم قبطان بشكل دائري حرف الواو الذي رسمته وفق خصوصية قواعد الخط العربي بخط الثلث لما يُسمّى بالواو المجموعة الملفوفة التي ترمز إلى الاحتواء والأمان حول مشهد التكية السليمانية، التي تعدّ أحد معالم دمشق ضمن هالة المحبة باستخدام الألوان المائية والإكليريك.

عشق القدس

في حين خطّ أحمد كمال بخط النستعليق مفردة “عشق” بقياسات وأحجام مختلفة على جزء من قبة الصخرة، ونوّه بأنه توخى ذلك بغية الإحساس بأبعاد البعد والقرب، فكل العشق يسبح في فضاء القدس.

وحدة متكاملة

المشرف على المعرض شارك بأربعة أعمال بالإكليريك على القماش، تضمنت لوحة صغيرة جداً، كلها ضمن وحدة متكاملة تنبثق من طوفان الأقصى والصمود وتعزيز التراث الفلسطيني، وخطّ باللون الأحمر اسم غزة في إحدى اللوحات، بينما حملت المرأة الفلسطينية في اللوحة الثانية اسم فلسطين ضمن أسلوبه بالدمج بين الغرافيك والتصوير باستخدام الشاشة الحرارية كتأثير بالعمل كما ذكر.