مركز سوا الخيري.. احتضان لآمال جرحى الحرب ومطالب بدعم مشاريعهم
يقدّم مركز سوا الخيري لجرحى الحرب منذ بداية الأحداث في بلدنا العديد من الأنشطة، أبرزها مطبخ الأم السورية، الذي كان رديفاً للجيش السوري في ساحات القتال في أرياف حماة وإدلب وحلب وحمص، إضافة لتقديم الدعم للمقاتلين في وادي الضيف والحامدية أثناء الحصار.
وتتويجاً لجرحى الوطن ورداً للجميل، تقول مديرة المركز ياسمين شاهين: يسعى مركز سوا لتقديم أفضل ما عنده لأبناء الجرحى من مساعدات وخدمات متنوعة في منطقتي مصياف والغاب بحماة من خلال مشروع جريح الوطن الذي ترعاه الأمانة السورية للتنمية.
خدمة عالية
وبيّنت شاهين في اتصال هاتفي مع “البعث” أن فريق مركز سوا يُعنى بجرحى الحرب من المدنيين والعسكريين والذين يبلغ عددهم 1200 جريح، ويقوم على عدة برامج متكاملة ومترابطة على أسس متماسكة وهيكلية منظمة لتقديم الخدمة بأفضل جودة ممكنة وخلق برامج وربطها لخدمة الجرحى، مؤكدة أن “سوا” أطلق البرنامج الطبي بأقسامه الخمسة الرئيسية (قسم المعالجة الفيزيائية – قسم العيادة إلى جانب أقسام العيادة – الصيدلة – علاج صعوبات النطق – وقسم التنمية)، على أن يُستقبل الجرحى مجاناً ضمن قسم العيادة بعد الاطلاع على التقارير الطبية والثبوتيات اللازمة لتتمّ معاينتهم بشكل كامل من قبل الطبيب المختص مع تقدير إمكانية العلاج الفيزيائي وتحديد الأدوية والمستلزمات الطبية التي يحتاجونها. وفيما يتعلّق بماهية عمل باقي الأقسام أوضحت شاهين أن قسم المعالجة الفيزيائية مجهز بالخدمات الأساسية والأدوات والوسائل الطبية المساعدة في العلاج الفيزيائي، ويتمّ استقبال الجرحى بناءً على خطة علاجية تحدّد من خلالها جلسات ومواعيد ثابتة لتلقي العلاج، ويقوم الفريق الطبي المختص بتقييم واقع التقدم في حالات المرضى بشكل دوري من خلال تقارير دورية دائمة لتتمّ معالجتها، بالتوازي يعمل قسم الصيدلة على تقديم معظم أنواع الأدوية التي يحتاجها الجريح بشكل عام، ويؤمن لهم نقصَ الأدوية بشكل دوري بعد التأكد من صلاحيتها باستمرار، كما يوفر المركز المستلزمات الطبية الرئيسية، كالأسرّة وفرشات الإسفنج والكراسي المدولبة والووكر، إضافة للعكازات والجبائر والقثاطر وفرشات الهواء والحفاضات، وتسلّم هذه المستلزمات أصولاً للمرضى أو من ينوب عنهم بشكل موثق وقانوني. أما بالنسبة لقسم علاج صعوبات النطق، فتقول المديرة: تمّ تجهيزه بجميع وسائل المساعدة التي تؤهل المستفيدين لتجاوز مشكلاتهم في النطق والكلام ضمن جلسات دورية مكثفة تبعاً للحالة، حيث تتمّ دراسة وتقييم التقدم الحاصل مع كل مستفيد بشكل مستقل. وفيما يتعلّق بالبرنامج الطبي أكدت شاهين أنه مجهز بثلاث سيارات إسعاف لنقل الجرحى بشكل يومي من منازلهم إلى المركز وبالعكس، وللبرنامج فريق جوال يقوم بزيارة دورية للجرحى بشكل يومي في الأرياف البعيدة والذين لديهم حالات تمنعهم من الوصول إلى المركز، ويقدّم لهم جميع الخدمات (علاج فيزيائي- أدوية- مستلزمات طبية).
تشبيك وتعاون
ولا يتوقف البرنامج الطبي عند هذا الحدّ –تقول المديرة- بل يقوم أيضاً من خلال التشبيك مع الفعاليات الأهلية والمدنية والرسمية، بتـأمين الخدمات الطبية المتاحة للجرحى، كإجراء العمليات الباردة والإسعافية وتأمين وتركيب الأطراف الصناعية، وهناك قسم خاص بالتنمية يتضمن عدة برامج كالتدريب والـتأهيل المهني الذي يهدف لدمج الجريح في المجتمع وتأهيله لدخول سوق العمل بصفة منتج قادر على إعالة نفسه وذويه. ومن هذا المنطلق جهز المركز صالةً لتقديم برنامج التدريب، الذي قدم دورات تدريبية مكثفة في مهن متنوعة يختارها الجرحى أنفسُهم بإشراف مدربين اختصاصيين، وذلك بعد الانتهاء من فترة العلاج التي يقضيها الجريح في برنامج العلاج الفيزيائي. وأضافت شاهين: أما عن برنامج التسويق ضمن قسم التنمية فكان الهدف من افتتاحه إيجاد فرص عمل دائمة ومستقرة للجرحى وذويهم، عبر إقامة جولات ميدانية إلى منازلهم للتعرف على منتجاتهم أو من خلال البيئة الخاصة بكل جريح، وإلغاء دور الوسيط في السوق، وبالتالي تأمين سلعة نظيفة ومضمونة وبأسعار أقل من السوق من خلال تشكيل بازار خاص بمنتجات الجرحى يعتمد المنتجات المنزلية المصنوعة محلياً من قبلهم وذويهم، وكانت بداية ذلك في بازار سوا لجرحى الحرب، كما شارك المركز بعدة معارض ومهرجانات تسويقية، أهمها معرضُ دمشق الدولي، وحقّق عدة شراكات مثمرة في هذا الخصوص مع المؤسسة السورية للتجارة، والجمعية السورية للتسويق، واتحاد المصدّرين السوريين، ومركز ضبط الجودة العرب.
نشاطات سوا
من الضروري الإشارة إلى أن مركز سوا وزع 120000 وجبة غذائية للعائلات المحتاجة والوافدة إلى منطقتي مصياف والغاب وريفهما ،خلال عام 2012، ومع بداية كل عام دراسي كان الفريق يعمل على توزيع قرطاسية وألبسة مدرسية لـ 1500 طفل من ذوي الشهداء والجرحى، وإقامة فعاليات تكريم وتوزيع مساعدات إغاثية لهم، وتوزيع ثياب جديدة ومستعملة لـ 500 شخص سنوياً من المهجّرين، إلى جانب توزيع مساعدات إغاثية بشكل مستمر (2000 سلة غذائية – 500 صحية – 2000 حرام وفرشة إسفنج) سنوياً، كما وزع المركز 2220 سلة غذائية في محافظة حماة عام 2017، إضافة لبرنامج القروض الصغيرة الذي يقدّم للجرحى من دون فائدة لتنفيذ مشاريعهم الخاصة التي تؤمّن لهم دخلاً إضافياً، ويقوم المركز على فريق إداري ترتبط به جميع البرامج سابقة الذكر وبوحدة عمليات خاصة تقوم باستقبال المعلومات والمعطيات بشكل مؤرشف ومؤتمت لتقييم واقع الجرحى في كل برنامج على حده، بما يتناسب مع وضع الجريح. وأردفت شاهين: لم يتوقف فريق المركز عن تنفيذ المشاريع السابقة بل يسعى على المدى البعيد لتخطيط وتنفيذ برامج أخرى تساعد الجرحى اجتماعياً واقتصادياً، حيث تستهدف هذه البرامج الجرحى بشكل خاص وذويهم وزوجاتهم على وجه العموم، كما وقع المركز مؤخراً بروتوكول التعاون مع هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بهدف إعادة تأهيل وتدريب وتمكين الجرحى للبدء بمشاريعهم الخاصة ليأخذوا دورهم في إعادة إعمار سورية ضمن المرحلة المقبلة.
وعن المناطق التي تصلها خدمات “سوا” قالت شاهين: يُعنى المركز بجرحى الحرب من مدنيين وعسكريين، مقره في منطقة مصياف محافظة حماة، وهو لا يقتصر فقط على تخديم الجرحى في تلك المنطقة بل يقدم خدماته لكل المصابين في جميع مناطق حماة، وهناك تواصل دائم مع الجرحى واطلاعهم على الخدمات التي يقدّمها المركز، حيث يسعى دائماً لتقديم أفضل الخدمات لهم.
شهداء أحياء
حُماة الوطن استفادوا من خدمات مركز سوا، لكنهم يعانون من ضيق التسويق وقلة “الحيلة” عند انتهاء فترة “فيضان” الطبيعة.
الجريح وائل صالح من عين الكروم يقول: كنت أؤدي واجبي الوطني في مطار حماة، أُصبت في عام 2015 أثناء الاشتباك مع المجموعات الإرهابية المسلحة، وأدت الإصابة إلى شلل طرفين سفليين لتصل نسبة العجز إلى 100/100. ويضيف: انتسبت لمركز سوا بعد عام من إصابتي، حيث قدم لي أدوية وكرسياً كهربائياً وبدأت العمل بالمنتجات الريفية الكاملة وجميع قضايا المونة، واشتركت بمعارض عن طريق المركز كمعرض دمشق الدولي ومعرض صنع في سورية ومهرجان الربيع بحماة، وآخر معرض كان منذ يومين في حلب. ويتابع صالح: طبعاً قدم المركز لي الرعاية حول العمل والتدريب والترويج للمنتجات عبر المعارض، عملي يتعلق بصناعة التين بأنواعه “هبول”، وقشور ومربيات مشكلة ومخلل القبار وكافة مشتقات الحليب متل الألبان والأجبان والشنكليش. ولكن أنا كجريح -يقول صالح- (عم عاني من مشكلة التسويق.. طبعاً كنت سوّق عن طريق النت والفيس وبعتت ع الإمارات لناس شافو شغلنا لكن بسبب كورونا وقف التسويق ووقف الشغل.. بنتمنى المساعدة بالتسويق عن طريق الإعلام أو المؤسسات أو الجمعيات والتجار).
أما المصاب علي أحمد سمرة فيقول: أُصبت في حمص أثناء تأدية الواجب المقدس، إصابتي طلق ناري في العنق أدّت إلى شلل رباعي. يبتسم علي ويضيف: تزوجت بعد الإصابة، وقام مركز سوا بتقديم العلاج الفيزيائي لي مجاناً، وكنت أشارك في معرض دمشق الدولي وبازارات في دمشق وحلب وحماة، ومنتجاتي عبارة عن منتجات زراعية، لكن للأسف عند انتهاء موسم التين نبقى دون عمل، إلى جانب ضعف التسويق لمنتجاتنا. أما الجريح مدين فيعمل في التحف الخشبية ويشارك بالمعارض عبر مركز سوا ومعاناته تتمحور كذلك بضعف التسويق.
دور غائب!
أمام هذه الجهود وتلك العطايا والتضحيات التي قدّمها حُماة الدار كرمى عيون الوطن، من الواجب على الوزارات المعنية بالتنمية الريفية ودعم المشاريع الصغيرة، كالشؤون الاجتماعية ونظيراتها الزراعة والسياحة، كذلك غرف التجارة والصناعة التي نأت بنفسها عن عدة واجبات، إثبات وجودها إلى جانب جرحى الوطن ممن يكافحون لتأمين لقمة عيشهم عبر صنع المربى والتين، ويتمّ ذلك عبر تقديم الدعم المادي وطرح المنتجات بالمعارض والتسويق لها بطريقة صحيحة وسليمة،علّنا نردّ الواجب ولو بأقل حدّ لمن مات لنحيا.
نجوى عيدة