300 ألف ليرة أرباح سيارة العمومي.. أزمة البنزين في السويداء تربك النشاط الاقتصادي
تعدّ أزمة البنزين حالياً الأزمة الأهم التي يعيشها المواطن السوري بين الأزمات الأخرى التي تطفو على السطح، هذه الأزمة التي يمكن وصفها بأنها الأشد بين أزمات نقص مادة البنزين سابقاً، كونها جاءت في موسم الإنتاج الزراعي وحاجة المزارعين لاستخدام سياراتهم في التنقل إلى بساتينهم وجني محاصيل العنب والتفاح، بالمقابل أدت هذه الأزمة إلى انتعاش السوق السوداء والتي ارتفع فيها سعر مادة البنزين إلى ستة عشر ضعفاً!.
أخبار المحطات!
في ظل هذه الأزمة، كثيرة هي الأخبار التي يتناقلها المواطنون عن يوميات توزيع المحروقات، منها إصابة شخصين أثناء تبادل لإطلاق النار على إحدى محطات الوقود، وطابور للسيارات بطول آلاف الأمتار بانتظار وصول موظف التموين إلى المحطة وقياس كمية البنزين فيها.. إحراق محطة وقود ومطالب شعبية بتدخل فعّال لمعالجة الأزمة.. تشكيل لجان للمراقبة والمتابعة.. وغيرها الكثير من الأخبار التي جعلت عدداً من المواطنين يتساءلون عبر “البعث” عن أسباب ظهور هذه الأزمات بشكل دوري، وعن غياب خطط واضحة ودقيقة لمنع حدوث مثل هذا النوع من الأزمات رغم التصريحات المتتالية بامتلاكها مفاتيح الحل؟.
“البعث” وخلال وجودها في إحدى المحطات رصدت حالة خلل واضح في عمليات التوزيع، في ظل غياب لجنة الإشراف التي مكثت لأقل من ساعتين وتركت الأمور تدار بعشوائيتها، والساحة باتت ميداناً لتجار البطاقات الذكية التي سهّلت وقوننت عملهم فكيف يتمّ ذلك؟!.
أرباح هائلة؟
يقول أحد أصحاب التكاسي العامة إنه يقوم ببيع مخصّصاته من مادة البنزين بسعر ١٠٠٠ ليرة للتر الواحد، وهذا يحقق له أرباحاً أكبر بكثير من تجوال سيارته وانتظار زبون من هنا وراكب من هناك.
وحالة صاحب التكسي هذه تُعمّم على مئات السيارات العامة في المحافظة التي وجدت بأزمة البنزين مصدراً لتحقيق أرباح إضافية، خاصة وأن مخصّصات تلك السيارات تصل إلى ٣٠٠ لتر شهرياً، أي أن أرباحها تصل إلى ثلاثمائة ألف ليرة وهي أرباح مضاعفة عن عملها طوال الشهر. وهنا تبرز أهمية إيجاد وسيلة جادة وتطبيق إجراءات وعقوبات صارمة بحق كل من يتاجر بالمادة في السوق السوداء حالياً، كما يقول أسامة العمار عضو قيادة فرقة حزبية.
إدارة التوزيع
محافظ السويداء المهندس همام صادق دبيات بيّن أن السبب في أزمة البنزين التي تشهدها المحافظة يعود لقلة الطلبات الواردة، وعدم إدارة الموضوع بالشكل الأمثل، مشيراً إلى أن الحاجة الفعلية للمحافظة من مادة البنزين تبلغ 12 طلباً يومياً، وأنه من خلال التواصل مع وزارة النفط والجهات المعنية تمّ تأمين 7 طلبات يومياً للمحافظة بعد أن وصلت إلى 5 طلبات. وبالمقارنة مع محافظات أخرى كحلب مثلاً التي يوجد فيها 400 ألف سيارة، فإن الطلبات المخصّصة لها حالياً 11 طلباً يومياً، بينما السويداء التي يوجد فيها نحو 60 ألف سيارة عدد الطلبات الواردة بشكل يومي حالياً 7 طلبات، ورغم ذلك هذه الكميات غير كافية.
وبيّن دبيات أن زيادة الحاجة والطلب على المادة يعود أيضاً إلى النشاط الاقتصادي الذي تشهده المحافظة وقدوم المغتربين خلال هذه الفترة، مشيراً إلى أن معالجة الإشكاليات والفوضى التي تحصل على محطات الوقود بحاجة إلى التشاركية مع المجتمع المحلي. وأضاف: نحن مع كل طرح إيجابي لمعالجة هذا الموضوع، وجاهزون للتعاون مع متطوعين شرفاء لتنظيم الدور على محطات الوقود وإعطائهم مهمات لتسهيل عملهم في هذا الجانب، خاصة وأننا بحاجة لإدارة توزيع المادة والتعاون مع المجتمع المحلي بهذا الشأن، مشدداً على تطبيق جميع الإجراءات التي من شأنها ضبط توزيع المادة بالتضافر مع جميع الجهات المعنية.
عين على “العمومي واللفة”
وبالحديث عن الحلول نجد أن تشكيل اللجان لا ينفع في ضبط الحالة، خاصة وأن عمليات إفراغ السيارات وبيع البطاقات تتمّ خارج المحطات وبعيداً عن أعين تلك اللجان، ومن هنا لابد من إيجاد آليات جديدة أكثر جدوى كمراقبة عدادات سيارات العمومي، وتوزيع المادة لها حسب حركتها، وتخصيص محطة خاصة لها كذلك الدراجات النارية، والأهم هو مكافحة انتشار بسطات بيع البنزين ومصادرة المادة، وإن كان هذا الإجراء يحتاج إلى قرار عالي المستوى، فقد يكون الكثير من المتنفّذين منتفعين من ذلك. وإذا ما أدركنا وجود مئات السيارات “اللفة” وهي سيارات غير نظامية تعتاش على بيع المخصّصات والسوق السوداء، ندرك أهمية تفعيل الدوريات ومصادرة تلك السيارات أو إيجاد حلول لها، وقد يحقّق تباعد فترة الحصول على المادة لتصل إلى عشرة أيام بدلاً من أربعة نتائج إيجابية، فتقارب الفترات أنعش عملية الإتجار!.
رفعت الديك