ثقافةصحيفة البعث

ندوة حول “الجريمة الإلكترونية وكيفية التصدي لها”

هل تتصدّى الثقافة للجريمة الإلكترونية التي تزداد كل يوم وأخذت طريقها إلى أروقة المحاكم؟ وما دور الوزارات المعنية: الإعلام والثقافة والتربية بنشر الوعي والحدّ من تفاقمها، هذه محاور ندوة الجريمة الإلكترونية وأثرها على الثقافة والمجتمع ضمن سلسلة الغزو الثقافي بإدارة الإعلامي والشاعر محمد خالد الخضر ومشاركة القاضي أنس مرشحة، والمحامي د. بشير بدور مدير موقع سنمار الإخباري في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة).

الخبر الآني

تحدث د. بشير بدور عن الفضاء الأزرق الذي دخل عالمنا المجتمعي والثقافي والخاص وغدا نوعاً من الإدمان، وأثر على حياتنا الشخصية وتبدلاتنا السيكولوجية، مشيراً إلى أن عدم الالتزام بالضوابط المنصوص عنها بالمرسوم التشريعي الصادر عام 2012 المتعلق بالجرائم الإلكترونية يؤدي إلى تفاقم مخاطر هذا العالم على واقعنا الثقافي والاجتماعي. كما أشار إلى إيجابيات العالم الرقمي التي من الصعب التخلي عنها، ولاسيما معرفة الخبر الآني بلحظته، والتبادل الثقافي بين الطلاب والباحثين، والتواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء والسفر عبْر الحدود دون فيزا وجواز سفر، وتوقف عند دور تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي والسوشال ميديا في القبض على المجرم الفار من العدالة بنشر صورته على الواتس آب على سبيل المثال. وبالمقابل يوجد الكثير من السلبيات التي تنعكس على الوطن مثل الصفحات التي تُدار من الخارج بدفع من الكيان الصهيوني لإثارة الفتن، لتمتد السلبيات إلى ثقافتنا بنشر موسيقا موجهة لأهداف معينة مثلاً، ونشر “الموضة” والعمل على تغيير طريقة التفكير، إضافة إلى السلبيات التي تطال الأسرة بانشغال كل فرد بتقنيات الانترنت.

وفي تحليل واقع الجريمة يرى بدور أن الهدف من الجريمة الواقعية أو الإلكترونية واحد، مثل سرقة البنوك أو تشويه السمعة والقدح والذم أو التهديد بالقتل، وتطرق إلى ضرورة نشر الوعي عن مخاطر الجريمة الإلكترونية وعقوباتها المنصوص عنها، من خلال فعاليات المراكز الثقافية والمحاضرات الجامعية والإعلام بأنواعه.

جرائم مستحدثة

ووجد القاضي أنس مرشحة أن مصطلح الجريمة المعلوماتية هو الأوسع والأقرب كونها تطال المجتمع برمته، معرّفاً إياها بأنها الجريمة التي تُرتكب باستخدام المنظومة المعلوماتية، وتعني مجموعة الأجهزة والبرمجيات الملحقة بها المرتبطة بشبكات الانترنت، متوقفاً عند نوعين من الجرائم: الأول الجرائم القديمة مثل السرقة والتهديد بالقتل وتشويه السمعة واختراق الحرية الشخصية والتطرق للأخلاقيات العامة التي كانت موجودة سابقاً وتفعّلت عن طريق الانترنت، والثاني ما وصفه بالجرائم المستحدثة التي تتمّ عبْر الدخول إلى المنظومة مثل الاحتيال عن طريق الشبكة، وتشغيل اسم موقع دون موافقة، والتنصت واستغلال البيانات لأغراض شخصية، وتصميم البرامج الخبيثة واستخدامها، والبريد المتطفل، والخداع وتلفيق التهم والاستعمال غير المشروع لبطاقة الدفع الإلكتروني وغيرها من الجرائم، موضحاً بالتفاصيل الدقيقة عقوباتها بالسجن والغرامة المالية، ومشيراً إلى دور وزارة الداخلية بالتقصي الإلكتروني والضبط.

وانتقل مرشحة في حديثه إلى التخصّص في الصحافة الإلكترونية المرخصة، وظاهرة تعدي الصحفي غير المؤهل على المهنة الصحفية التي تحكمها ضوابط وقواعد، فيقع بفخ الجريمة الإلكترونية الصحفية بمهاجمة وزير أو مدير عام، في حين الصحفي المتمثل قواعد المهنة ينقد حالة أو خطأ من قبل مؤسسة ولا يتطرق إلى جريمة تشويه السمعة، وتوقف في قانون الإعلام عند أهمية تأطير الصفحات الفيسبوكية بالاستعانة بخبراء وفنيين.

التوقيع الإلكتروني

كما حظيت الندوة بمداخلات واستفسارات وأسئلة طال بعضها العمل الصحفي، إذ وجّه محمد خالد الخضر سؤالاً حول حماية الملكية الفكرية الخاصة في حال إرسال مادة من قبل الصحفي إلى رئيس القسم أو أمين التحرير أو رئيس التحرير، فأجاب القاضي مرشحة بأن التوقيع الإلكتروني يحمي الرسالة الأساسية المرسلة.

وأسئلة أخرى دارت حول أساليب التقصي عن المجرم، فبيّنت الإجابات  بأن الجريمة الإلكترونية تحتاج إلى خبرة ودقة لاكتشافها، ولاسيما إذا استخدم المجرم اسماً مستعاراً أو نفذها بمقهى الانترنت، أو بالاعتماد على بعض التطبيقات والأجهزة مثل “التاب”، لنصل إلى نتيجة بأن إمكانية الكشف عن الجريمة ليست مستحيلة.

وتمّ عرض بعض الاقتراحات من قبل القاضي مرشحة بإدراج مادة الثقافة القانونية ضمن مناهج وزارة التربية وكذلك مادة الثقافة المعلوماتية، وطالب د. بدور بالعودة إلى أخلاقياتنا وتربيتنا والتمسّك بقيمنا للحدّ من الجريمة الإلكترونية.

نشر عقوبات الجريمة

وتقاطعت الآراء حول دور وزارة التربية والثقافة بنشر الوعي والتوجيه الصحيح، ويقع العبء الأكبر على وزارة الإعلام بالتطرق إلى الجرائم الإلكترونية المرتكبة ونشر عقوباتها لتكون رادعاً لضعاف النفوس وكل من يحاول التفكير بالدخول إلى عالم الجرائم الإلكترونية، وإلى ضرورة الاستعانة بأحدث الأجهزة المساعدة في كشف الجريمة.

وأشارت رباب أحمد مديرة المركز إلى أهمية التصدي لمخاطر الجرائم الإلكترونية المنعكسة على الفرد والوطن وسبُل التحصين من اختراقاتها.

ملده شويكاني