أردوغان يؤجّج الصراع بين أذربيجان وأرمينيا ويورّط تركيا بحرب جديدة
“البعث الأسبوعية” ــ تقارير
تتواصل الاشتباكات لليوم الثالث على التوالي بين أرمينيا وأذربيجان بسبب إقليم ناغورنو كراباخ وسط أنباء عن استخدام القوات الجوية والصواريخ والمدفعية الثقيلة في القتال الذي أدى لسقوط عشرات القتلى.
وأشعل القتال الحماس الوطني في الشوارع الأرمنية والأذربيجانية. وأبدت تركيا دعمها الكامل لأذربيجان. ودعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى “إنهاء الاحتلال” الارمني لتلك المنطقة. واتهمت يريفان أنقرة بالتدخل السياسي والعسكري في النزاع.
وأي صراع شامل قد يجر قوى إقليمية كبرى مثل روسيا وتركيا. ولدى موسكو تحالف دفاعي مع أرمينيا بينما تدعم أنقرة أذربيجان التي يقطنها أغلبية من العرق التركي.
وحفزت الاشتباكات جهوداً دبلوماسية لخفض التوتر في الصراع الذي يعود لعقود بين البلدين. وحثت الصين الجانبين على ضبط النفس ودعت روسيا إلى وقف فوري لإطلاق النار بينما قالت تركيا إنها ستساند أذربيجان.
وسارعت تركيا إلى تجنيد المئات من المرتزقة السوريين ضد أرمينيا في كراباخ الانفصالية التي ترفض غالبيتها سلطة أذربيجان، في خطوة توحي بأن أردوغان بات يورّط بلاده في بؤر توتر مختلفة للتغطية على الأزمات الداخلية المتراكمة.
وصعّدت تركيا من خطابها ضد أرمينيا في الأيام الأخيرة، واتهمتها بأنها “تلعب بالنار”، ويبدو الخطاب الجديد وسيلة أنقرة لتبرير أزمة جديدة والتدخل في القوقاز.
وقال سفير أرمينيا لدى روسيا إن تركيا نقلت نحو أربعة آلاف مقاتل من شمال سورية إلى أذربيجان. ونفت باكو هذا الاتهام.
وبموجب القانون الدولي، يعد إقليم ناغورنو كراباخ جزءاً من أذربيجان لكن الأرمن الذين يشكلون الأغلبية العظمى من سكانه يرفضون حكم باكو. ويدير الإقليم شؤونه الخاصة بدعم من أرمينيا منذ انشقاقه عن أذربيجان خلال صراع نشب لدى انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991.
وعلى الرغم من الاتفاق على وقف إطلاق النار في 1994، بعد مقتل الآلاف ونزوح أعداد أكبر، إلا أن الدولتين تتبادلان بشكل متكرر الاتهامات بشن هجمات حول ناغورنو كراباخ وعلى الحدود بينهما. وتمر خطوط أنابيب تنقل النفط والغاز الطبيعي من بحر قزوين من أذربيجان إلى الأسواق العالمية قرب ناغورنو كراباخ.
والقتال بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين هو الأشرس منذ سنوات وقد جدد المخاوف بشأن الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز، وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز للأسواق العالمية.
وندد برلمان أرمينيا الاثنين بما وصفه بأنه “هجوم عسكري شامل” من أذربيجان على ناغورنو كراباخ وقال إن تدخل تركيا يهدد بزعزعة استقرار المنطقة.
وقال الإقليم إنه استعاد السيطرة على بعض الأراضي التي كان قد خسرها الأحد وإن أذربيجان تستخدم المدفعية الثقيلة في القصف.
وقالت أنجيلا فرانجيان وهي صانعة أفلام وثائقية في ناغورنو كراباخ إن السكان لجؤوا للمخابئ وإن أصوات القصف مسموعة باستمرار مشيرة إلى أن كل المتاجر أغلقت وأصبحت الشوارع مهجورة.
ودعت جميع القوى الاقليمية والدولية، روسيا وفرنسا والولايات المتحدة وفرنسا وإيران والاتحاد الأوروبي، باستثناء تركيا حليفة باكو، إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وأقرت “وزارة الدفاع” في هذه المنطقة الانفصالية التي تحظى بدعم يريفان بمقتل 59 مسلحا منذ صباح الأحد وبداية المواجهات. وقد تكون الخسائر أكبر بكثير، حيث يؤكد كل طرف أنه ألحق مئات الخسائر بالطرف الآخر، ونشر الجانبان صورا للمعارك.
وأكدت باكو أنها قتلت 550 مسلحا معاديا فيما أوردت يريفان أنها أودت بأكثر من 200 قتيلا. كما ذكرت “وزارة الدفاع” في كراباخ أنها استعادت المواقع التي خسرتها في اليوم السابق، فيما أكدت أذربيجان، البلد القوقازي الذي أنفق بسخاء على التسلح في السنوات الأخيرة بفضل الثروة النفطية، أنها سيطرت على المزيد من الأراضي، مستخدمة الصواريخ والمدفعية والطيران.
وأثارت المعارك، وهي الأكثر دموية منذ عام 2016، قلقاً دولياً، حيث دعت الأمم المتحدة وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة بشكل خاص إلى وقف فوري لإطلاق النار والبدء بالمفاوضات.
واتهم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الأحد أذربيجان بـ”إعلان الحرب” على شعبه، وتوعد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بـ “الانتصار”. وقال رئيس كراباخ أرايك هاروتيونيان إن “تركيا تقاتل ضد كراباخ وليس فقط أذربيجان” مشيراً إلى وجود “مروحيات تركية وطائرات إف -16 وقوات ومرتزقة من دول مختلفة”.
وقال المتحدث باسم رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل “إن أي تدخل غير مقبول” في هذا الصراع معتبرا أن التصعيد “مقلق للغاية”
وموسكو التي تحافظ على علاقات ودية مع الطرفين المتحاربين وتُعتبر الحكم الإقليمي الأبرز، دعت على لسان الرئيس فلاديمير بوتين إلى وقف فوري للأعمال العدائية.
وكرر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف هذه الدعوة في تصريح أمام الصحافيين قائلاً “إن هذه المعارك يجب أن تتوقف دونن تأخير”. وتعد روسيا أقرب إلى أرمينيا حيث أن البلدين ينتميان إلى نفس التحالف العسكري الذي تهيمن عليه روسيا.
وفشلت جميع جهود الوساطة التي بذلتها “مجموعة مينسك” في حل هذا النزاع، حيث لا تزال الاشتباكات مستمرة في شكل متقطع، كما حدث في عام 2016.
في تموز 2020، حصلت مواجهات بين الأرمينيين والأذربيجانيين لعدة أيام على حدودهم الشمالية. وتشهد هذه الأحداث على التوترات المتزايدة منذ أشهر. وأعلنت الدولتان الأحكام العرفية، وأقرت أرمينيا التعبئة العامة، فيما فرضت أذربيجان حظر تجول على جزء من البلاد، وبخاصة في العاصمة.
وتثير حرب مفتوحة بين البلدين المخاوف من زعزعة استقرار منطقة جنوب القوقاز، خاصة إذا تدخلت تركيا وروسيا، اللتان لهما مصالح متباينة في النزاع.