مجلة البعث الأسبوعية

قبيل انطلاق الموسم.. اتحاد الكرة لم يأت بجديد ولم يف بالوعود والمواعيد!

“البعث الأسبوعية” ــ ناصر النجار

على ما يبدو، فإن البيانات الانتخابية ليست إلا زوبعة في فنجان، وما سطره القائمون على اتحاد كرة القدم، قبل انتخاباتهم، لم يتحقق منه أي شيء، وذلك يبدو لسببين لا ثالث لهما: أولهما أن البيان الانتخابي ليس أكثر من تقليد أو “بريستيج” يجب أن يتضمن معايير وآليات بأفخم الألفاظ وأعلى المواصفات، وثانيهما أن الواقع قد لا ينسجم مع كل ما يتم طرحه من أفكار وبيانات، وهو ما يعيق التطبيق، وقد تكون هناك رغبة بتغيير شيء ملموس يعود بالنفع على كرة القدم، سواء لجهة المسابقات وآلياتها، أو لجهة لوائح الانضباط وتفعليها، لكن قد يصطدم هذا التغيير بإرادة المهيمنين على كرة القدم، وقد يكون هؤلاء من الأشخاص أو من الأندية ذاتها.

ومنذ انتخاب اتحاد كرة القدم الحالي، مطلع هذا العام، قال الفائزون بالكراسي الانتخابية: سنستكمل هذا الموسم كما وضعه الاتحاد السابق، وبعدها لكل حادث حديث.. وانتظرنا، لكننا لم نجد أي تغيير وبقي الحال على ما هو عليه، وكأن تغيير الحال من المحال.

 

صلاحيات معطلة

ولما اجتهدت لجنة المسابقات.. قامت ببعض الرتوش على المسابقات – وبعضها كان مهماً وضرورياً – ليأتي اتحاد الكرة وينسف كل تغيير دفعة واحدة، رافعاً بوجه اللجنة عبارة “ممنوع التجاوز”، وهذا الأمر يقودنا إلى أمرين اثنين:

أولهما أن لا صلاحية لأية لجنة ما دام قرارها مصادر وغير قابل للنقاش أو التنفيذ، وهو أمر يدل على التفرد بالقرار بما لا ينسجم مع الرؤية التي أكدت على أن صناعة القرار ستكون جماعية، وأن على كل لجنة أن تمارس مهامها بحرفية وتصدر قرارها، لكننا وجدنا العكس، فالمراد أن تبقى اللجان صورية خلبية، دورها محدد بأطر عرجاء. وما حدث في السابق من مناوشات بين اللجان واتحاد الكرة يدل على ذلك، وقد أدى إلى استقالة البعض من اللجان، وهو يؤكد ما نذهب إليه دون تجن على أحد، وهو وصف واقعي للحال الذي يعيشه اتحاد كرة القدم. وعلى ما يبدو فإن صانع القرار واحد، وكرة القدم رغم أنها لعبة جماعية إلا أنها تقاد بثقافة الفكر الواحد.

ثانيهما أن ثقافة التغيير غير موجودة، لأننا لا نملك شجاعة اتخاذ القرار، والمثال هنا حاضر وبيّن وواضح.

لجنة المسابقات رأت أن دوري الدرجة الأولى يجب أن يتطور لأن نظامه القائم عليه يبقيه في الظل، وضمن حلقة مفرغة، ولا يمكن ضمن هذا الأسلوب أن يتقدم الدوري قيد أنملة.

لذلك كانت فكرة تغيير نظام دوري الدرجة الأولى بما ينسجم والتطور الكروي المفترض، وصدر القرار عبر مؤتمر صحفي وزعت فيه لجنة المسابقات روزنامة نشاطها المؤلف من عدة صفحات على الجميع من إعلام ومعنيين وأندية.

لكن اتحاد الكرة، وفي أول اجتماع له، نسف كل شيء، ولا نظن أن اتحاد الكرة كان غير مطلع على فحوى روزنامة النشاط، وخصوصاً أن رئيس لجنة المسابقات عضو في مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، إنما الاحتمال الأصح أنه بعد صدور الروزنامة جاءت الاتصالات والتدخلات – من هنا وهناك – بمسوغات، وإن كان بعضها منطقياً لأنه يتعلق بالمال والإمكانيات، إلا أنها لا تصب جميعها في مصلحة تطوير كرة القدم أبداً، بل تهدمها وتعيدها إلى الوراء، ما يعني أن “اتحاداً يستجيب للضغوطات هو اتحاد يفتقد إلى الشجاعة والثقة بنفسه”..!

أحد المطلعين على البيت الداخلي في اتحاد كرة القدم قال لـ “البعث الأسبوعية”: لا يستطيع اتحاد كرة القدم اتخاذ أي قرار لا يرضي أندية الدرجة الأولى، فلديهم أصوات انتخابية مع اللجان الفنية التي ينتمون إليها تعادل نصف هذه الأصوات وتزيد، لذلك فإن هذه الأندية تهيمن على القرار الداخلي في اتحاد كرة القدم، سواء كان هذا القرار يصب في مصلحة اللعبة أم لا يصب في مصلحتها.

 

مصالح متداخلة

هذا في دوري الدرجة الأولى فقط، أما بقية الأمور فحدث ولا حرج: كل شيء بقي على حاله دون أي تغيير، حتى الأمور المهمة التي تتعلق بالاحتراف وعقود اللاعبين لم تشهد أي تغيير، والأندية بقيت تسرح وتمرح في عقودها كما يحلو لها في هذا الشأن، وهذا الأمر وزع الأندية على قسمين: غني وفقير، وهذا ما يفقد الدوري مبدأ العدالة والتكافؤ، فالأندية القادرة على الدفع رفعت أسعار اللاعبين واستقطبت من اللاعبين زهرتهم، بينما الأندية الأخرى عضت أصابع الندم لأن اتحاد كرة القدم لم ينصفها، ولو بقرار يحمي فقرها وإمكانياتها المتواضعة.

والمشكلة التي تعاني منها كرتنا المحلية أنها تعمل على تدوير اللاعبين بين الأندية الكبرى، وعددها قد لا يتجاوز الخمسة في أحسن الأحوال، بينما بقية الأندية، والتي تشكل السواد الأعظم، فقدرها أن تقبل بالقسمة والنصيب..!

 

توقع خائب

كان من المتوقع أن يفرض اتحاد الكرة على الأندية الاعتماد على اللاعبين الشباب في خطوة أولى حتى يتم ضخ الكرة السورية بدماء جديدة، وهذا الأهم في هذا الوقت، وألا يسمح للأندية بالتعاقد مع أكثر من خمسة لاعبين من خارج النادي، كما كان مطروحاً في الكواليس بداية الموسم الماضي، لكن على ما يبدو فإن أصحاب المصالح والسطوة كانت لهم الكلمة الفصل فمنعوا أي قرار لا يصب بمصلحتهم.

من أجل ذلك، لم يأت اتحاد الكرة بأي حلول، ولم نجد أي جديد يقدمه لتطوير الكرة، لأنه واقع تحت هيمنة الكبار وتأثير فرق الدرجة الممتازة وضغط فرق الظل.

والحلول تكمن بالشعور بالاستقلالية أولاً، والإحساس بالمسؤولية ثانياً، والعمل – وهو الأهم – على المصلحة العامة بعيداً عن أي مصلحة شخصية ضيقة.