روسيا وفرنسا تدعوان النظام التركي للتوقّف عن تأجيج صراع قرة باغ
طالبت روسيا وفرنسا، أمس الأربعاء، نظام أردوغان بعدم سكب الوقود على النار في المواجهات الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورنو قرة باغ ، مجددة دعوتها لوقف فوري للقتال بين يريفان وباكو، في أول ردّ فعلي روسي صريح على التدخل التركي في الأزمة دعماً للجانب الأذري.
وانتقد الكرملين تعهد نظام أردوغان بدعم أذربيجان، وسط صراع لا مؤشرات على أنه سيهدأ قريباً في ظل تصعيد من الجانبين وتمسّك كل منهما بموقفه.
وظلت موسكو بعد أربعة أيام من اندلاع الاشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا تطالب بالتهدئة وتحذّر من اتساع نطاق المواجهات بين الطرفين. واقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الأربعاء، استضافة محادثات تتناول مسألة منطقة ناغورني قره باغ، التي تشهد معارك دامية منذ أربعة أيام، وذلك في حديث مع نظيريه الأرميني والأذربيجاني.
وخلال مكالمتين هاتفيتين منفصلتين، أكد لافروف للوزيرين “استعداد موسكو لتنظيم الاتصالات الضرورية ومن بينها عقد لقاء بين وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا وروسيا”، وفق بيان للخارجية الروسية.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: “مازلنا ندعو جميع الدول في المنطقة لممارسة ضبط النفس وندعو طرفي الصراع بشكل خاص لوقف فوري للأعمال العدائية”.
ويأتي الموقف الروسي من التدخل التركي في الأزمة، بينما اتهمت أرمينيا الثلاثاء تركيا بإسقاط مقاتلة أرمينية من طراز سوخوي 25 روسية الصنع.
وفي هذا السياق قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارته لاتفيا العضو في حلف شمال الأطلسي: “لا تزال فرنسا تشعر بقلق بالغ من الرسائل “المولعة بالحرب” التي بعثت بها تركيا”.
ويزيد القتال من المخاوف بشأن الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز، وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية.
وفي أحدث التطورات الميدانية، خاضت قوات أذربيجان وأرمينيا اشتباكات جديدة في أكبر تصعيد لصراعهما المستمر منذ منتصف التسعينات، فيما أعلن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أن بلاده لن تقبل بأي حل يضر بمصالحها الأمنية، مندداً بنهج النظام التركي إزاء التصعيد الأخير، في وقت أكد فيه رئيس أذربيجان إلهام علييف أن بلاده لن توقف عملياتها العسكرية في المنطقة ما لم تتم “استعادة وحدة أراضيها”.
وقال باشينيان في مؤتمر صحفي: كانت أرمينيا دائماً مستعدة لتسوية قضية قره باغ بطرق سلمية لكن ذلك لا يعني أنها مستعدة لحل المسألة على حساب أمنها القومي وأمن قره باغ، وأشار إلى أن أرمينيا لا تنوي في المرحلة الراهنة تقديم طلب الدعم إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي على خلفية النزاع في الإقليم المذكور رغم وجود تنسيق وثيق مع المنظمة، مشدداً على أن القوات الأرمينية قادرة على الدفاع عن أمن بلادها بدعم المنظمة أو دونه.
ورفض باشينيان إمكانية عقد لقاء قمة بشأن تسوية النزاع في قره باغ مع رئيسي أذربيجان وروسيا إلهام علييف وفلاديمير بوتين، وأضاف: “إن الحديث عن مثل هذه اللقاءات الثلاثية يعد أمراً غير مناسب ما لم تتوقف الأعمال القتالية في المنطقة المتنازع عليها”، ولفت إلى أن القاعدة العسكرية الروسية رقم 102 الموجودة في أرمينيا تمثل جزءاً لا يتجزأ من منظومة أمن البلاد، وقال إن الوضع في قره باغ لم يرق بعد إلى مستوى يستوجب اللجوء إلى قدرات القاعدة الروسية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الوضع يتطور بسرعة وليس بإمكان أحد التنبؤ بما سيأتي.
ولوح باشينيان مجدداً بإمكانية اعتراف بلاده باستقلال جمهورية قره باغ المعلنة من جانب واحد وتوقيع معاهدة معها بشأن الشراكة الاستراتيجية والتعاون في مجال الأمن والدفاع، مشيراً إلى أن هذه الخيارات قيد البحث لدى يريفان وسيتم تبني القرار النهائي بهذا الشأن بناء على عدة عوامل.
من جانبه كتب ممثل وزارة الدفاع الأرمينية آرتسرون هوفهانيسيان عبر فيسبوك أن أذربيجان تشن غارات جوية في الاتجاه الشمالي لخط التماس وتستخدم طائرات دون طيار ومقاتلات إف 16 متعددة الوظائف تابعة لسلاح الجو التركي.
دولياً، طالب مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه بوقف فوري للمعارك المتواصلة في إقليم ناغورني قره باغ، وأضاف البيان: إن أعضاء المجلس يدينون بشدة استخدام القوة ويأسفون للخسائر في الأرواح والخسائر البشرية في صفوف المدنيين ويعربون عن قلقهم إزاء التقارير بشأن أعمال عسكرية واسعة النطاق على طول خط التماس في الإقليم.
وأشار البيان إلى أن أعضاء مجلس الأمن عبروا عن دعمهم الكامل للدور المركزي للرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التي تضم الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، وحثوا الجانبين الأذري والأرميني على العمل الوثيق معهم من أجل استئناف الحوار بصورة عاجلة ودون شروط مسبقة.
وصدر البيان الرئاسي لمجلس الأمن في ختام اجتماع طارئ عقده المجلس تلبية لطلب الدول الأوروبية الأعضاء فيه وهي بلجيكا واستونيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
ووفقا لدبلوماسيين فإن البيان الذي أقره المجلس بعد اجتماع استمر زهاء ساعة اقترحه الرؤساء المشاركون الثلاثة لمجموعة مينسك ما سهل اعتماده.