بعد إصابة ترامب بكورونا.. الإرباك يخيّم على أميركا
البعث -تقارير:
إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إصابته وزوجته ميلانيا بمرض كوفيد 19 نزل كالصاعقة على الدائرة المقرّبة منه في البيت الأبيض وعلى الولايات المتحدة عموماً، حيث أن إصابة الرئيس ستخلط الكثير من الملفات والأوراق وتستوجب ترتيبات دستورية لإدارة شؤون الدولة في حال تدهورت صحة ترامب أو عجزه عن القيام بمهامه.
وأعلن البيت الأبيض أنه يجري عملية تعقّب لمخالطي ترامب وزوجته ميلانيا بعدما أظهرت الفحوص إصابتهما بكوفيد-19، وفق متحدّث باسم الرئاسة الأميركية، وقال جاد دير مساعد المتحدثة باسم البيت الأبيض: إن “عملية تعقّب المخالطين جارية وستصدر الإشعارات والتوصيات المناسبة”.
وكتب ترامب على تويتر “ثبتت إصابتي والسيدة الأولى بكوفيد-19 وسنبدأ فترة الحجر الصحي على الفور. سوف نتجاوز هذا معا!”، فيما أوضح شون كونلي طبيب ترامب: “كلاهما بخير في الوقت الراهن ويعتزمان البقاء في المنزل في البيت الأبيض خلال فترة الحجر الصحي”، مضيفاً: إن ترامب سيواصل أداء “واجباته دون انقطاع” من المكتب البيضاوي.
وقال المتحدث باسم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس: إن نتيجة فحوص كورونا التي خضع لها بنس جاءت سلبية، فيما قال مسؤول كبير في البيت الأبيض: إن الرئيس الأميركي ونائبه سيعملان من مقرين منفصلين.
وذكر المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن ترامب “ليس عاجزاً” عن أداء مهامه، لكنه أضاف أن طاقمي العمل التابعين للرئيس ونائبه سيعملان أيضاً بمعزل عن بعضهما البعض “زيادة في الحرص”.
وكان ترامب -الذي استخف سابقاً بخطورة الفيروس ورفض مراراً ارتداء الكمامة وسخر من بايدن لارتدائه الكمامة- التقى عشرات الأشخاص خلال الأسبوع الماضي، وشارك في حملة جمع تبرّعات للحملة الانتخابية في نيوجيرسي بعدما تبيّنت إصابة مساعدته هوب هيكس بالفيروس، وأيضاً، من المحتمل أنه عرّض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين للفيروس الذي يمكن أن يقضي على حظوظ مرشحته للمحكمة العليا.
ومع وجود 3 أشخاص في البيت الأبيض: ترامب، وميلانيا، وكبير مساعديه هوب هيكس مصابين بفيروس كورونا، تثار أسئلة حول عدد الأشخاص داخل الإدارة الذين ربما قد يكونوا مصابين أيضاً بفعل المخالطة، كما أن هناك تساؤلات حول مصير المناظرات المقبلة وإمكانية تغيير طريقتها. وقد تكون إصابة ترامب مزعزعة للاستقرار في مناخ سياسي مشحون بالفعل، وهذا ظهر بالفعل فوراً عندما تراجعت العقود الآجلة لسوق الأسهم الأميركية.
تسليم السلطة لنائبه أم تجريده من مهامه؟
ومثل اثنين من رؤساء الولايات المتحدة من قبله، يمكن لدونالد ترامب أن يسلم السلطة مؤقتاً لنائبه مايك بنس إذا عجز عن أداء مهامه، وذلك على سبيل المثال، أثناء خضوعه لإجراء طبي كعلاج لفيروس كورونا.
وبموجب الفقرة الثالثة من التعديل الخامس والعشرين للدستور الأميركي، الذي أُقر في عام 1967 بعد اغتيال الرئيس جون كنيدي عام 1963، يمكن لترامب أن يعلن كتابة عن عجزه عن أداء واجباته.
وسيصبح بنس عندئذ قائماً بأعمال الرئيس رغم بقاء ترامب في منصبه. وسيستعيد الرئيس صلاحياته بالإعلان كتابة عن أنه مستعد للاضطلاع مجدداً بمهامه.
كما تحدد الفقرة الرابعة من التعديل الخامس والعشرين مسارا لتجريد الرئيس من السلطة، وذلك على سبيل المثال إذا رأت حكومته أنه أصبح عاجزاً عن أداء مهامه، لكن لم يسبق تفعيل هذا الإجراء من قبل.
وفي 13 تموز عام 1985، اختار الرئيس رونالد ريغان إزالة ورم قد يكون سرطانيا بعد اكتشافه خلال عملية منظار للقولون. ووقع ريغان خطاباً أشار فيه إلى أنه على دراية بأحكام الفقرة الثالثة وإن لم يلجأ إلى تفعيلها رسمياً.
وأصبح نائب الرئيس حينها جورج دبليو بوش قائما بأعمال الرئيس لما يقرب من ثماني ساعات، عندما أصدر ريغان خطابا يعلن فيه أنه أصبح قادرا على استئناف مهامه.
وفي 29 حزيران 2002، قام الرئيس جورج دبليو بوش بتفعيل الفقرة الثالثة، لينقل صلاحياته مؤقتاً إلى نائبه ديك تشيني قبل الخضوع لفحص القولون بالمنظار. أصبح تشينى قائماً بأعمال الرئيس لمدة ساعتين. وفي 21 تموز 2007، فعل بوش الفقرة الثالثة مرة أخرى قبل إجراء فحص آخر للقولون. وظل تشينى رئيساً بالوكالة لمدة ساعتين أيضاً.
وبموجب الفقرة الرابعة، يمكن لنائب الرئيس وأغلبية إما من مسؤولي الحكومة أو “أي هيئة أخرى مثل الكونغرس بموجب القانون” إبلاغ رئيسي مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس بأن الرئيس “غير قادر على أداء صلاحيات وواجبات منصبه”.
في مثل هذه الحالة، يتولى نائب الرئيس منصب القائم بأعمال الرئيس. ويستأنف الرئيس مهامه بعد إبلاغ رئيسي المجلسين “بعدم وجود عجز” ما لم يعلن مسؤولون في الحكومة أو هيئة أخرى خلاف ذلك. بعد ذلك يجب أن يجتمع الكونغرس في غضون 48 ساعة لحسم الأمر.
وإذا صوت ثلثا أعضاء مجلسي النواب والشيوخ على أن الرئيس غير قادر على أداء مهامه، يظل نائب الرئيس قائما بأعمال الرئيس إلى أن تقرر الانتخابات الرئاسية المقبلة من سيشغل مقعد الرئاسة في البيت الأبيض. وخلاف ذلك، يستأنف الرئيس مهام منصبه.
أسئلة لا تحصى
وضاعف إعلان ترامب إصابته بفيروس كورونا، الإثارة التي ترافق الانتخابات الرئاسية، إذ إن لمثل هذا الإعلان وقع الصاعقة قبل شهر من الانتخابات الرئاسية فيما يسعى ترامب للفوز بولاية ثانية من أربع سنوات في مواجهة المرشّح الديمقراطي جو بايدن. كما أنه يطرح عدداً لا يحصى من الأسئلة حول مستقبل الحملة.
وقد تعرّض ترامب لانتقادات حادة من خصومه وبعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين بسبب إدارته لأزمة فيروس كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 207 آلاف شخص في الولايات المتحدة.
ويتّهم الرئيس بإرسال رسائل متناقضة ومربكة، وكذلك بعدم اكتراثه للدمار الذي أحدثه هذا الفيروس، سواء لناحية الخسائر البشرية أو الاقتصادية.
وشن ترامب في نيسان هجوماً عنيفاً على منظمة الصحة العالمية، التي تقف في الخطوط الأمامية لمكافحة كوفيد-19، واتهمها بالانحياز إلى الصين لتأخّرها في الإبلاغ بخطورة المرض ومعارضتها إغلاق الحدود.