ثقافةصحيفة البعث

مهرجان د. وجيه البارودي للإبداع الشعري وأسئلة الشعر

عقب كل مؤتمر سنوي أو عام لاتحادنا –اتحاد الكتّاب العرب- أو فعالية من مقام مهرجان د. وجيه البارودي للإبداع الشعري– دورة عمر يحيى الذي أقامته مؤخراً وزارة الثقافة- مديرية الثقافة في حماة، وما يرافق كل هذا من لقاءات لنا كأدباء من مختلف محافظات سوريتنا النور، تزداد قناعتي وإيماني المطلق بأن أهم ما نحتاجه ويجب العمل على تعزيزه هو الحوار وثقافة الحوار، فكم علينا أن نتدرّب على قبول بعضنا بعضاً حتى نصبح بحالة صحية تسمح لنا بتقبل الآخر.

بداية لن أتحدث هنا عن حيثيات المهرجان من القراءات الشعرية، ولا عن تكريم أربعة من أدباء حماة (توفيق أحمد– الدكتور وليد سراقبي– حسان عربش– عباس حيروقة) ولا عن الندوات الأدبية والنقدية التي جاءت تحت عناوين مهمّة جداً: (قراءة في مضاءات شاعر النواعير عمر يحيى- ازدهار الشعر وتراجع القصيدة– التناص في الشعر العربي). لكن ما يمكن أو يجب أن أقوله وأدعو إليه هو ضرورة العمل على تعزيز فعاليات كهذه لما لها من نتائج مهمة وعلى غير صعيد، ولاسيما الحوارات الراقية والجميلة التي يتمّ فتحها والخوض فيهان ونحن كسوريين في أمسّ الحاجة لطرح أسئلة حوار تليق بالمرحلة وبنا.. تليق بسنابل قمحنا وصباحات أمهات ثكالى وأطفال يتطلعون إلى فضاءات مليئة بالعصافير والأقمار.

فعاليات كهذه تفتح آفاق حرية الرأي وحيويتها ونتدرّب من خلالها على تقبل آراء بعضنا البعض، تقبل النقد وطرح أسئلة النقد والفكر والثقافة التي هي في المحصلة أسئلة وطن معافى، ولنا تجارب مهمّة أثبتت جدواها ونضجها وأتت أكلها، كتلك اللقاءات الواسعة والكبيرة التي تحدث على هامش مؤتمرنا السنوي أو العام لاتحادنا –اتحاد الكتّاب العرب أو ما أقيم من فعاليات تمّ تنظيمها في غير محافظة من محافظات قطرنا (حلب– طرطوس– السويداء.. الخ)، فعاليات شارك فيها أدباء وكتاب وشعراء ونقاد استطاعوا من خلال حيوية فكرهم وروحهم أن يرفعوا وبكل محبة واعتزاز راية الوطن فوق كل راية.. الوطن الطافح بالطيبين وبابتسامات الشهداء وبالينابيع.

وما أودّ قوله وباختصار هنا: إنه من الضروري والواجب لا بل والحاجة أيضاً إلى عقد لقاءات بيننا نحن كأدباء سوريين من مختلف مدننا وقرانا، وفتح ما استطعنا من آفاق حوار بنّاء يضيف لنا رؤية أكثر وضوحاً وشمولية لعلّنا ننجح في تبديد تلك البقع السوداء والحمراء التي علت وجوهنا وقلوبنا، وهذا ما كنّا ومازلنا وسنبقى نطالب به كالعمل على عقد ورشات عمل مفتوحة ومستمرة بين الفعاليات الثقافية والأهلية والمدنية، ورشات عمل تضمّ قامات أدبية وفكرية وفنية تكون قادرة على قراءة الواقع قراءة حقيقية منطلقة من هدف واحد وشعار واحد، ألا وهو بناء سورية بشكل يليق بتلك الدماء الزكية التي أريقت على ثراها فنبتت حدائق وقصائد وموسيقى ومطر.

وبالعودة إلى مهرجان د. وجيه البارودي للإبداع الشعري والذي استمر لثلاثة أيام وشارك فيه أكثر من ثلاثين مشاركاً بين شعراء وإعلاميين بارزين ونقاد وباحثين.. الخ، توزعوا على غير منبر من منابر حماة وريفها (مصياف– السلمية) قد قالوا كلمتهم التي عبّروا من خلالها عن سعيهم وإصرارهم على العمل للحفاظ على نقاء اللوحة السورية الطافحة جمالاً ودهشة ونوراً.

ختاماً ما يمكن قوله هنا إن الحالة التي تشكّلت وتحقّقت في مهرجاننا الشعري هذا اختصرت الحالة السورية المرصعة بأجمل أيقوناتها، والتي دفعنا نحن كسوريين الغالي والنفيس في سبيل المحافظة على كل مكوناتها الفسيفسائية الباهرة نقاء وجمالاً وسلاماً.

عباس حيروقة