التشكيلي نعمان عيسى.. البحث عن شظايا البللور المكسور
تشترط لوحة الفنان على رائيها تجليات مربكة للفكرة المتفق عليها في الجانب البصري بحمولاتها الجمالية والتعبيرية، وبما تثيره من أسئلة متتالية عن معنى اللوحة وغايات صانعها وطريقة الصياغة والأسلوب.. أسئلة تتبعها أسئلة يلقيها علينا نعمان عيسى خلال مسافة قصيرة تقع بين حدود ضوء مصباحه الذي يتسع حتى يتلاشى في الفراغ والظلمة البعيدة، حيث لا وقت للبحث عن شظايا البللور المكسور في هذه العتمة، إن لم يكن هناك ما يلمّه تحت ضوء هذا المصباح الثابث في الرماد.. لا عبث هنا أمام هذا المشهد المكتظ بعزلة الآدمي وفرديته الموحشة هنا غياب للون والأمل.. الآن لن ينجو أحد من لعنة قادمة ستظهر وقت نفاذ ما تبقى من قوة هذا المصباح.. هذه الفكرة التي يلوب الفنان نفسه عليها ظنا أنه ينجو بما يرسم وحسب ربما يكون في الفن خلاصا لهؤلاء القاعدون في ظل الفرس “يربون الأمل” وسط هذا الصمت والعجز.
نعمان عيسى فنان مجتهد وصاحب قلق مثابر، تخرج من كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق -اختصاص تصوير زيتي – لم ينقطع عن إنتاج لوحته طلية الحرب والألم السوري، تنقل بين اللاذقية ودمشق وبيروت لكنه لم يغادر بالوجد سوريته أبدا، وما يزال يرسم ويبحث في فكرته الأثيرة وفي عناصر لوحته البسيطة عن الأسئلة المبدعة التي تحتملها روح المبدع القلقة وعزلتها بعيدا عن الخراب والتشيؤ.. ربما يكون هذا الفنان أحد أولئك الناجين بما يحمل من فضيلة الجمال وقيم الخير والسلام.
أكسم طلاع