جدلية العلاقة بين الأدب والنقد
أمين إسماعيل حربا
النقد لغة هو فحص الدراهم وكشف الزائف منها، وهو اصطلاحا تمحيص الأعمال والنصوص الأدبية، وتفحصها شكلا ومضموناً وإعطاؤها قيمتها الحقيقية حسب رأي الناقد. والإنسان الواعي المدرك يمارس النقد بعفوية وبشكل طبيعي فحين تعمل أي حاسة من حواسه فإنه يبدأ بالنقد بشكل ما. والنقاد عدة فمنهم المتلقي العادي الذي لابد أن يعطي بشكل ما رأيه بما تلقى قراءة أو سماعاً ويكون هذا الرأي شخصياً وبقدر ثقافة ومعرفة هذا المتلقي.
وهناك الناقد الخبير المختص الذي يجب أن يكون على دراية بشؤون الأدب خاصة وبمناحي الثقافة الأخرى عامة والرأي الذي يعطيه هو المعول عليه بالحكم على أي منتج أدبي بشكل عام.
وأفضل النقد الأدبي حين يتناول الناقد نصاً يجهل اسم كاتبه فلا تتدخل عاطفة الناقد آنذاك ولا يتأثر مثلا بسمعة وشهرة صاحب النص ومكانته الاجتماعية ولا بخصومة أو مودة بينه وبين صاحب النص. وهنا يكون النقد بأبهى وأصدق حالاته ويعطي النص قيمته النقدية الحقيقية. ولكن هل هذا الأمر هو واقعي أم هو محض افتراض؟. فنحن حين نلاحظ أية قراءة نقدية بشكل عام نرى أن هناك خللا ما فيها لعدم توفر الشروط الموضوعية والحيادية. لذلك نرى إما رفعاً أو خفضاً من قيمة النص الأدبية لهدف ما لأن النقاد بنهاية الأمر جزء من المنظومة الأدبية التي تسودها المصالح الشخصية والتحالفات العلنية أو الخفية وحالة عدم الاستقرار القائمة في الواقع الأدبي.
ويرى الكثيرون أن الكاتب هو أول ناقد لنصه وأن النقد والكتابة قد ولدا معاً بنفس اللحظة لأنه من المفترض أن يكون صاحب النص بحالة نقد ذاتي أثناء كتابة نصه. والنقاد المختصون مع القراء المتلقين للأدب هم السلطة الرقابية الافتراضية التي تدفع كاتب النص للمراجعة والتدقيق قبل النشر.