Uncategorized

الإصابة بكورونا ليست حيلة ذكية لزيادة فرص انتخاب ترامب

علاء العطار

هناك احتمال بأن يخسر دونالد ترامب في انتخابات 2020، وربما يسعنا القول بأنه يعاني عواقب أفعاله لأول مرة، دون أـن ينجح في التملص من ضغط آخر، إذ مرّ على ترامب أسبوع حافل بالمشاكل.

ففي ليلة الأحد الماضي قبل الماضي، فضحت صحيفة نيويورك تايمز كشوفاته الضريبية، ليتبين أنه يعاني مشاكل ديون ملحة ويتجنب دفع ضرائب الدخل بوسائل يحتمل أن تكون غير قانونية.

وفي ليلة الثلاثاء الماضي، وُصف أداؤه في المناظرة الرئاسية بأنه أسوأ أداء وأـكثره إهانة للذات في التاريخ الأمريكي، إذ قاطع ترامب منافسه بايدن كثيراً، وبوقاحة، لإثارة مواضيع على شاكلة إدمان ابن بايدن على الكوكايين، حتى إن كثيراً من الشخصيات الأكثر عدوانية في الحزب الجمهوري وجدت أداءه مقيتاً. وفي أحد الأوقات، وبدل أن يغتنم الفرصة للتنديد بأفعال عصابات الشوارع المتعصبة للقومية البيضاء “براود بويز”، قال إن عليهم  “التأهب”، وكأنه كان يوحي للعصابة بأن تنتظر تعليماته، الأمر الذي لم يلق استحساناً حتى من اليمين المتطرف.

وفي صباح الجمعة، أعلن أنه وميلانيا قد أصيبا بفيروس كوفيد-19، وهو مرض أزهق حياة 200 ألف أمريكي، والأعداد في ازدياد، بعد أن رفض ترامب مراراً الاعتراف بخطورته، بل عدّه مصدر قلق بسيط، وعارض تنفيذ إجراءات الصحة العامة التي كانت ستحد من انتشاره، وهزأ مراراً وتكراراً من فكرة اتخاذه تدابير شخصية لتجنب المرض؛ حتى إنه سخر من بايدن، أثناء المناظرة، لاستخدامه “المفرط ” للكمامات. وتشير التقارير إلى أنه أجرى حملة لجمع التبرعات في أماكن قريبة مع نحو 100 شخص، يوم الخميس، حتى بعد أن علم أن الفيروس ربما انتقل إليه من أحد كبار مساعديه، ولم يرتد الكمامات. وبحسب ما ورد، يعاني ترامب “أعراضاً طفيفة”، لكنها قد تمنعه من متابعة وقائع حملته الانتخابية على الأقل خلال أسبوع، أو نحو ذلك.

وفي وقت لاحق من يوم الجمعة، أصدر مكتب إحصاءات العمل الأمريكي تقرير الوظائف الذي كان “أقل بكثير من التوقعات”، استناداً لقناة CNBC.

يمنح أنموذج موقع “FiveThirtyEight” حالياً بايدن فرصة الفوز بالرئاسة بنسبة 80 في المئة، وهي أعلى احتمالات له منذ أطلق الموقع أداة تعقب الاستطلاعات في حزيران. وربما تكون هذه هي العلامة الأبرز حتى الآن على مدى الضرر الذي أصاب الديمقراطيين في انتخابات 2016، حتى إن كثيراً منهم رد على كل ذلك بالتساؤل عما إذا كان اختبار الرئيس الإيجابي كوفيد-19 سيساعده في استطلاعات الرأي، وأن ما جرى الإعلان عنه كان مجرد خدعة لكسب التعاطف، أو ليتمكن من إثبات مدى سهولة “التغلب” على المرض.

ععلينا أن نضع في اعتبارنا أن ما يقرب من 57% من الأمريكيين، باتوا  يرون، منذ صباح الجمعة قبل الماضي، أن ترامب تعامل مع جائحة كورونا بشكل سيئ، وأن 40% فقط يعتقدون أنه تعامل معها بشكل حسن. وترى النسبة نفسها تقريباً أن بايدن سيكون أنسب من ترامب لإدارة الأزمة. وتعتقد الغالبية العظمى من الأمريكيين أن من المهم ارتداء الكمامات. وتبعاً لاستطلاع أجرته “صحيفة نيويورك تايمز” و”كلية سيينا”، سيدعم 40% من الجمهوريين فرض ارتداء الكمامة على مستوى البلاد. ومن يظن أن الرئيس سيستفيد من الإصابة بكوفيد – وهو الذي تجاهل البروتوكولات الصحية – عليه أن يصدق أنه سيجعله منبوذاً كخيار أمام الناخبين الذين عانوا بشدة (على الأقل) من وجود الفيروس في حياتهم، والذين ألقوا اللوم على الرئيس لاستمرار تفشيه، والذين كانوا يظنون حتى صباح يوم الجمعة أن بايدن سيكون أفضل من ترامب في إدارة هذه الأزمة، والذين يقولون إنه من المهم ارتداء الكمامات والالتزام بإرشادات التباعد الاجتماعي. وهذا قبل أن نفكر بأن ميلانيا ترامب، ومساعد البيت الأبيض هوب هيكس، ورئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا مكدانيل، قد ثبتت عليهم الإصابة بالفيروس، ما يزيد من احتمال وجود دورات إخبارية تزيد عن أسبوع حول عدم قدرة البيت الأبيض على السيطرة على المرض حتى داخل البيت الأبيض.

أخيراً، على عكس المزاعم المنشورة على تويتر، لم ترتفع شعبية رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عندما كانت نتيجة اختباره إيجابية في آذار، ولم يتمتع جونسون إلا بارتفاع طفيف في الأفضلية، والتي كانت مرتفعة بالفعل بسبب تأثير “التجمع حول العلم” نفسه الذي عزز موقف ترامب مؤقتاً، وانخفض منذ ذلك الحين إلى مستوى أدنى من مستوى الرئيس الأمريكي.

.. هذا هو كل ما يمكن قوله: كلا، هذا غير ممكن، عام 2020 ليس عام 2016، ولا يزال ترامب ضعيفاً يمكن هزيمته والتغلب عليه.