هل أصبحت الولايات المتحدة “زومبي مالي”؟
عناية ناصر
في مقال نُشر في العدد الأخير من المجلة الصينية الشهيرة ،” الصين المعاصرة”، تم الكشف عن النتائج التي تم التوصل إليها، وهي أن الولايات المتحدة أصبحت “زومبي مالي”.
تقول المقال: إذا تم النظر إلى الولايات المتحدة كشركة، فستكون على وشك الإفلاس بسبب حكمها الفوضوي طويل الأمد وديونها المرتفعة. ويبدو الآن أن صورة الولايات المتحدة قد أفلست تقريباً، كما أن هناك اتجاهاً يتبلور لـ “نزع الدولرة، لكن الفارق الرئيسي هو أن الولايات المتحدة دولة عظمى يدعمها نظامها الإمبراطوري”.
ومن منظور الحوكمة الاقتصادية، فإن حكومة الولايات المتحدة تشبه إلى حد بعيد الشركة. في هذا النظام، الحكومة الفيدرالية الأمريكية تعادل الإدارة، الكونغرس هو مجلس الإدارة، ورئيس الولايات المتحدة مشابه لرئيس تنفيذي يتم انتخابه مرة كل أربع سنوات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار كل مواطن أمريكي على أنه مساهم قليل الأسهم، وحتى الانتخابات الأمريكية تشبه في الواقع شركة تعقد اجتماعاً عاماً للمساهمين.
فيما يتعلق بتمويل الشركات، أصبحت الحكومة الأمريكية معسرة، يجب أن تعتمد على القروض للحفاظ على استمرارها. في مجال حوكمة الشركات، يُطلق على هذا عادةً اسم “مؤسسة الزومبي، وبهذا المعنى، تسمح الولايات المتحدة بصياغة مصطلح: “الزومبي المالي على المستوى الوطني”.
وهنا يطرح الخبير الاقتصادي الأسترالي جون كويجين مفهوم “اقتصادات الزومبي” ويؤكد أن اقتصاد معظم البلدان الرأسمالية يواجه الوضع من قروض الإسكان الثقيلة إلى فواتير بطاقات الائتمان المتزايدة من قائمة الرفاهية باهظة الثمن إلى فواتير الرعاية الصحية، والضغط المالي الشخصي الهائل، الأمر الذي يجر البلاد إلى مستنقع” اقتصاد الزمبي”.
عندما لا تستطيع السياسة المالية الوطنية دعم وجود “اقتصاد الزومبي” ، فإن ظاهرة “الزومبي المالي” ستتبعها، ومنذ تفشي وباء COVID-19 في عام 2020، أصدرت حكومة الولايات المتحدة سلسلة من سياسات التحفيز المالي والنقدي لدعم التعافي الاقتصادي، كما قام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة القياسية بسرعة إلى مستويات منخفضة تاريخياً من صفر إلى 0.25٪ ، وأطلق سياسات تيسير نقدي غير محدودة، واشترى عدداً كبيراً من السندات المختلفة.
زاد حجم الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسرعة من حوالي 4 تريليون دولار إلى أكثر من 7 تريليونات دولار في عام واحد. كما زاد حجم الدين العام القومي للولايات المتحدة من 23.2 تريليون دولار في نهاية عام 2019 إلى أكثر من 27 تريليون دولار في تشرين الأول 2020. ومن المتوقع أن يقترب من 30 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2021.
خلال نصف عام فقط، زادت الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 2.89 تريليون دولار، بزيادة قدرها 70 في المائة تقريباً مما جعلها تكاد تلحق بإجمالي نمو الميزانية العمومية بين عامي 2008 و 2014. لقد أدى الوضع الاقتصادي الرهيب إلى انهيار الولايات المتحدة تدريجياً في حلقة لا نهاية لها من “العجز”، والآن أصبحت سياساتها المالية والنقدية في حالة سلبية.
على الرغم من أن الزيادات الهائلة في ضخ الدولار الأمريكي خففت مؤقتاً من أزمات السيولة في الأسواق المالية، إلاّ أنها أدت أيضاً إلى خلق فقاعة أصول أمريكية كان ينبغي تسويتها لإعادة التوسع بسرعة. وعلى المدى الطويل، هذا مجرد تأخير زمني، سيؤدي في النهاية إلى فقاعة في الأسواق المالية الأمريكية، مع نتائج أسوأ.
ووفقاً للبيانات التي جمعها بنك “دويتشه” للأوراق المالية، فإن واحدة من كل خمس شركات أمريكية يتم تداولها علناً رهينة اقتصاد الزومبي وهذا ضاعف المبلغ مقارنة بالأرقام في عام 2013. ولا يؤدي دعم السياسة النقدية المستمر من بنك الاحتياطي الفيدرالي إلا إلى تأخير إفلاس الشركات الأمريكية التي كانت على وشك الإفلاس.
تحت تأثير الأزمة المالية في عام 2008 ووباء COVID-19 في عام 2020، تحطمت ما يسمى بأساطير الديمقراطية والثروة والقيم الأمريكية. لذلك على مر السنين، ومع التوسع المستمر في العجز المالي والتراكم السريع لحجم الدين الأمريكي، يمكن القول: إن الولايات المتحدة تسرع إفلاسها الوطني.
لكن ليس من المؤكد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفلس، ولكن يمكن على الأقل القول إن السقوط السريع للولايات المتحدة في هاوية “الزومبي المالي” في ظل جائحة COVID-19 يجري على قدم وساق. ويمكن للمرء أن يرى أن التغييرات الرئيسية في العلاقة بين رأس المال والتكنولوجيا على “مفترق طرق تاريخي” رئيسي.