دراساتصحيفة البعث

قمة جدة.. لملمة البيت العربي

هيفاء علي

تنعقد القمة العربية الـ32 في جدة، في 19 أيار الجاري، وسط تحديات وتطلعات لتحقيق نتائج مهمّة على مستويات عدة، وبمشاركة الجمهورية العربية السورية، وهو الملف الأبرز، الذي يُعنون التوجّه الحالي نحو “تصفير الأزمات” في المنطقة، بالتوازي مع الاتفاق السعودي- الإيراني وما يرافقه من عمليات تهدئة في المنطقة.

رغم العوامل الإيجابية التي تهيئ الأجواء لنتائج القمة المرتقبة، يظلّ الجانب الاقتصادي في مقدمة الملفات التي باتت تحتاج لمعالجة خاصة في ظل تداعيات الأزمة العالمية، والأزمة الأوكرانية التي خلقت بعض الفتور مع واشنطن ودول الغرب. وثمة جوانب إيجابية أخرى يشير لها الخبراء تتمثل في الرغبة الجادة هذه المرة، نحو لمّ الشمل العربي، والعمل على تصفير الأزمات، وصياغة رؤية جماعية تستفيد من أخطاء السنوات الماضية، وتعيد بلورة آليات العمل العربي المشترك في ظلّ تحديات إقليمية وعالمية.

في هذا السياق، أكد وجدي القليطي، الباحث السياسي السعودي، أن القمة العربية محورية من حيث التداعيات الحادثة في المنطقة، وخاصة في إطار سعيها لتصفير الأزمات “العربية- العربية”، ودعم التقارب العربي. وأضاف أن “الملفات الأمنية في صدارة أولويات القمة، إلى جانب المحور الاقتصادي الذي يمثل أولوية وأهمية قصوى”.

وفيما يخصّ الجانب الاقتصادي، أوضح الباحث السعودي أن التفاهمات في القمة قد تكون بينية بين بعض الدول المحورية، التي لديها ركائز رئيسية في تحريك العجلة الاقتصادية، بحيث تكون داعمة لبعض الدول التي لديها مشكلات في الاقتصاد، مشدداً على أن الأولويات على طاولة القمة تتمثّل بـ”المحور الأمني، وتصفير الأزمات العربية”، ما يحقق لمّ الشمل في المنطقة.

من جانبه، قال أيمن عمر، مدير مركز “إشراق” للدراسات، إن القمة العربية الـ32 هي قمة سورية في المملكة العربية السعودية بامتياز، التي تشهد عودة سورية إلى جامعة الدول العربية بعد تجميد عضويتها زهاء 12 عاماً.

وفيما يتعلّق بالملفات الشائكة على طاولة القمة المرتقبة خلال أيام في جدة، يرى عمر أنها متعدّدة، وتشمل: ملف سد النهضة الذي يشكّل خطراً على الأمن المائي في مصر والسودان، وخاصة بعدما قدّمت مصر مشروع قرار للجامعة العربية لمناقشته ومفاوضة إثيوبيا بشأنه، في حين ترفض الأخيرة تدخل الجامعة العربية بهذا الملف، على اعتبار أنه شأن أفريقي وليس عربياً.

الملف الآخر يتمثل في التحديات الاقتصادية، والتي تتطلّب العمل عليها في القمة، حيث يأتي في سلّم أولوياتها الانهيار الاقتصادي والمالي غير المسبوق في لبنان، والعمل السريع على لجمه والمساعدة على عودة التعافي لبيروت في كلّ المجالات، وخاصة بعد التوافق السعودي- الإيراني، والسعودي- السوري. كذلك قضية إعادة إعمار سورية، وإعادة اللاجئين السوريين عبر التواصل مع أطراف النزاع الدوليين، والضغط للبدء بعملية إعادة الإعمار، حيث تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المشاريع الاستثمارية في هذا الإطار. وضمن التحديات، تأتي عملية توفير الدعم المالي والمادي للشعب الفلسطيني، عبر أطر ومشاريع تؤمّن الدعم المستدام غير الخاضع للابتزاز السياسي.

وتنبعُ أهمية هذه القمة، عدا عن إجرائها في المملكة العربية السعودية، وما لذلك من رمزيّة وتأثير معنوي، من السعي إلى لملمة البيت العربي بعد حالة التشظي الذي أصابته منذ بدء ما سُمّي بحركات “الربيع العربي”. فالبعد الأول الذي يُعطي لهذه القمة معنى إضافياً هو مكان انعقادها، والبعد الثاني هو طبيعة اللحظة الجيوسياسية التي تعيشها المنطقة بشكل عام، في حين أن رمزية القمة، تتركز في إعادة لمّ شمل الأمة المشتّتة، لذلك تأتي سورية والسودان كعنصرين مفتاحيين نحو الأهداف المرجوة، وحضور الرئيس بشار الأسد يحقق للمملكة منظر الوحدة الذي تتوخاه. وكان العاهل السعودي قد أرسل دعوة للرئيس بشار الأسد، الأربعاء الماضي، للمشاركة في القمة العربية التي ستعقد في جدة، يوم 19 أيار الجاري، وسلم الدعوة سفير السعودية لدى الأردن، نايف بن بندر السديري، خلال لقائه الأسد في دمشق. أما البعد الثالث فهو الاتفاق السعودي- الإيراني بضمانته الصينية، والارتدادات التي لا زال يفرضها على واقع الإقليم وخاصة ساحات المواجهة.