“العين حمرا” على اتحاد كرة القدم.. موسم ساخن وإشارات استفهام عريضة؟
“البعث الأسبوعية” ــ ناصر النجار
فتح اتحاد كرة القدم أكثر من جبهة عليه بعد قرارات متعددة وصفت بالارتجالية تخللتها تصرفات غير مسؤولة، ما جعل “العين حمرا” عليه من أكثر من ناد، وجمهور، ومن المتابعين وخبراء اللعبة.
والخلاصة أن اتحاد الكرة أشبعنا كلاماً وتصريحات بدت خلبية في أغلبها، وعند “ساعة الجد” نجد أن كرتنا في مأزق لم نشهد له مثيلاً من ذي قبل، لذلك يأتي التساؤل على الشكل التالي: هل اتحاد الكرة آفاقه محدودة وهذا حجمه؟ أم إن هناك من يرسم حدوداً لاتحاد الكرة لا يمكنه تجاوزها؟ كيف ذلك؟
.. لنمض معاً في التفاصيل!!
المنتخب والمعلول
لا شك أن “طبخة” المنتخب تحترق، وكل الردود الرسمية التي سمعناها من المعنيين في اتحاد الكرة ليست إلا ذراً للرماد في العيون، ونحن مقتنعون أن مدرب المنتخب التونسي نبيل المعلول يعيش أزمة مع اتحاد الكرة لا ندري إلى أين سيصل مداها!!
الأزمة بدأت من التلميحات، ثم التصريحات، وقد تصل في النهاية إلى طريق مسدود يؤدي إلى استقالة المعلول.. وهذا المصير – الذي قد يكون مصير منتخبنا – هو نتيجة طبيعية للعقلية الهاوية التي تقود كرة محترفة؛ فعندما يريد هواة كرتنا أن يعلو سقف تعاقدهم، فيتعاقدوا مع مدرب أجنبي محترف، عليهم أن يفكروا أولاً من أين سيتدبرون العملة الصعبة التي سيدفعونها له ولطاقمه؛ ومن الطبيعي أن يكون لديهم الخطط البديلة في حال فشل الخطة الأولى، لكن الاعتماد على الاتحاد الآسيوي، والمال المجمّد لكرتنا، وحده، كخيار لا ثاني له، أمر وضع اتحاد الكرة في مأزق ومواجهة مع الطاقم التونسي، ولا ندري الآن كيف سيخرج اتحادنا من هذه الورطة.
اتحاد الكرة عاجز عن تأمين البدائل لأنه لم يتحرك ولن يتحرك. وبالمحصلة العامة، قد نجد أنفسنا إن ساءت الأمور أكثر في مواجهة غير محمودة العواقب مع الفيفا.
قرار خلبي
من جهة ثانية، أصدر اتحاد الكرة القرار رقم 886، تاريخ 20/ 9/ 2020، الذي يلزم الأندية بدفع المستحقات المالية المتوجبة عليها للاعبين والمدربين باللائحة التي أصدرتها لجنة شؤون اللاعبين، وشملت أغلب أندية الدرجة الممتازة، وبعض الغرامات تصل إلى عشرات الملايين.
هذا القرار صدر وأفهم علناً، وهدد الاتحاد الأندية التي لا تلتزم بالدفع بعدم تصديق عقودها للموسم الجديد، أي أنها لن تشارك في الدوري، لكن حتى اللحظة لم يصدر أي شيء يفيدنا بما حصل: هل دفعت الأندية ما يترتب عليها أموال لخصومها؟ أم إن هذا القرار عاد إلى الغرف المظلمة، ونام كما نام غيره من القرارات؟
مصدر مطلع في اتحاد الكرة أفادنا بأن القرار لم تأخذه الأندية على محمل الجد، لأن اتحاد الكرة لا يملك صلاحية منعها من المشاركة في الدوري، ولأن أحداً لا يستطيع الاستقواء بالخارج، وتقديم شكوى للفيفا على أنديتنا واتحاد الكرة، وبالتالي فإن هذا القرار ليس إلا زوبعة في فنجان.
ونتحدث هنا من باب الحفاظ على هيبة اتحاد كرة القدم وقدسية قراراته، فإما أن نحترم قراراتنا، وإما ألا نصدرها – بالأصل – إن كنا لا نستطيع تنفيذ هذه القرارات.
رعاية الدوري
وفي السياق ذاته، فإن الدوريات الكروية في كل العالم – صغيرها وكبيرها – تقوم على الرعاية، سواء بالنقل التلفزيوني، أو بالإعلانات المختلفة، لكن اتحاد كرة القدم – كما يبدو – على خصام مع التسويق، أو إنه غير ملم بهذه العمليات والآليات المهمة التي تعتبر نبض النشاط الكروي. وكل دول العالم تجهز عمليات التسويق قبل فترة كافية، لكن اتحاد كرتنا مشغول بالجولات وحضور المباريات والكرنفالات، وما شابه ذلك؛ ورغم وجود لجنة اختصاصية في اتحاد كرة القدم في هذا الشأن، إلا أنها غائبة أو مغيبة، ولا فرق هنا لأن النتيجة واحدة.
ما أثار هذا الحديث الخلاف الذي ظهر بين التلفزيون واتحاد الكرة حول النقل التلفزيوني، فاتحاد الكرة منع التلفزيون من النقل لأن العقد بين الطرفين لم يوقع، ولأن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق، لكن العقلاء تدخلوا بالوقت المناسب، وتم النقل لأن القضية أكبر من قرار شخصي.
والعاقل يدرك سلفاً أن تأمين رعاية خارجية للدوري ضرب من المستحيل في ظل الظروف الحالية، من حصار وعقوبات وخلافه؛ لذلك، ليس لنا بديل إلا المحلي، وأمام هذا من المفترض أن يتفاوض اتحادنا مع القنوات المحلية الرسمية وصولاً إلى صيغة مرضية بشكل مسبق.
وهنا نتساءل: كيف استطاعت بعض أنديتنا تأمين رعاية لفرقها تفوق المليار ليرة سورية من شركات محلية، واتحاد كرتنا لم يستطع تأمين رعاية بنصف هذا المبلغ؟ ألا تنطوي هذه المقارنة على مفارقة عجيبة تدلل على مدى نجاعة عمل أنديتنا وسوء عمل اتحادنا الكروي!
مصداقية مطلوبة
منذ مباراة كأس السوبر وما حدث فيها من خروج عن النص، تنبأ المراقبون أن كرتنا تمضي نحو إثارة، ما بعدها إثارة، في دوري هذا الموسم، وخصوصاً مع الحشود الجماهيرية الكبيرة المتعطشة لمتابعة فرقها على الطبيعة.
لا ننكر أن اتحاد كرتنا واجه الشغب المفتعل بمباراة كأس السوبر بحزم، وهذا ما يجب أن يكون، لكن المتابعين يخشون أن تكون العصا الاتحادية موجهة ضد فرق على حساب فرق أخرى، لذلك لا بد من التريث لنجد كيف سيعالج اتحاد كرة القدم شغب الملاعب إن حدث مرة أخرى.
القضية المهمة الأخرى أن اتحاد كرة القدم سمح بنسبة حضور للمباريات لا تتجاوز الـ 40%، لكن هذا لم يطبق مع الأسف في الكثير من الملاعب، ولن يطبق! فمباريات أندية تشرين وحطين والوحدة والاتحاد والكرامة، على الأقل، لا يمكن تطبيق هذه النسبة فيها ولن يكون للإجراءات الاحترازية أي وجود.
هنا نعود إلى موضوع مصداقية اتحاد كرة القدم في قراراته، فإما أن يصونها ويردع مخالفيها، وإما ألا يصدرها أبداً، فالمشكلة هنا أن قرارات اتحاد كرة القدم تبدو عشوائية ودون دراسة، وهذا يشير – بما لا يدعو للشك – إلى أن اتحاد كرتنا هاو.. يريد قيادة كرة محترفة.