مجلة البعث الأسبوعية

بين الساعات اليابانية الرخيصة والسويسرية الفاخرة.. أسرار النجاح!

ستكون مخطئاً إن كنت تظن أن أثرياء العالم لا يرتدون سوى الساعات السويسرية الفاخرة، بيل غيتس مثلاً، والذي يعد أغنى رجل في العالم، يرتدي ساعة يابانية رخيصة، ماركة كاسيو، لا يتجاوز ثمنها 70 دولاراً أمريكياً فقط.

غيتس ليس الوحيد بل هناك الكثير من أثرياء العالم يرتدون ساعات يابانية مثل ملياردير هونغ كونغ، لي كا شينج، الذي يرتدي ساعة رخيصة من ماركة سيتزن، بينما فضّل الراحل ستيف جونز ساعات بسيطة من ماركة سايكو كاريوت.

فما هو سر نجاح الساعات اليابانية الرخيصة على حساب الساعات السويسرية الفاخرة؟

 

الساعات السويسرية واحتكار السوق العالمية

في الوقت التي كانت به غالبية الدول الكبرى في العالم تستخدم أجهزة التوقيت كأجهزة توقيت للذخائر العسكرية في الحرب العالمية الثانية كان سوق صناعة الساعات السويسرية يزدهر بشكل كبير وسط غياب أي منافسة حقيقية، فامتلكت نحو 50% من السوق العالمية.

وفي أوائل ستينيات القرن الماضي، بدأت شركة يابانية سايكو بالدخول شيئاً فشيئاً إلى سوق صناعة الساعات ومنافسة الشركات السويسرية الفخمة مثل أوميغا سا، وبياجيه، وباتك فيليب، وذلك عن طريق اختراع جيل جديد من الساعات يسمى الكوارتز.

 

أزمة الكوارتز التي قلبت المعادلة

في العام 1964، كشفت شركة سيكو عن أول ساعة كوارتز محمولة سميت باسم سيكو كريستال QC-951، وقد تم استخدامها كمؤقت احتياطي خلال مسابقات الماراثون للألعاب الأولمبية الصيفية التي استضافتها طوكيو ذلك العام.

بعدها بنحو 5 أعوام قضتها الشركة اليابانية بالعمل على تطوير هذه الساعة، تمكنت أخيراً من صنع أول ساعة يد تعمل بنظام الكوارتز عن طريق وضع بطارية داخلها، وهي ساعة سيكو كوارتز أسترون.

كانت هذه الساعة حينها بمثابة اكتشاف جيل جديد لم يعتد عليه العالم، إذ كانت جميع الساعات في العالم ميكانيكية وباهظة الثمن بسبب طريقة صنعها المعقدة، على عكس الكوارتز التي أتت بسعر زهيد وبمتناول جميع الناس.

واصلت سيكو وبعض الشركات اليابانية والأمريكية الأخرى تطوير ساعات الكوارتز حتى اكتسحت سوق الساعات العالمية في سبعينيات القرن الماضي.

في الوقت ذاته كانت شركات الساعات السويسرية تتجاهل إبداع اليابانيين في صنع الجيل الجديد من الساعات، فواصلت بدورها صنع الساعات الميكانيكية حتى بدأت ما تسمى “أزمة الكوارتز” التي تسببت بخسارة وإفلاس نحو ثلثي الشركات السويسرية.

لم تنفرج أزمة الكوارتز حتى العام 1983، عندما تخلت سويسرا عن تعنتها عبر تأسيس شركة سواتش الشهيرة التي كانت أول شركة ساعات سويسرية تبدأ بإنتاج ساعات كوارتز رياضية رخيصة الثمن موضوعة داخل علب بلاستيكية.

 

الفرق بين الساعات الميكانيكية والكوارتز

لا شك أنّه ليست كل الساعات تعمل بنفس النمط وإنما هناك اختلاف كبير، سيما بين الساعات الميكانيكية التي تشتهر بها سويسرا وساعات الكوارتز التي طورتها اليابان.

الاختلاف الأول يكمن في نوعية مصدر الطاقة الذي تستمده الساعة منه عملها، فالساعات الميكانيكية لا تحتوي على بطارية وإنما تعتمد على نابض يسمى “الزنبرك” ملفوف بشكل دائري حول نفسه، ويستخدم القدرة الناتجة عن انفلاته بشكل تدريجي عدد من العجلات والمسننات المرتبطة ببعضها البعض لتتحول هذه الحركة إلى ذبذبات تنظم عمل عقارب الساعة.

في حين تعتمد ساعات الكوارتز على مذبذب إلكتروني يعمل عن طريق البطارية ويتم تنظيمه عن طريق قطعة من كريستال الكوارتز تتألف من ثاني أكسيد السيليكون، والذي استمدت ساعات الكوارتز اسمها منه.

أما الاختلاف الثاني فهو دقة الوقت وحركة العقارب، إذ إن ساعات الكوارتز تتفوق بشكل كبير، حيث نسبة الخطأ في حساب الوقت خلال اليوم هو ثانية واحدة فقط مقارنة بخمس ثواني خاطئة في الساعات الميكانيكية.

والسبب الثالث الذي جعل ساعات الكوارتز تتفوق على نظيرتها الميكانيكية هو أنه يمكن إنتاج عدد كبير منها خلال ساعات معدودة كون إنتاجها يتم بشكل آلي، على عكس الساعات الميكانيكية التي تتطلب حرفيين للتعامل مع التروس الصغيرة والقطع المنمنمة.