“حملات صيد الساحرات” الأردوغانية تطال طبيباً يكافح كورونا
سيذكر التاريخ رجب طيب أردوغان، ليس بكونه زعيماً ولا قائداً، بل بكونه “محرك الإرهاب والشرّ” في المنطقة، فأينما وضع يده حلّ الخراب، ومع سياساته القمعية غدت تركيا أكثر البلدان قمعاً للحريات حول العالم، ولا سيما في إطار ما يسميه “حملات صيد الساحرات”، التي بدأها عقب محاولة الانقلاب عام 2016، والتي طالت هذه المرة طبيباً قام بواجبه في التصدي لفيروس كورونا، حيث اعتقلت سلطات النظام التركي الطبيب أركان توفان خبير الصحة الشعبية الذي عمل بكثافة أثناء فترة تفشي فيروس كورونا في جامعة كوجالي.
وادّعت سلطات النظام التركي أن سبب اعتقال الطبيب هو مكوثه بسكن طلابي كانت تديره حركة الخدمة أثناء فترة دراسته.
هذا واستنكرت حميراء توفان زوجة الطبيب المعتقل توقيف زوجها قائلة: “أبلغونا أنه سيتم الحصول على إفادته، ثم قرروا اعتقاله ومحاكمته من خلف القضبان استناداً إلى إفادة شاهد سري وبدون أي دليل إدانة رغم توجهه بنفسه إلى مركز الشرطة وعدم الاشتباه في هروبه خارج البلاد وكونه طبيباً”.
من جانبه، كتب نائب حزب “الشعوب الديمقراطي” عن مدينة كوجا وعضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان عمر فاروق جرجرلي أوغلو على “تويتر”: “أحسنتم يا جامعة كوجالي! اعتقلتم طبيباً يتصدى للفيروس بكامل طاقته وتشعرون بالسعادة لهذا. لكن ما حيثيات الاعتقال؟ إفادة شاهد أنه مكث بسكن طلابي تابع لحركة الخدمة أثناء فترة الدراسة. هل المرض أكثر خطورة أم العقلية المريضة؟”.
كما أصدرت سلطات النظام التركي مذكرات اعتقال بحق 31 شخصاً بينهم 13 في الخدمة من القوات البحرية التركية وقيادة خفر السواحل، بذريعة صلتهم بالداعية فتح الله غولن، الذي يتهمه هذا النظام بالوقوف وراء محاولة الانقلاب عام 2016.
في سياق متصل، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان النظام التركي لانتهاكه حرية التعبير بخصوص زعيم حزب المعارضة التركي الرئيسي كمال كيليتشدار أوغلو، الذي حكم عليه العام 2012 بالمساس بسمعة أردوغان، على خلفية خطابين ألقاهما كيليتشدار أوغلو في 31 كانون الثاني والسابع من شباط 2012 انتقد فيهما أردوغان عندما كان رئيساً للوزراء، ليباشر أردوغان بعدها ملاحقات قضائية أمام المحاكم المدنية ضده، معتبراً أنه مسّ بكرامته الشخصية والمهنية وبسمعته.
واعتبر قضاة المحكمة الأوروبية أن هذه الإدانة تشكل “تدخلاً” في حق كيليتشدار أوغلو في ممارسة حرية التعبير، وأن هذا الأخير تطرق إلى مواضيع مصلحة عامة ومشاكل سياسية بصفته نائباً في البرلمان، وأضافوا: “من الطبيعي بصفته شخصية سياسية من الصف الأول أن يرى رئيس الوزراء كلامه وتصرفاته وتحركاته تخضع لمراقبة صارمة من أحد كبار منافسيه السياسيين”.
ورأى القضاة بالإجماع أن نظام أردوغان انتهك المادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تضمن حرية التعبير، وحكموا بتأييد ستة ومعارضة قاضٍ واحد، على هذا النظام بأن يدفع لكمال كيليتشدار أوغلو مبلغ 6385 يورو كـ”عطل وضرر مادي” وخمسة آلاف دولار كـ”عطل وضرر نفسي”.
في الأثناء، ضعفت الليرة التركية لمستويات متدنية جديدة مقابل الدولار بعد أن رفع البنك المركزي توقعاته لمعدل التضخم في العامين الحالي والمقبل.
وسجلت الليرة أقل مستوى على الإطلاق عند 8.2655 مقابل العملة الأميركية، وكانت العملة قد أغلقت عند 8.1875 ليرة، أول أمس الثلاثاء، وفقدت نحو 28 بالمئة منذ بداية العام الجاري.
ورفع البنك المركزي توقعاته للتضخم إلى 12.1 بالمئة من 8.9 بالمئة، وقال: “إنّ توقّعاً بأن يسجل التضخم اتجاهاً نزولياً في النصف الثاني من العام لم يتحقق”.
ورفع البنك المركزي التركي توقعاته لمعدل التضخم بنهاية هذا العام بأكثر من ثلاث نقاط مئوية، بعدما فشلت القرارات المفاجئة بشأن أسعار الفائدة في دعم الليرة التي تراجع سعر صرفها نتيجة إقحام أردوغان تركيا في نزاعات دولية والاضطرابات السياسية الداخلية التي تسبب بها تهوره.
وقال محافظ البنك مراد أويصال خلال إعلان التقرير الأخير للتضخم لعام 2020: “إنّ ارتفاع أسعار المستهلكين سينهي العام عند 12.1%، مقابل توقعات سابقة بـ8.9%”، وتوقّع أن ينخفض التضخم إلى 9.4% بنهاية 2021، مقابل توقعات سابقة بـ 6.2%، كما توقع ارتفاع تضخم أسعار الغذاء بنهاية 2020 بنحو 13.5%، مقابل توقعات سابقة بـ 10.5%.
وإضافةً إلى الصراعات التي اقتحمها أردوغان، جاء التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة والخلاف مع فرنسا والنزاع بين النظام التركي واليونان على الحقوق البحرية والدخول في الصراع في إقليم ناغورني قره باغ ليهوي بالليرة إلى أدنى مستوى.
وأبقى البنك المركزي الخميس الماضي سعر الفائدة الرئيسي عند 10.25 بالمئة ورفع نافذة السيولة المتأخرة إلى 14.75 بالمئة، قائلاً: “إنّ تشديداً واسعاً للأوضاع المالية قد تحقق بالفعل بعد خطوات لاحتواء مخاطر التضخم”.