“ثقافة المقاومة ضرورة العصر” في ملتقى البعث بطرطوس
طرطوس- محمد محمود:
قراءة مكثفة في ثقافة المقاومة ومخططات العدوان على سورية كانت محور بحث ونقاش ملتقى البعث الحواري في ثقافي طرطوس، بمحاضرة قدّمها اللواء محمد عباس محمد، عبر محاور مختلفة تحت عنوان: “ثقافة المقاومة ضرورة العصر”.
اللواء عباس بدأ بقراءة لتاريخ الصراع في المنطقة، وربط بين العدوان المستمر على سورية، والصراع التاريخي للتحكّم بمسار شبكات الطاقة، مؤكداً أن سورية لا يمكن إخراجها من أي معادلة عالمية، ورأى أن العدوان الأمريكي على سورية وارتباطه بمسارات الطاقة بدأ منذ وقت طويل، وتحديداً في العام 1949 حين كانت المحاولات لتمرير اتفاقيات خطوط النفط وشركاته الأمريكية، ومشروع آيزنهاور، ليكون بعدها التخطيط الناعم لتدمير المنطقة، وتعزيز الصراع الديني والمذهبي.
وبين أنه ومنذ بداية التصحيح المجيد، الذي أنتج حرب تشرين التحريرية، بدأ نهج المقاومة الحديث، فكانت الحرب تحقيقاً للإرادة الوطنية، واستطعنا أن نهزم فكر الانتكاسة، لكن عندما أدرك الآخرون أن قدرة المنطقة على المقاومة هي قدرة مستمرة قادرة على هزيمة الأعداء في الحروب العسكرية، كما حدث في فيتنام، تمّ الوصول لمنتج اسمه الحروب غير المتناظرة، وبدأ العمل على حروب تدمير الأخلاق وإنهاك المنطقة برمتها بحروب متواصلة، وإطالة أمد الحروب، وبالتالي عدم القدرة على إقامة أي مشاريع اقتصادية، وزرع حالة من التآكل النفسي وتفكيك كل الروابط في المنطقة، وهذا الأمر أدى لبروز تيارات دينية تحاول تنفيذ أهداف أخرى، وكل هذا لخوض الحروب المقبلة بنتائج خسارة صفرية بالنسبة للأعداء والأمريكيين، فكان هناك عمل منظم وجمع بنك من المعلومات عن كل دولة مستهدفة، وتمّ العمل على استنزاف قدرات سورية واستهلاك طاقتها وتدمير ثرواتها بالحروب المستمرة، والعمل على عزلها عن محيطها العربي وإشغال الدولة السورية، وإبعادها عن تحقيق الذات الوطنية.
وبيّن بدائل خوض الصراع المسلح التي تم اعتمادها من قبل الإدارة الأمريكية، وأدواتها في المنطقة، والتي تمثلت بنقاط مختلفة، بدءاً من حروب تدمير الأخلاق التي بدأت بشكل مخفي منذ العام 1990 وحتى 2010، وكي الوعي (عبر شرعنة الفساد، وإفشال الدولة، وتفكيك مكوّنات المجتمع، واستبدال الهوية) واختراق المجتمع السوري، مروراً بخوض الحروب بالوكالة التي تعتمد على أدوات داخلية. لكن المفاجأة، بحسب اللواء عباس، كانت أن جهاز المناعة السوري تماسك ولم ينهار منذ بداية الحرب في الـ ٢٠١١، مشيراً إلى أن بناء الإنسان هو الاستثمار الأكثر ربحاً، وهو الأداة الأكثر فاعلية التي يجب العمل عليها في الفترة المقبلة، فهو يؤمن احتضان الشعب للدولة وتحصين الهوية الثقافية، ودعم الجيش في مقاومة الإرهاب، وختم بالتأكيد على أن معادلة الانتصار السوري، التي حطمت نظرية الحرب الجديدة والعدوان الأمريكي المستمر، تكمن في العمق السوري، والثلاثية الوطنية السورية (شعب- جيش- قائد) وهي اليوم بحاجة لمزيد من العمل.
من جانبه، رأى الرفيق محمد حبيب حسين أمين فرع الحزب أن ثقافة المقاومة ليست ضرورة فحسب لكنها نهج أساسي للاستمرار والوجود وبقاءنا كسوريين، وهي بحاجة لتوسع دائم في النقاش والبحث عبر تعريفها وكيفية إنتاجها، وعناصر استمراريتها.
وأشار عبد الله سعد مدير مكتب المقاومة السورية بطرطوس إلى أن عمق المقاومة في المنطقة العربية، وفي سورية تحديداً، يرجع لأزمنة تاريخية غابرة، فهي بدأت منذ عهد زنوبيا، وفي زمن المغول والعثمانيين والفرنسيين، واستمرت حتى عصرنا الحالي، وهي ليست في السلاح فحسب ولكن في الكلمة والعمل، فالرصاصة يمكن أن تقتل شخص لكن الكلمة تأثيرها أكبر بكثير.
ورأى الباحث الاقتصادي عبد اللطيف شعبان أن تعزيز نهج المقاومة يكمن اليوم في تأمين متطلبات أساسية يفتقر الشعب السوري إليها فنحن نعيش حالة ضرورة خلق مقومات المعيشة الأساسية، وهي الضامن لأي مقاومة.
أدار الملتقى كمال بدران مدير الثقافة، وحضره محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى وأعضاء قيادة فرع،الحزب المكتب التنفيذي في المحافظة.