“الأرشفة الإلكترونية في المؤسسات الحكومية والخاصة” في مكتبة الأسد
أقامت وزارة الثقافة- مكتبة الأسد الوطنية بالتعاون مع دار الخبرة صنّاع الجودة العرب مؤتمراً بعنوان “الأرشفة الإلكترونية في المؤسّسات الحكومية والخاصة وحتميّة التحول الرقمي للوثائق واعتماد معايير ISO/MSS” وتحدثت المهندسة سناء الشوا معاونة وزيرة الثقافة عن أهمية المؤتمر قائلة: “يسلّط المؤتمر الضوء على حتميّة التحول الرقمي، ولاسيما في هذا الوقت الذي تتجه فيه جميع المؤسّسات إلى التوثيق وما يتضمّنه، وكل ما يصدر عن المؤتمر سيكون من ضمن ورقة عمل تعدّها الوزارة لإدخالها حيّز التنفيذ في موضوع الأرشفة الإلكترونية، ولا يخفى على أحد توجّه الحكومات نحو موضوع الأرشفة الإلكترونية، وحفظ الوقائع وصونها والسريّة وسهولة التعامل، وهذا الموضوع هو جزء من البرنامج الإصلاحي الكبير والواسع”.
وألقى كلمة صنّاع الجودة العرب د. محمد الجلالي، إذ قال: “لم تعد الجودة رفاهية أو خياراً، وإنّما أضحت أهم مقومات الاستمرار في ظل المنافسة، وتحتاج فيه الأعمال إلى مزايا تنافسية للاستقرار، ولا يمكن لأي مؤسّسة سواء في القطاع العام أو الخاص أن تحقّق معايير النجاح والاستمرار ما لم تتبنَ نظماً متكاملة للجودة الشاملة لجميع عملياتها، ومن بينها الأرشفة وإدارة الوثائق، ومؤسّسة جودة الصنّاع العرب مؤسّسة سورية رائدة في مجال علم وتطبيق الجودة، بكل ما تملكه من علاقات مع مؤسّسات عالمية ومن فريق متميّز من الخبراء”.
وبيّن مدير مكتبة الأسد إياد مرشد أهمية المؤتمر ونوعيته قائلاً: نحن الآن في مرحلة إعادة الإعمار التي تقتضي الانطلاق بإجراءات نوعيّة لإتمام عملية بناء مؤسّسات بجودة عالية، فالأداء العادي والتقليدي للمؤسّسات أصبح لا يتناسب مع حجم المهام الملقاة على عاتق المؤسّسات، سواء الحكومية أو الخاصة، وهذا يتطلّب أداءً نوعياً يبدأ من خلال التحوّل الرقمي بأرشفات ووثائق ودواوين المؤسّسات، والمؤسّسات اليوم تتجه إلى أن تكون رشيقة قادرة على تلبية الاحتياجات المتغيّرة والمتسارعة، وهذا يحتّم علينا أن ننطلق انطلاقة واعية نحو المستقبل من خلال التحول الرقمي.
التوصيف والترميز
الجلسة الأولى من المؤتمر بإدارة إياد مرشد، بدأها د. قصي عجيب بالحديث عن “نظم إدارة الوثائق وحفظها وفق iso 30301 ” ومفهوم الوثائق وعمليات إدارتها التي تبدأ من الفهرسة ثم التوصيف والترميز والتي تعتبر من المهمات الصعبة، ثم التخزين ومن بعدها الإتاحة، الإنشاء، التوزيع.
وعن أسباب عدم اعتماد المؤسّسات لنظم إدارة الوثائق، قال د. عجيب: العديد من المؤسّسات تواجه صعوبات في اعتماد هذه النظم الجديدة، منها قلّة الوعي من الإدارة والموظفين، وخوف المستخدمين من التغييرات ومقاومتهم لتبني نظم جديدة، إضافة لعدم وجود حوافز، فالمتطلبات الرئيسيّة لنظام التحوّل الرقمي للوثائق يجب أن يحدّد فيه النطاق أو المجال الذي سيتمّ العمل فيه، وبناءً عليه يتمّ اختيار فريق العاملين وتدريبهم وتأهيلهم، وتركيب وتشغيل نظام لإدارة الوثائق، مع رقمنة الوثائق المتراكمة. وأشار إلى أن الوثائق علم يستحق أن يكون له برامج أكاديمية مستقلة تُدرّس على مستوى الجامعات أو المعاهد، خاصة وأن هناك سوق عمل هائلة في هذا المجال.
وحملت ورقة العمل التي قدّمها د. مكسيم الجبر عنوان: “معايير أمن وسرية الوثائق في المؤسسات وفق iso 27001 ” ابتدأها بالتعريف بمعيار نظم إدارة حماية المعلومات كمعيار عالمي يُعنى بحماية المعلومات وله متطلبات معيّنة، عند تلبيتها تحصل المؤسّسة على شهادة معتمدة تفيد بتطبيقها للمعايير الواردة على نطاق العمل الذي تمّ اختياره. وهناك أسس يقوم عليها المعيار مثل تحديد الأصول المعلوماتية، تقييم المخاطر وطريقة الحلول، ووضع نظام لإدارة المخاطر، وتقييم أداء الضوابط الداخلية. ولحماية المعلومات يجب أن تتوفر مفاهيم ثلاثة هي: “السرية” التامة لكافة المعلومات في المؤسّسة، حتى لو كانت صغيرة وبسيطة- اكتمال البيانات وكفايتها وحمايتها وطرائق معالجتها، وهذا يضمن الاستمرارية وإعادة العمل في حال وقوع كوارث- التوفر: أي توفر المعلومات المقيّدة للأشخاص المخوّلين فقط، وهم الوحيدون القادرون على الوصول إليها، ما يجعل حماية المعلومات مهمّة سهلة المعالجة.
ومن فوائد الحصول على شهادة المعيار والتي تتضمّن المحافظة على جميع ممتلكات المؤسّسة، كما أورد المحاضر: زيادة الوعي لدى جميع العاملين بأهمية أمن المعلومات، وزيادة التواصل بين موظفي تقنية المعلومات والإدارة العليا للمؤسّسة، إضافة لتقليل حالات فقدان المعلومات، وتحسين العلاقة مع المجتمع، وإرضاء العميل والمستثمر، وتحسين صورة المؤسّسة ونسبة المشاركة في السوق.
متطلبات الأرشفة
الجلسة الثانية بإدارة د. باسم قصيبة حملت عنوان “متطلبات الأرشفة الإلكترونية”، وعن هذا الموضوع تحدثت د. لمى قدورة رئيسة قسم المكتبات والمعلومات بجامعة دمشق، مبيّنة أن التوثيق الإلكتروني والأرشفة نهج جديد أجبر الجميع على تطبيقه، والعالم العربي مجبر على اللحاق بما يعرف بالأرشفة الإلكترونية، والأرشيف ما هو إلا الجزء من المحفوظات الذي أودع في إحدى المؤسّسات الأرشيفية، أو حفظ في قاعدة بيانات ونظم بشكل علمي، أما الوثائق فهي كل مدوّن يحتوي على بيانات ومعلومات وحقائق، لافتة إلى أنه لتحقيق الاستغلال الأمثل يجب التحوّل إلى الأرشفة الإلكترونية، وهي عملية تحويل الوثائق الرقمية والملفات الإلكترونية والمخطّطات إلى وثائق إلكترونية مفهرسة وقابلة للبحث على جهاز الحاسوب، يمكن استرجاعها ومشاهدتها وطباعتها وإعادة إرسالها خلال ثوان محدودة حسب الصلاحيات الممنوحة. واستعرضت التطور التاريخي للأرشفة الإلكترونية وأنواعها وطرقها ومميزاتها وفوائدها في السهولة والسرعة والمرونة وتوفير مكان الحفظ والحدّ من الأخطاء، كذلك لفتت إلى مشكلاتها مثل التطور السريع لبرامج الأرشفة والتكلفة الباهظة والتأهيل التقني وغيرها، موضحة أن تطبيق الأرشفة الإلكترونية يجب أن يراعي عدة متطلبات هي: توافر الإرادة، التخطيط الهندسي لمبنى الأرشيف، مجموعة الوثائق والملفات، متطلبات بشرية وقانونية وتشريعية ومالية وتنظيمية، ومتطلبات الحفاظ على أمن المعلومات وتوفير خطة تسويقية دعائية، وكذلك المتطلبات التقنية والوظيفية والمواصفات الفنيّة لأنظمة الأرشيف.
معايير السلامة
من جهته تحدث حسام الشيخة مستشار معتمد في صنّاع الجودة العرب عن “معايير الصحة والسلامة المهنية للعاملين في دور الحفظ والأرشيف وفق45001:ISO” مشيراً إلى مجموعة المواصفات الإدارية التي أصدرتها منظمة الأيزو، وهي نظم إدارة الجودة ومنها مواصفة 45001 وأصلها هو المعيار البريطاني الصادر عن معهد التقييس البريطاني، والذي من خلال الممارسات والتطبيق تمّ تأطيره في هذه المواصفة، مبيناً أننا نتعرّض للمخاطر أثناء أي عمل في أيّ من المجالات، مفرقاً بين المخاطر المصحوبة بعدم المعرفة المسبوقة، أي الخبرة في التعامل معها، ومخاطر مصحوبة بالخبرة والمعرفة اللازمة للتعامل معها بحيث يتمّ اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع المخاطر. ورأى الشيخة أن مواصفة إدارة الصحة والسلامة المهنية مبنيّة على أسس منهجية، أولها هو التخطيط الذي ينطبق على بيئة المؤسّسة والقيادة ومشاركة العاملين والتخطيط والدعم، وثانيها التنفيذ وينطبق على العمليات، وثالثها التطوير وينطبق على التحسين، والرابع هو المراقبة. وتطرق في حديثه إلى تحديد الأخطار الطارئة وتقييم المخاطر والفرص في المكتبات، مؤكداً أن نظم الإدارة تُبنى مع بناء المنشأة بحدّ ذاتها وإلا فالمخاطر ستكون غير محدودة، كما أن المشاركة بين الموارد البشرية والعصف الذهني أمر مهمّ في تنظيم إدارة الجودة لوضع مصفوفة بالمخاطر المحتملة.
عُلا أحمد- لوردا فوزي