“الزنبيل”.. جمالها على رؤوس حامليها
صناعة مميّزة زيّنتها أنامل النسوة في ماضينا البعيد، واللواتي أبدعن في صناعتهن “للزنبيل” لتكون عتادهن وصندوق ماضيهن الجميل، يحملونه على رؤوسهن في بساتين التين والعنب، ماتت صناعة “الزنبيل” بموت كبيرات السن، في الوقت الحاضر، وحتّى في السنوات القليلة الماضية لم نجد من تجيد صناعته، وذلك يعود إلى أن مواد تصنيعه اندثرت منذ زمن بعيد فأصبح من الصعب على الجدّات تعليم من عاصرهن.
تقول سيدة كبيرة في السن بأنّ أشجار الرُّمان كانت أداة التصنيع، فبعد تقطيع أغصانها بشكل مستقيم ومتساو يتم وضعها في كميّة مناسبة من الماء، ويجب أن تكون خضراء، وتبقى ضمن المياه لمدّة أسبوع كامل حتّى تتحول قساوة تلك الأغصان إلى طراوة وليونة مناسبة جدّاً للاستعمال، وبعد ذلك تقوم النسوة بلف وبرم ونسج تلك الأغصان بعضها على بعض بشكل متشابك ودائري حسب الحاجة، وعملية تشابك الأغصان فيه الكثير من الصعوبة وتتطلب التأني والصبر والمعرفة التامة، وبإمكان من تقوم بصنع “الزنبيل” التفنن والتألق في التصنيع بحيث تقوم باختراع تصاميم وأنواع عديدة قد تكون دائرية أو مستطيلة وقد تكون على شكل مربع، فائدته الأساسية ترافق النسوة في سيرهن لبساتين الفواكه، توضع الفاكهة فيه للحفاظ على جودتها ولذتها بحيث لا تتعرض للتكسير والعجن مع بعضها، الفوهات الصغيرة في أسفل “الزنبيل” بمثابة المتنفس لتلك الفواكه، لن يصيبها أضراراً أو تعفناً مهما طالت فيه.
وخلال سردي للماضي عن “الزنبيل” فإن أجمل صوره منظر النسوة في سيرهن للبستان وهن يحملن تلك السلال على رؤوسهن عند الذهاب ومع المجيء، وهن يترنمن بالأغاني التراثية والفلكلورية. وفي ظل التطوّر الهائل والصناعات الحديثة التي أصابت كل مفاصل الحياة أصبح “الزنبيل” ذكرى مازالت في الأذهان وإرثاً من الماضي الثري في كل شيء.
عبد العظيم عبد الله