“اللغة العربية والشخصية الوطنية” في جامعة تشرين
اللاذقية – مروان حويجة
أوضح د.محمد إسماعيل بصل الأستاذ في قسم اللغة العربية بجامعة تشرين خلال الندوة الثقافية التي أقامتها الفرقة الحزبية في جامعة تشرين بعنوان “اللغة العربية والشخصية الوطنية” أنّ الشعوب تتعلّق بلغاتها، تدافع عن سلامتها وتدفع هناتها وأنّ اللغة وُجدت عندما وُجد الإنسان، فارتبط بها وارتبطت به، وارتقى بها وارتقت به، ثم طوّرها وساهمت في تطوره، فاللغة شخصية وسمات وخصائص، وبالتالي فإنها هوية وجسر يصل بين الحياة والفكر. وتحدث د.بصل عن أهمية اللغة في حياة الشعوب وشدد على أن استهدافها هو استهداف للذات الوطنية، كما أكد على أن الأمم لا ترتقي إلا بلسان أبنائها، ونوه إلى ضرورة الاهتمام باللغة العربية بهدف التقدم والخروج من الواقع العربي المحزن.
وأشار د. بصل إلى التحريف الذي كثر في الآونة الأخيرة، وذكر مجموعة من الأمثلة التي يلجأ فيها كثيرون إلى استخدام الفصحى لهجيا وتثبيت الأخطاء اللغوية في الكتابة والنطق. وأكد أن المشكلة ليست في اللغة بل في الناطقين بها والعربية ليست قاصرة في مسايرة متطلبات المكتسبات العلمية الحديثة. وعرّج على الحقبة المزدهرة في تاريخ الدولة العربية الإسلامية حيث كانت اللغة العربية واحدة من ثلاث لغات استولت على سكان العالم استيلاء لم يحصل عليه غيرها، فاللغة التي نقلت علوم أرسطو وأفلاطون وبطليموس وأبوقراط وجالينوس ليست عاجزة عن نقل علوم المحدثين.
وأكد د.بصل أن الاستثمار في اللغة يعني الاستثمار في بناء المشروع الإنساني الحضاري الذي يرفد الحضارة الإنسانية برمتها، حتى لا يبقى الإنسان العربي متلقّيا سلبيا لكل ما يُضخ في حياته المجتمعية. وختم بالقول: إن الخطر داهم على لغتنا لا محالة إن لم تُفعّل القوانين الناظمة لحمايتها، فليس من المنطقي أن تبقى بعض الشعارات والإعلانات والآرمات مزدحمة بالكلمات الأجنبية من دون ذكر للمقابِلات العربية في أضعف الإيمان بعد تشكيل لجنة التمكين للغة العربية التي صدرت بمرسوم جمهوري ويكون كل محافظ بموجب المرسوم رئيسا للجنة التمكين للغة، ناهيك عن الاستخدام السيئ للفصحى على ألسنة بعض الإعلاميين وبخاصة مع انتشار الإعلام الافتراضي الذي يغزو الحياة الثقافية والاجتماعية…فهل أصبح التزيّن بالأجنبي سمة الإنسان المتحضر في هذا العصر؟ أما آن لأصحاب هذا المنطق أن يدركوا أنّ استبدال الأحرف العربية باللاتينية لا يؤدي إلى تقدم وتحضّر وتمدّن، بل إلى عجز وعقم ودونية حتى في نظر أصحاب الأحرف اللاتينية أنفسهم، وإن التشبث باللغة القومية والعمل على دراسة خصائصها والبحث في سبل تطورها هو الطريق الآمن للشعوب نحو الازدهار والتقدم والنماء.