المخرج عبد السلام بدوي: “محروس وزهر البان” أسلوب جديد للتواصل مع الطفل
بعد انتهاء عروض مسرحية الأطفال “محروس وزهر البان” التي قدمت بنجاح على خشبة مسرح القباني مؤخراً، يشير مخرجها عبد السلام بدوي في حواره مع “البعث” إلى إيمانه بأن حضور الجمهور هو مقياس نجاح أو فشل العرض، لكنه بعد عرض “محروس وزهر البان” يمكنه القول إن المخرج أيضاً يستطيع أن يقيّم عرضه بعد تقديمه، وهو سعيد بأن عرضه بشهادة الجميع قُدم بمستوى عال، وهو موجّه للفئتين العمريتين الأولى والثانية، وقد أسعده كثيراً أن الكبار استمتعوا كثيراً به، وهذا ما لمسه أثناء العروض جميعها لأنه كان مكتمل العناصر: (نص، فكرة، ممثّلون، إضاءة، أزياء، مكياج، موسيقا، ديكور)، ويؤسفه أن جمهوره لم يكن كما يتمنى، وذلك يعود لأسباب كثيرة، أهمها عدم وجود ترويج إعلامي له بشكل كاف، إلى جانب ظروف الامتحانات عند الأطفال التي منعت تواجدهم، بالإضافة لأزمة المواصلات، منوّهاً إلى أن العرض كان من المفترض أن يُقدم في وقت سابق، إلا أن تأجيلات كثيرة تعرّض لها بسبب ظروف وباء كورونا، وظروف أخرى ليُعرَض في توقيت غير مناسب، ولكنه اضطر لقبوله بدلاً من إلغائه، مع إشارته إلى ضرورة برمجة عروض مسرح الطفل بشكل يتناسب مع العام الدراسي، ولذلك يتمنى أن يأخذ هذا العرض حقه من المشاهدة في محافظات أخرى ضمن مهرجان ربيع الطفل، لأن من حق المحافظات أيضاً أن تطّلع على العروض المقدمة في دمشق.
التواصل مع الطفل
ويؤكد بدوي أنه قدم هذا العرض بأسلوب جديد حقق فيه التواصل مع الطفل من خلال لعبة داخل لعبة، بحيث شعر الطفل أنه يشاهد جزءاً من تدريبات العرض، وهي مرحلة لا يشاهدها الطفل الذي اعتاد أن يدخل ويجلس في المسرح إلى أن تنطفئ الأنوار وتبدأ المسرحية، أما في “محروس وزهر البان” فقد دخل الطفل والأنوار مضاءة، وقد انتشر الممثّلون بين الأطفال، يتكلمون معهم لكسر الحاجز بينهم وبين الأطفال، وتمهيداً لتهيئتهم لتلقي العرض المسرحي قبل مخاطبته مباشرة لمتابعته، وليعود التفاعل المباشر بين الجمهور والممثّلين من خلال مسابقة افترضَتها الأحداث، وتمت مشاركة الجمهور فيها، وهذا ما جعل المُشاهد لا يشعر بمرور الوقت.
المتعة والفائدة
ويؤكد الفنان عبد السلام بدوي أنه يحترم عقلية وذهنية الطفل، وضرورة اللعب معه على خشبة المسرح، مشيراً إلى أن مسرح الطفل يعتمد على مبدأي المتعة والفائدة، وعندما تتحقق هذه المعادلة يستمتع الطفل ويكون راضياً عما يشاهده، منوّهاً إلى أنه توجّه من خلال هذه المسرحية للفئة العمرية الأولى (بين 6 و12 سنة)، وهذا ما جعله يمهّد لها، وأسعده أن الأطفال تفاعلوا معها بجرأة ودون خوف، موضحاً أنه اختار هذه الفئة لأنها أكثر فئة مظلومة في حياتنا، حيث يتم تجاهلها عن غير قصد بعروضنا، ولذلك غالباً ما تتوجّه لمسرح العرائس من باب إشباع الرغبة، وهذا ظلم يتعرّضون له، من هنا كان إصراره على تقديم عرض يتناسب مع أعمار هذه الفئة بتقديم موضوعات تخصهم لتعزيز الثقة فيهم، لذلك عاشت هذه الفئة العمرية لحظات جميلة في هذا العرض، وهذا أدى إلى وجود تفاعل جيد من قبلهم.
رؤية فنية
ويشير بدوي إلى أنه بحث في نصوص كثيرة لاختيار عرض مناسب للفئة المستهدفة، وقد أرسل له الكاتب نور الدين الهاشمي أربعة نصوص، منها “محروس وزهر البان” الذي قدمه برؤية فنية من خلال توليفة شاهدها الطفل في العرض، واختار الممثّلين المشاركين من خلال عمله على الشخصيات، ومن ثم العمل على إعداد الممثّل، فتم التوصل لنتيجة جيدة على صعيد التقارب بين شخصية الممثّل الحقيقية وشخصيته في النص، لذلك اختار الفنان عمر مولوي لشخصيته الحقيقية القريبة من شخصية محروس، والفنان غسان الدبس لشخصية الوزير الحكيم بشعره الأبيض، والفنان محمد سالم بشخصيته الجدية لشخصية الملك، والفنان الشاب إسماعيل هابيل بحيويته لدور شقيق زهر البان التي أدتها الفنانة مادونا حنا بوجهها الطفولي، وبذلك قرّب بدوي بين شخصية الممثّل الحقيقية والشخصية في النص، وتحقق كل ذلك من خلال العمل كورشة عمل كان المجال فيها متاحاً لكل ممثّل بتقديم كل ما لديه من أفكار واقتراحات تم اعتمادها في سبيل تقديم عرض مسرحي موجّه للأطفال بعيداً عن الأنانية بفضل التعاون الذي كان قائماً بين الجميع، وبهدف إيصال فكرة العرض الموجّه للطفل والأهل، وهي تحفيز الطفل على تغذية الروح والعقل من خلال الموسيقا والقراءة والفن.
ويختتم المخرج عبد السلام بدوي كلامه مؤكداً أنه كمخرج يسعى دوماً إلى تقديم أشكال جديدة، والانتقال بين الفئات العمرية كلها، متمنياً في المستقبل تقديم عرض يليق بطريقة تفكير اليافعين دون أن يخفي أن هذه الفئة تحتاج لأعمال مُتقنة لخصوصية هذه المرحلة في عمر الطفولة، مع إشارته إلى أن نصوص هذه المرحلة مازالت قليلة جداً، ويسعده أن بين يديه اليوم نصاً مناسباً سيعمل على تنفيذه في الموسم القادم.
البطاقة الفنية للعرض
التأليف الموسيقي: سامر الفقير، تصميم الإضاءة: بسام حميدي، تصميم المكياج: منور الخطيب، تصميم الديكور والأزياء: محمد كامل، هندسة الصوت: فؤاد عضيمي، تصميم الحركة: جمال تركماني، مساعد مخرج: عمر فياض، كلمات الأغاني: ماهر إبراهيم، غناء: ديمة زين الدين، وعهد أبو حمدان، فوتوغراف: يوسف بدوي.
أمينة عباس