د.مهدي العش يحاضر عن مستويات تعلم العربية لغير الناطقين بها
مصطلح الكفاية مشتق من الفعل كفى بمعنى يكفي ويغني عن غيره، وورد لفظه في القرآن الكريم في سورة البقرة “فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم” بهذا التعريف استهل د. محمود السيد المحاضرة التي ألقاها د. مهدي العش بعنوان “الكتابة في العلوم الإنسانية من منظور حركة الكفاية اللغوية” في مجمع اللغة العربية. وقد ناقشت برامج وآليات تعليم اللغة العربية غير الناطقين بها وفق مستويات عدة من واقع ومعايير الاختبار والأسئلة البحثية، والأمر اللافت أنها طالت مسائل تتعلق باللغة العربية الفصحى والناطقين بها.
الكفاية والكفاءة
استهل د. العش المحاضرة بشرح مصطلح الكفاءة والفرق بينه وبين الكفاية، فالكفاءة عامة والكفاية خاصة، إذ توجد كفاية ثقافية وكفاية اجتماعية وكفاية مفرداتية وغيرها، ومجموع الكفايات تشكّل مصطلح الكفاءة العامة الشاملة، ومنها إلى مجالات استخدام اللغة وتتضح في الموضوعات والأفكار التي يستطيع أن يتعامل معها الطالب في مجال الذات في المستوى المبتدئ بعدد الكلمات التي يعرفها مثل أسماء أيام الأسبوع والأشهر، ثم تأتي المفردات والتراكيب في السياق والمحتوى للتعبير عن وظائف اللغة في المستوى المتوسط وما فوق، وبعدها السلامة اللغوية ويخلطون فيها بين الدقة والسلامة اللغوية، ونوّه د.العش إلى احتمالية وجود الخطأ، ليتوقف من خلال تجربته العملية بمطالبة الطلاب كتابة يومياتهم، فاكتشف طلابه أن هناك أشياء كثيرة يكتبونها، وتابع عن الوظيفة اللغوية الخاصة بكل مستوى من مستويات تعليم اللغة العربية غير الناطقين بها، إذ ينتقل المتعلم من مستوى المبتدئ بالتدرج ليصل إلى متقدم وكل مستوى له درجات، مثلاً متوسط أول إلى متوسط أوسط، إلى متوسط أعلى، والمتميز يعد أعلى المستويات.
استثارة الأفكار
وشرح أيضاً المهام اللغوية وتأتي متدرجة مثل الوصف والربط إذ يتعلم الطلاب أدوات الربط فيحفظونها ويطبقونها مثل “بيد أن” وغيرها، أما القدرة اللغوية فيندرج ضمنها الخيال وطرح الأفكار وترتيبها، والعملية الكتابية وتتعلق باستثارة الأفكار بكتابة كل ما يتعلق حول مفردة ما، فتوقف د.العش عند تجربته باختيار مفردة مثل “ورق” إذ طلب من طلابه كتابة ما يجول بخاطرهم حول الفكرة ففوجئ بالنتائج الجيدة. ويأتي بعدها جمع المعلومات وتنسيقها وغربلتها، واختبار الطلاب بكتابة المسودة ثم تعديلها وتنقيحها وصولاً إلى صياغة النتيجة النهائية، وتطرق إلى اختيار المفردات من الشبكة الدلالية مثل قعد وقعود وتقاعد. وكانت الأساليب البلاغية ضمن المحاور وبيان الفروقات بين الأسلوب الخبري والأسلوب الإنشائي إضافة إلى الترتيب الزماني والمكاني، وفصّل د.العش دور المصحح بالتقييمات وتقسيماتها بين الممتاز والجيد والمقبول والضعيف وغير المقبول لمن يخرج عن الموضوع. كما ناقش مسألة اللغة العربية التي يتعلمها الطالب الناطق بالعربية في المدرسة، أما اللغة الأولى فهي التي يلتقطها من البيئة الأولى التي يعيش فيها مثل العامية الشامية أو الحلبية أو الحمصية.
الخروج من المحلية
وتوقف عند مكانة اللغة العربية الفصحى فهي هوية الناطقين بها والجامعة لهم مستحضراً تجربة قناة الميادين التي خرجت من إطار المحلية إلى الوطن العربي باستخدامها اللغة العربية وبطرح قضايا عامة. وتحدث د.العش عن أمريكا التي تعمل على محاولة تدريس اللهجات مثل اللهجة المصرية أو الخليجية وغيرها، وهذا مرفوض لأنه نوع من التشظي والتمزق.
تعميمها
في نهاية المحاضرة أثنى د.محمود السيد على ما قدمه د.العش، ورأى أن من المفيد تعميمها على وزارة التربية ليستفيد منها المدرسون في تعليم اللغة العربية لأبنائها في مجال الكتابة الواضحة والتسلسل المنطقي، وتوقف عند ملاحظة وردت في المحاضرة فمصطلح اللغة الأم يعني اللغة العربية الفصيحة، أما لغة الأم فقد تكون اللهجة العامية أو الأمازيغية أو الكردية أو الأرمنية وغيرها من الشرائح التي تعيش في الوطن العربي، وأوضح خطأ استخدام اللغة العامية فالعامية ليست لغة وإنما لهجة. وشكر د.العش على تفسير كل مستوى من مستويات تعليم اللغة العربية غير الناطقين بها وتدرجاتها، ليصل إلى أن الانتقال من المحسوس إلى المجرد هو من أكبر المشكلات التي نعانيها في تعليم اللغة العربية غير أبنائها.
وقد أجمع الحاضرون على تعميم المحاضرة للإفادة منها، وطالب د.العش د.منيرة فاعور رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة دمشق بإلقاء محاضرة عن الأساليب البلاغية في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
الجدير بالذكر أن د.مهدي العش أستاذ جامعي وباحث، ومدير برنامج تعلم اللغة العربية عن بعد في الجامعة الافتراضية لهذا العام، ويحمل الدكتوراه في تعليم اللغات الأجنبية من جامعة أوهايو في أمريكا في عام 1987، وشغل مناصب عديدة، وشارك في تعريب مسلسل الأطفال الأمريكي “افتح ياسمسم” ومدير برنامج اللغة العربية في قسم لغات الشرق الأدنى في جامعة أوهايو الحكومية، ورئيس الرابطة الأمريكية لأساتذة اللغة العربية منذ عام 1995، وهو أستاذ مشارك في علم اللغة التطبيقي واللغة العربية في جامعة أوهايو، وأنشأ أول برنامج لتعليم اللغة العربية في مستويات عليا للطلاب الأمريكيين في جامعة دمشق بالتعاون مع جامعات أمريكية ودوائر حكومية منذ عام 2002حتى 2007 وغيرها.
ملده شويكاني