بداية غير مبشرة من “غرف التجارة”..!.
حسن النابلسي
لعل ما أثاره التجار مؤخراً من جدل حول توقيف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية إجازات الاستيراد فجأة لمواد حصلت على موافقات ووصلت إلى المرافئ بإجازات نظامية، لتؤكد الوزارة بدورها أنه تم منح التجار المستوردين مهلة شهرين لتسوية أوضاع بضائعهم التي مُنع استيرادها مؤخراً، وتخليصها جمركياً، يشي باستمرار العقلية التجارية الرامية إلى إغراق البلاد بالمستوردات على حساب تفعيل الإنتاج..!.
للأسف، لسان حال التجار يقول دائماً: “افتحوا باب الاستيراد على مصراعيه” بحجج واهية من قبيل تأمين احتياجات البلاد تارة، وشرعنة دخول المواد المهربة من خلال استيرادها بشكل نظامي، وبالتالي الاستفادة من رسومها الجمركية تارة أخرى، وغيرها من الحجج التي لم تعد تنطلي على أحد..!.
ربما ما زاد طين الاستيراد بلة هو تحول كثير من الصناعيين إلى تجار، ما بات يهدد الإنتاج المحلي بشكل مضاعف، جاهلين أو متجاهلين أن الاقتصاد الوطني يمر بمرحلة استثنائية أحوج ما نكون فيها للإنتاج، وجاهلين أيضاً أن توطين أية صناعة، مهما كانت تكلفة إنتاجها عالية محلياً، أفضل بكثير من استيراد هذا الإنتاج مهما كان بسيطاً، إذ أن توطينها يعني بالمحصلة إمكانية التطوير وتخفيض التكلفة إذا ما استمر الإنتاج من جهة، وإعلاء شأن الصناعة المحلية لاحقاً من خلال ووسمها بـ”صنع في سورية” من جهة ثانية..!.
ويتجاهل التجار أيضاً أن فاتورة الاستيراد تناهز الـ 5 مليارات دولار سنوياً في وقت تضغط الوزارة باتجاه تخفيض هذا الرقم بغية تخفيض الضغط على سوق القطع ما يتمخض عنه من ضغوطات ليست بالقليلة على سعر صرف الليرة، وذلك من خلال دأبها – أي الوزارة – على إنجاح برنامج “إحلال بدائل للمستوردات”، وقد نجحت بهذا الأمر إلى حد ما، لكن على ما يبدو أن التجار لم يضطلعوا بعد بمبدأ التشاركية مع الحكومة ومساعدة الأخيرة ممثلة بوزارة الاقتصاد على تنفيذ هذا البرنامج المعوّل عليه تفعيل الإنتاج المحلي، وتخفيف الضغط عن الليرة..!.
تبقى الإشارة إلى أنها بداية غير مبشرة من قبل الأعضاء الجدد لغرف التجارة، فهذا الموقف يعطي انطباعاً بتمسكهم بمصالحهم الضيقة، وتأكيداً بإسقاط التصدير كركن موازٍ للاستيراد من قاموسهم..!.
hasanla@yahoo.com